شهدت مدينة "حلب" ولادة فكرة تأسيس أول رابطة لحكام كرة القدم القدامى، بالتزامن مع عودة عدد كبير منهم من بلاد الاغتراب، في خطوة تهدف إلى تعزيز التواصل بينهم، ومتابعة أوضاعهم الاجتماعية والصحية، ومدّ يد العون لمن يحتاج منهم الدعم في هذه المرحلة العمرية.

من الفكرة إلى التنفيذ

تضم "حلب" أكبر عدد من الحكام المتقاعدين على مستوى القطر، إذ يزيد عددهم عن ستين حكمًا على قيد الحياة، وقد جمعهم منذ أكثر من عام ونصف كروب على تطبيق "واتساب"، يتبادلون من خلاله التحية والاطمئنان والمناقشات حول الشأن التحكيمي المحلي والعالمي، إلى أن طرح الحكم المتقاعد "محمود هنداوي" (76 عامًا) فكرة اللقاءات الدورية قائلًا:"لماذا لا يكون لنا لقاءات تجمعنا ولو بسهرات منزلية شهرية؟"

ولقيت الفكرة ترحيبًا واسعًا من جميع الأعضاء، الذين اتفقوا على دراسة مقترح تشكيل رابطة تجمعهم وتنظم لقاءاتهم بشكل دوري.

بعض الحكام القدامي

بادر الحكم الدولي المتقاعد "أحمد دلو" (59 عامًا) إلى استضافة الاجتماع الأول في منزله، غير أن ضيق المكان مقارنة بعدد الراغبين بالحضور دفع الحكم المتقاعد "إسماعيل فارس" (60 عامًا) لاقتراح إقامة الاجتماع في مقر نادي "الحرفيين الرياضي الصيفي" بحي "الجديدة" وقد رحّبت إدارة النادي واستعدّت لتوفير جميع التجهيزات اللازمة لإنجاح اللقاء.

عُقد الاجتماع بتاريخ 18 آب 2025 بحضور 23 حكمًا متقاعدًا، بإشراف الكابتن "أحمد دلو" والإعلامي "عبدالله مروح"، وبالتعاون مع الكباتن "زهير"، "بشار الحاج علي"، و"عبدالله الناصر".

من اجتماع الرابطة

وخلال الاجتماع، تم الاتفاق على:عقد اجتماع دوري كل شهر مرة وتشكيل لجنة اجتماعية لتفقد أحوال الحكام المرضى، ضمّت كلًّا من: "أسعد عريان"، "نزار وتى"، "زياد الشيخ عمر"، و"أسعد رمضان" ومتابعة الإجراءات الرسمية لتأسيس رابطة تحت إشراف وزارة الرياضة، عبر فرع مديرية الرياضة والشباب في حلب.

كما تم بالإجماع تسمية الكابتن "أحمد دلو" أمينًا للصندوق، والزميل "عبدالله مروح" منسقًا إعلاميًا للرابطة، بعد أن أدار الاجتماع الأول بنجاح أثنى عليه جميع الحاضرين.

الحكام القدامي خلال اجتماع الرابطة

اعتماد الاسم وتوسيع النشاط

تتابعت خطوات التأسيس بعقد الاجتماع الثاني بتاريخ 23 أيلول 2025 في "منتدى كناريا" بحي السريان، بحضور 26 حكمًا متقاعدًا. وتركزت المناقشات على سبل دعم التحكيم الحلبي وتطويره، وتقديم المشورة للجنة الحكام الفرعية العاملة.

وفي هذا اللقاء تم الاتفاق على: اعتماد الاسم الرسمي للرابطة: "رابطة الحكام القدامى وإنشاء صفحة إلكترونية وشعار (لوغو) يمثلها إضافة إلى تأسيس صندوق مالي من اشتراكات الأعضاء فيما تم تأجيل انتخاب مجلس الإدارة إلى الاجتماع الثالث القادم.

واختُتم الاجتماع بوصلة طربية للفنان "زاهد بيرقدار"، وسط أجواء من الود والحنين والذكريات.

