«قصة حب يختلط فيها الضوء مع العتمة، الذكر والأنثى، اليأس والأمل، ليل طويل لا نهاية له ولا يعرف الضوء لكنه يبصر الحب». هذا ما قاله المخرج "باسم قهار" بمسرحيته "أناس الليل" في "بروشور" العمل عن رواية الكاتب المغربي "الطاهر بن جلون"؛ "ليلة القدر" والتي قدمت ضمن فعاليات مهرجان "دمشق المسرحي الخامس عشر".
موقع eSyria بتاريخ 28/11/2010 كان حاضراً العرض المسرحي، وعن رسالة العمل ومقولته التي يطرحها حدثنا مخرج العرض "باسم عبد القهار" قائلاً: «يروي العرض المسرحي "أناس الليل" حكاية أب يصر على أن تكون ابنته السابعة صبياً ذكراً كي يرثه في مماته ويخلد اسمه عبر الاعتماد على شهادة ميلاد مزورة إلى أن تكبر الفتاة وتقع في حب رجل أعمى ما يؤدي إلى اكتشاف حقيقة الفتاة التي دارت أنوثتها 23 عاماً عن مجتمعها وأسرتها ومحيطها. وتتطور أحداث العرض وتتصاعد تدريجياً وفق موضوعها الدرامي وعلى تعاقب مسرحي من الرتم البطيء والهادئ ابتعد في معظم تفاصيله الدقيقة عن الصراخ مستخدماً نبرة شعرية آخذة تصاريح من أجواء رواية "ابن جلون" المكتوبة مطلع ثمانينيات القرن الماضي لتذهب إلى محاولة فهم الرجولة والأنوثة من خلال تشريح مشهدي ذي حساسية خاصة في مخاطبة الجمهور ومواجهته».
العرض لا يحمل أية هوية سورية أو عراقية أو مغاربية هو عرض إنساني مفتوح لكن في منطقة عربية إسلامية
وعن الرؤية الإخراجية للعمل قال: «تعاملت مع نص سردي قمت بإعداده للمسرح، حافظت على الرؤية السردية الروائية ولكن استعضت عنها بالتقطيع السينمائي وبث نوع من الحركة والعمل البصري لتهشيم البنية السردية في النص».
وأضاف مخرج العمل: «إن معالجة التفاصيل الدقيقة للعمل وحيثياتها وخصوصيتها تأتي من خلال تماسك وترابط الحكاية نفسها التي رأيتها في رواية "الطاهر بن جلون" بعد التصدي لإخراج رواية "تياترو" للكاتب السوري "فواز حداد" التي اعتمدت في إخراجها على منطق التوثيق التاريخي فيما جاء عرض "أناس الليل" بعيداً عن التبعية لزمن أو مكان معينين بالتعويل على سر آنية الأحداث وشفافيتها بعيداً عن الإفصاح المباشر».
وعن هوية العرض وهل ينتمي لمكان أو زمن محدد؟ أجاب قائلاً: «العرض لا يحمل أية هوية سورية أو عراقية أو مغاربية هو عرض إنساني مفتوح لكن في منطقة عربية إسلامية».
وعن أداء الممثلين وطريقة العمل المتبعة في هذا العمل قال: «تمكن الممثلون منذ بداية البروفات الأولى أي بروفات الطاولة أن يلتقطوا الحس لكل شخصية ومن تقديم حكاية الرواية الأصلية بأداء مسرحي درامي برتم حساس وتغنوا برتابة العمل وعمقه وتكويناته الصامتة والناطقة وفق أسلوب اعتمادي على تقطيع هادئ للجمل الممسرحة معوضاً عن البناء الدرامي الروائي بإنشاءات درامية صرفة وزعتها على الممثلين وفق تنويعات حركية تقاطعت بصرياً على خشبة المسرح».
