الجسر الحجري العتيق، جسر "عين ديوار"، يتوسط الحقول الخضراء كحارسٍ أمين يراقب بصمت سنابل القمح والشعير.
«إن جسر "عين ديوار" هو بقايا جسرٍ قديم أُقيم على نهر "دجلة" إلى الشمال من قرية "عين ديوار" حيث يمر من شمال النهر الذي غيّر مجراه عن الجسر شمالاً؛ ويقع بالقرب من "جزيرة ابن عمر"».
إن جسر "عين ديوار" هو بقايا جسرٍ قديم أُقيم على نهر "دجلة" إلى الشمال من قرية "عين ديوار" حيث يمر من شمال النهر الذي غيّر مجراه عن الجسر شمالاً؛ ويقع بالقرب من "جزيرة ابن عمر"
بهذه الكلمات بدأ الدكتور "سليمان إلياس" رئيس مكتب التنقيب والبحث الأثري بالقامشلي حديثه عن ذلك المَعْلَمْ الأثري؛ وأضاف قائلاً: «اسمه الحقيقي جسر "عين ديوار" وليس كما يَطلق عليه البعض "جسر الرومان" فهو جسرٌ إسلامي بامتياز ومن روائع العمارة الإسلامية القديمة ويُعد من الآثار الهامة والبارزة في محافظة "الحسكة" كان مؤلفاً من عدة قناطر صخرية عالية وشكّل أحد المعابر الرئيسية لطريق الحرير ما بين الشرق والغرب؛ حيث كان هذا الجسر في الماضي ممراً لكل القوافل التجارية التي كانت تعبره من الشمال إلى الجنوب وبالعكس وذلك من خلال "جزيرة ابن عمر" والتي كانت بدورها مركزاً نشطاً تجارياً وزراعياً لإحدى الإمارات ذات الشأن الكبير خلال تلك الحقبة».
وجاء في كتاب "ابن الأثير" ما يلي: «إن "جمال الدين أبو جعفر بن علي بن أبي منصور الأصفهاني" الوزير عند "قطب الدين" صاحب "الموصل" قد قام ببناء جسرٍ لم يُر مثله على "الدجلة" عند جزيرة "ابن عمر" وذلك عام /559/ هجري؛ المصادف لعام /1164/ ميلادي».
ويعود الدكتور "إلياس" للتحدث عن الأجزاء المتبقية للجسر قائلاً: «كل ما تبقّى من الجسر هو عبارة عن أربع ركائز وقوس مستند على الركيزتين الشمالية والجنوبية فتحته قدرت بـ/21.6/ مترا وارتفاعه /12.35/ مترا؛ مبني بأحجار البازلت منتظمة الأبعاد وفي الركيزة الجنوبية للقوس ومن جهة الشرق وعلى الأضلاع الثمانية تم توزيع منحوتات الأبراج الفلكية بمعدل منحوتة لكل ضلع من أضلاع هذه الركيزة».
بدوره الآثاري "درغام محمد" أحد المُشرفين على ترميم جسر "عين ديوار" تحدث قائلاً: «كان الجسر مؤلفاً من ثلاث قناطر؛ الأولى ارتفاعها /16/م وعرضها /11/م والثانية بعرض /22/م والثالثة بعرض /66/م ولم يبق من القناطر الثلاث إلا واحدة وهي الوسطى مع الأبراج الفلكية الاثني عشر التي تدل على عدد أشْهر السنة. بني الجسر من الأحجار البازلتية السوداء والجص في هندسة رائعة؛ والمميز أن لكل حجر رمز ويقابله حجر آخر من الطرف الآخر للجسر وله نفس الرمز، وعلى جانب الجسر (القنطرة) تقع الأبراج الاثني عشر المنحوتة بحرفية عالية ومازالت إلى يومنا هذا شاهد عيان على روعة العمارة الإسلامية ودقتها وإبداعها في ذلك العهد، ولكن للأسف بسبب الجهل للقيمة التاريخية وأهمية هذا الصرح الأثري امتدت يد البشر إليها وسرقت منها ما سرقت دون أية محاسبة فلم يبق منها إلا ما ندر وما بقي فهو ناقص».
ويضيف: «لذلك قامت ورشة الترميم باستكمال الأجزاء الناقصة وتثبيتها في الجدار المخصص بعد إحاطتها بشبك حديدي لمنع الناس من العبث بها أو الكتابة عليها، كما قمنا وبإشراف مديرية الآثار في "الحسكة" بترميم سطح الجسر عن طريق رصْفه بالحجارة البازلتية والجص لإعادته بشكلٍ تقريبي لهيكله وتكوينه الأولي بعد أن تعرض للانهيار والتآكل بسبب الظروف الجوية، وأيضاً لسهولة الوصول إليه عبر الأراضي الزراعية قمنا بتعبيد الطريق المؤدي إليه وإزالة الأعشاب والشجيرات الصغيرة من محيطه ثم نثر الرمل حوله حتى لا يفقد قيمته التاريخية».
ويختم حديثه بالقول: «يعتمد هذا الجسر على مبدأ الضغط والثقل؛ فكلما خفّ الوزن المتوضّع على سطحه كلما تعرّض للانهيار والانهدام، لذلك عمدنا إلى تثقيله بالحجارة البازلتية وإعادة تكوينه وترميمه من جديد؛ حيث ملأنا الحفر والتشققات ليتماسك أكثر وليصمد أكبر وقتٍ من الزمن في وجه الظروف الجوية».