ضمّ اللقاء عددًا من أبرز حكام "حلب" عبر الأجيال، من بينهم:الكابتن "أسعد عريان" (87 عامًا)، أكبر الحاضرين والمرشح لمنصب الرئيس الفخري للرابطة.

الحكم الدولي السابق "نزار وتى" والحكام الدوليون "يوسف شيخو"، "خالد دلو"، "شاكر حميدي"، "عبدالله الناصر"، "أحمد قزاز"، و"عبدالله بصلحلو" والحكم المتقاعد المحامي "عبيد الكاسم" (44 عامًا)، وهو أصغر الأعضاء سنًّا.

وقد عبّر الجميع عن سعادتهم بهذا اللقاء الذي أعاد لهم أجواء التحكيم وأيام الملاعب التي جمعتهم لعقود طويلة.

رابطة للمحبة والوفاء الرياضي

الحكم الدولي السابق نزار وتى (76 عامًا) وصف المبادرة في حديثه لمدونة وطن بأنها ناجحة ومؤثرة، وقال:"نحن إخوة وأصدقاء قبل هذا الاجتماع وبعده، عملنا معًا في سلك التحكيم لأكثر من ثلاثين عامًا، ومثلنا مدينتنا (حلب) خير تمثيل على مستوى القطر. خرجنا الكثير من الحكام الدوليين الذين بصموا في الساحات والملاعب. جميل أن نجتمع اليوم بعد هذا الغياب الطويل، وعلينا أن نساعد أبناءنا الحكام الصاعدين ونقدّم لهم خبرتنا ونصحنا".

أما الحكم الدولي السابق عبدالله الناصر (58 عامًا) فقال:"الاجتماعان الأول والثاني كانا ناجحين بكل المقاييس، ولدينا الكثير من الأفكار المستقبلية لتفعيل عمل الرابطة بخطوات مثمرة. ويكفي أننا التقينا بعد غياب سنوات بسبب مشاغل الحياة، ويبقى همنا الأول إعادة التألق لحكام حلب من خلال تقديم خبرة القدامى إلى الجيل الجديد".

بدوره عبّر الحكم الدولي السابق أحمد دلو (59 عامًا) عن فرحته الكبيرة قائلًا: "أنا في منتهى السعادة برؤية زملائي القدامى بعد عشرات السنين. سنستمر في عملنا بدعوة كل الحكام القدامى من حلب ومن المحافظات الأخرى وبلاد الاغتراب. هدفنا دعم التحكيم الحلبي والسوري، وتفقد أحوال زملائنا المرضى والاطمئنان عليهم".

الحكم المتقاعد محمد ثابت شعبوق (70 عامًا) استعاد ذكريات الماضي قائلًا:"في السابق، كانت لنا مثل هذه الجلسات بعد كل مباراة محلية أو سفر، نناقش فيها ما حدث في الملعب من إيجابيات وسلبيات وأضاف..تكرار هذه الاجتماعات اليوم حالة صحية ونظيفة، وفيها الكثير من الود وصلة الرحم بين جيل الحكام القدامى. يحق لنا أن نفرح بلقاء رفاق الدرب بعد هذا الغياب".

أما الحكم المتقاعد أسعد رمضان (52 عامًا) فقال: "حضرت الاجتماع الأول والثاني، والتقيت بزملائي القدامى وتبادلنا الذكريات والحديث التحكيمي وسبل تطويره. سنبذل كل الجهود لضمان استمرارية اجتماعاتنا بشكل دوري ومنظم".

بهذه الخطوات المتتابعة، يؤسس حكام "حلب" القدامى لرابطة تجمعهم وتعيد لهم روح العائلة الرياضية التي عرفوا بها في الملاعب السورية.

وتهدف "رابطة الحكام القدامى" إلى الحفاظ على إرث التحكيم الحلبي، وتقديم الدعم المعنوي والاجتماعي لأعضائها، ونقل خبراتهم الواسعة إلى الأجيال الجديدة من الحكام، في رسالة وفاء وعطاء مستمرة لمدينة طالما كانت منارة لكرة القدم السورية.