للسنة الرابعة على التوالي، تم اختيار البروفيسور السوري مصعب القسيم ضمن قائمة أفضل 2٪ من العلماء في العالم، الصادرة عن جامعة ستانفورد الأمريكية، وهوتكريم عالمي رفيع يعتمد على مؤشرات بحثية دقيقة مثل عدد الاستشهادات العلمية وجودة الأبحاث المنشورة، إلى جانب معايير علمية أخرى معتمدة لتقييم الباحثين حول العالم.

ويعمل البروفيسور القسيم حاليًا أستاذًا مشاركًا في قسم الهندسة النانوية ومواد هندسة المواد المتقدمة بجامعة سيجونغ في العاصمة الكورية سيؤول، وقد اشتهر بأبحاثه المتميزة في مجالات التآكل، والأكاسيد، والبوليمرات القابلة للتحلل، والتعديلات السطحية للمواد، إضافةً إلى مواضيع علمية متطورة أخرى.

الدرس الأول في الكيميا

ينحدر البروفيسور مصعب القسيم من مدينة بصرى الشام في محافظة درعا جنوب سورية، وقد حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الكيمياء من جامعة دمشق.

البروفيسور مصعب القسيم

ويتحدث القسيم لمدونة وطن قائلًا: "الدرس الأول الذي تعلمته من الكيمياء هو محاولة الوصول إلى التوازن في جميع الأمور المادية والمعنوية، فالتوازن يحقق للإنسان الاستقرار ويضمن له السعادة. ومن الدروس التي تعلمتها من الكيمياء التفاعل مع الآخرين وتكوين روابط معهم، وهذه من الحكم التي أرادها الله من خلق الناس مختلفين. تعلمت من الكيمياء أن الاتحاد قوة، والتفرقة ضعف."

وأضاف :"تعلمت عدم التكبر والتواضع، فأصل البشر واحد، فاللون والعرق ليسا ميزة تفضيل، لأن الإنسان يتميز بما يحصل عليه من علم ومعرفة بجهده وسعيه لصقل نفسه بالعلم والإيمان والتقوى."

الشيخ أحمد القسيم

قائد علمي متميز

الدكتور القسيم في جامعة سؤول

على مدى مسيرته الأكاديمية، قدم القسيم أكثر من 170 بحثًا علميًا محكمًا في مجلات دولية مرموقة، كما حصل على جوائز لأفضل أبحاث علمية على مستوى العالم، إضافةً إلى جائزة أفضل محاضر في جامعات ومؤتمرات اليابان وكوريا الجنوبية.

وقد تم اختياره ضمن قائمة ستانفورد–إلسيفير لأفضل 2 بالمئة من العلماء الأكثر تأثيرًا في العالم للسنة الخامسة على التوالي**، تقديرًا لمساهماته البحثية البارزة.

يقول القسيم عن مسيرته العلمية:"درست في بلدي الحبيب سورية، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة دمشق، ثم انتقلت إلى كوريا الجنوبية مطلع عام 2013، وعملت باحثًا ومدرسًا في جامعة يونغنام حتى عام 2018. وأشغل حاليًا منصب أستاذ مشارك في قسم هندسة النانوتكنولوجيا والمواد المتقدمة بجامعة سيجونغ في سيؤول."

ويتابع حديثه : "تركزت أبحاثي في تطوير الطلاءات الذكية والمتعددة الوظائف لمنع التآكل، إلى جانب التطبيقات الحيوية والبيئية من خلال تقنيات الأكسدة الكهربائية بالبلازما والطبقات المزدوجة الهيدروكسيدية. وقد قدت مشروعات بحثية في كوريا الجنوبية بتمويل تجاوز نصف مليون دولار، كما حصلت على براءتي اختراع في مجال الطلاءات الهجينة لسبائك الألمنيوم. تجاوز عدد الاستشهادات بأبحاثي 9000 استشهاد، واختيرت رسوم أبحاثي أغلفةً لعدد من المجلات العلمية العالمية."

نال القسيم العديد من الجوائز والتقديرات العلمية، منها:

أفضل محكم في مجلة "المغنزيوم وسبائكه" لعدة سنوات و جائزة أفضل محرر شاب في العديد من الدوريات والمجلات العلمية وحصل على براءات اختراع عالمية في تحضير طبقة طلاء من سبائك الألمنيوم دون تشقق، وطريقة تحضير طبقة طلاء أكسيد هجينة لسبائك الألمنيوم.

ويشغل حاليًا منصب رئيس مخبر التآكل والكهروكيمياء في جامعة سيجونغ بسيؤول، ويشرف على طلبة الماجستير والدكتوراه، فضلًا عن عمله محكمًا علميًا في أكثر من 50 مجلة علمية متخصصة في مجالات المواد والتآكل والأسطح.

حب المعرفة والمثابرة

يقول الأستاذ يوسف الدوس، مدرس الفيزياء والكيمياء في مدارس بصرى الشام، عن تلميذه النجيب:

"يُعتبر مصعب مثالًا للطالب المجتهد منذ أيام دراسته الأولى. اتصف بالمتابعة وحب المعرفة، ويُعد إبداعه العلمي تجسيدًا حقيقيًا لسنوات المعاناة في سورية سابقًا، ومثالًا حيًا لقدرة الإنسان على تحقيق الطموح بالعزم والإصرار. إنه من الخبرات الوطنية العلمية الفذة التي خسرتها سورية، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى مثل هذه الكنوز الفكرية والعلمية لإعادة الإعمار والبناء ورسم خريطة سورية الجديدة."

كما قال الشيخ أحمد القسيم:

"شهادتي بمصعب تأتي من خلال نشأته، حيث كان يختلف عن أقرانه في الحي. كان يتابع بشغف كل ما يدور حوله، ويسعى دائمًا للبحث عن كل جديد، ويرصد جوانب متعددة ويوثق تحولات كبيرة. نضج منذ صغره على حب العلم والمعرفة، في تأطير لحالة فردية أبدعت عندما تهيأت لها الظروف."

خدمة إنسانية ووطنية

يؤكد البروفيسور القسيم أن إبداعه العلمي ليس إلا خدمة إنسانية للبشرية جمعاء، مشددًا على أن "سورية تبقى معشوقته الأولى".

ويختم حديثه قائلًا: "سأعود إلى حضنها الدافئ في أقرب وقت، لأن كل عالم يجب أن يعطي بلده أولًا، والعالم ثانيًا."