أما مساعد المخرج "ضياء عيسمي" فحول رؤيته للعمل قال: «النص يختزن أفكارا وأسرارا وجدانية مؤلمة وحياة داخلية تعيشها شخصية العمل بشكل متحيز بعيدة عن التصريح مقتربةً من قافية التلميح الشعري وسط أجواء وأحلام كابوسيه تنهل من غموض العمى كرمز نفسي روحاني».
والتقينا الفنانة المسرحية "رائفة أحمد" خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية عام/ 1990/ فحدثتنا عن مشاركتها بالعمل، قائلة: «أنا سعيدة لمشاركتي في مهرجان دمشق المسرحي وبالتالي سعيدة أكثر بمشاركتي بهذا العمل المسرحي مع الأستاذ "باسم عبد القهار" في نص "أُناس الليل" أجسد شخصية "الجلاسة" أي "الكياسة" في حمام النساء والأخت الكبرى لأخيها الأعمى وحبها العنيف وغير السوي له، إلى أن تجتمع مع أحد النسوة في الحمام وتستقدمها لتساعدها في البيت بتلبية طلبات أخيها الضرير.... تنشأ علاقة بين الأخ والمرأة وترى الأخت من يقاسمها حب أخيها فتعمل على الانتقام من المرأة والعالم من خلال المونولوجات والفلاشات الخلفية، العمل إنساني يعتمد على الداخل الإنساني بما يحمل من هموم ومعاناة تعتمل بالداخل من جراء المحيط الخارجي، استمتعت بهذا العمل الذي يمس كما قلت الداخل وهذا ليس بالسهل وخارج عن المألوف والتقليدي بعمل الممثل، وهنا أفرز قدراتي في الصوت والتعبير والإحساس الداخلي"».
كما التقينا الممثل "حسام سكاف" خريج معهد "أورنينا" بإدارة السيدة "نائلة الأطرش" لمدة عامين، بعد اجتيازه للعديد من الدورات وكانت إحداها في "موسكو". حدثنا عن مشاركته قائلاً: «أجسد دور الأخ الأعمى الذي أطلقت عليه أخته تسمية القنصل وهو بالشكل الظاهر أعمى لكنه حاضر البصيرة وليس ضريراً تقليدياً وقد عملت على هذا الدور محاولاً تجسيد هذا النوع من فاقد البصر المتنور... وأردت أن أقول إن العمى عمى الرؤية والقلب كما يُقال، وقد حاولت تقديم كل إمكاناتي، طبعاً ساعدني المخرج بشكل كبير، وقد لمست من ردات فعل الحضور بالصالة أنني قد حققت ذلك».
والختام كان مع الفنانة المسرحية "فيحاء أبو حامد"، و"فيحاء" كممثلة لها تجارب عديدة مع عدد لا بأس به من المخرجين المسرحيين المهمين وحققت جوائز عدة كممثلة واليوم عن مشاركتها في هذا العمل حدثتنا قائلة: «هذه تجربة خاصة بالنسبة ليّ وهي تشكل نقلة نوعية في عملي كممثلة، خصوصاً وأنا أعمل مع مخرج مهم له باع طويل بالعمل المسرحي والدراما بشكل عام واستطاع بخبرته أن يضع فريق العمل ضمن فضاء الرؤية الإخراجية في المسرح والسينما وبما يتناسب مع النص المعد مسرحياً، ولا أخفيك أن العمل يحتاج إلى جهد ملموس وكبير من فريق العمل وبشكل خاص الممثل، خاصة أنني أجسد شخصية رئيسية في العمل وهي أحد المحاور التي وقع عليها فعل الآخر محولاً إياها من الأنوثة للذكورة كمسخ مشوه، ليرضي إرادته الجاهلة والمتخلفة والقائمة على وهم الرجولة والفحولة، وقد تطلب مني هذا الدور تجسيد الإحساس الأنثوي والذكوري من حيث المضمون أي الإحساس والشكل، الحركة في نسق الحدث والحوار، وهذه نقلة مهمة ضمن إطار تجاربي الكثيرة كممثلة وأطمح للأفضل».
