باب شرقي من الأبواب السبعة الأصلية للمدينة القديمة، بناه الرومان ويقال دونما إثبات أنهم أقاموه على أنقاض الباب اليوناني الأسبق، وربما كان الأخير قد شيده في موضع الباب الآرامي الأقدم لكننا لانملك دليل النفي أو الإثبات. حسب مايذكره الباحث التاريخي الدكتور "قتبة الشهابي".

موقع "eSyria" وللوقوف عند تسمية "باب شرقي" أحد أبواب دمشق القديمة أجرى عدة لقاءات وضحت تسمية "باب شرقي" بهذا الاسم، وهنا يقول الدكتور "قتيبة الشهابي" في حديثه عن أبواب دمشق القديمة: «إن باب شرقي هو الباب الذي نُسب إلى كوكب الشمس، ورمز له لها بالإله الإغريقي "هيليوس" راكباً على عربة تجرّها أربعة خيول وحول رأسه هالة مستديرة تنبعث منها حزم من النور، ويقابله عند الرومان إله الشمس "سول"».

إن باب شرقي هو الباب الذي نُسب إلى كوكب الشمس، ورمز له لها بالإله الإغريقي "هيليوس" راكباً على عربة تجرّها أربعة خيول وحول رأسه هالة مستديرة تنبعث منها حزم من النور، ويقابله عند الرومان إله الشمس "سول"

يتابع "الشهابي" حديثه حول الآراء المتعددة عن تسمية الباب، فيقول: «تعددت الآراء حول تسمية هذا الباب، فمنهم من يقول بأنه كان يعرف أيام اليونان السلوقيين ثم الرومان باسم "باب الشمس" لأنها تشرق عليه قبل غيره من الأبواب، ومنهم من يصر على أنه سمي بذلك لوقوعه في شرق المدينة، وكان العرب يعتمدون الجهات الأربع واسطة للتوجه، ويرد عليهم آخرون بقولهم لو كان الأمر كذلك لسموا باب "باب الجابية" الباب الغربي والباب الصغير الباب الجنوبي وهكذا».

وبنفس المجال يقول الأب الباحث "أيوب سميا": «إن اليونان رسموا فوق قوس رتاج الباب الشرقي نقشاً نافراً في الحجر صورة قرص الشمس تنبعث منه آشعة النور، وقد شاهده وذكره "ابن عساكر"، وقد استمر وجود هذه الرسوم في العهد الروماني لأنهم كانوا يعبدون ما يعبده اليونان الوثنيون ولكن بأسماء أخرى، كذلك أبقى العهد البيزنطي عليها ولم يغير إلا الشعائر الوثنية بشعائر دينية، واستمر تواجدها في العهود الإسلامية بدليل مشاهدة "ابن عساكر" لها».

ويطرح الأب الباحث "أيوب سميا" فرضية كون الاسم من العصر البيزنطي فيقول: سمي باب شرقي هكذا باللسان من اليونان البيزنطيين المسيحيين بعد أن ذهب من دمشق عصر الوثنية ومعه اسم "باب الشمس" الوثني، لأن منه كان يُذهب إلى مدينة في أقصى الغوطة شرقاً من وضع اليونان الوثنيين اسمها "أناثولي" ومعناها الشرقية، سمّوها هكذا لأنهم بنوها على الشاطئ الشرقي من القسم الشمالي من البحيرة المسماة اليوم "بحيرة العتيبة" التي تصب فيها فرعا نهر بردى، وهذه البحيرة تكاد تكون بحيرتين بواسطة وجود خصرٍ بينهما يشبه "البوغار"، وقد سميت هذه المدينة بالشرقية لأنها شرقية بانحراف إلى الشمال بالنسبة إلى مدينة بناها اليونان في نفس الزمان ولكن قبلها وضعوها على الشاطئ الشمال من القسم الغربي من البحيرة وسموها "ذورونياس"، تقوم على أنقاضها اليوم بلدة "العتيبة"، وقد ورد ذكر هاتين المدينتين في تاريخ كنائسي يوناني لمؤلفه "ذوكصا باتريس" البيزنطي المتوفي في الربع الأول من القرن العاشر المسيحي».

يتابع "سميا": بالأكثر كان اسم هذه الشرقية بالنسبة إلى عاهل "دمشق" لعامل هام شهر نسبة الباب إليها، وهو أن ذكرها كان مستفاضاً عند سريان دمشق "اليعاقبة" الذين كانوا يشكلون القسم الأكبر من مسيحيي دمشق قبل الفتح الإسلامي، والشرقية هذه غدت في ذلك الوقت من أكبر ملاجئ هؤلاء السريان الهاربين من الجزيرة بنتيجة اضطهاد الأرثوذكس الديني لهم، وكانت المواصلات دائمة بينهم وبين إخوتهم الدمشقيين من هذا الباب، ثم تواتر عندهم وبواسطتهم في دمشق اسم "باب الشرقية"، هذا وقد ذكر "الشرقية" واسقفيتها العالِم البطريرك "أغناطيوس أفرام الثاني" بطريرك السريان الكاثوليك المتوفي سنة 1930م في بحثه "أبرشيات الكرسي الانطاكي"».

عن تاريخ بناء باب شرقي يقول الدكتور "قتيبة": الباب الشرقي الحالي مشيّد في العهد الروماني أيام الامبراطور الروماني "سبتيموس سيفيروس" ثم في عهد ابنه "كاراكالا" أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الميلادي، وكان له شأن كبير في ذلك العصر، لذا فله قيمة تاريخية كبيرة، وهو الباب الوحيد الذي وصلنا كما تركه الرومان، ويتألف من ثلاث فتحات مقوسنة، أوسطها أكبرها، وعلى طرفيها فتحتان أصغر منها، واحدة إلى الشمال والأخرى إلى الجنوب، وهما يفضيان مباشرة إلى الرصيف وإلى رواقي الشارع المستقيم، وقد سُدت منه الفتحتان الوسطى والجنوبية في العصر الإسلامي، وتركت الشمالية مفتوحة كما يذكر مؤرخ دمشق الكبير "ابن عساكر"، ويرجع فن تحصين هذه الأخيرة إلى العصور الوسطى».

يتابع "قتيبة": من غير المعروف االيوم ما كان عليه ارتفاع هذه الفتحات بدقة، لأن منسوب الأرض ارتفع عما كان أيام الرومان، كما غطيت جوانبها بالتراب المتراكم عبر الحقب الطويلة، ويقدر المنجد ارتفاع الفتحة الشمالية بنحو 292سم وعرضها 288سم، أما ارتفاعها عند "فاتسنكر" فهو 317سم. تعود شهرة الباب الشرقي إلى أيام الفتح الإسلامي لدمشق، ففي سنة 14هـ طوقت جحافل المسلمين ابواب دمشق بقيادة "خالد بن الوليد" الذي نزل على هذا الباب بعد أن ضرب خيامه قبالته».

إن باب شرقي لم يخرب عند الفتح، واستمر على وضعه السليم خلال العهد الأموي حتى كان العهد العباسي سنة 132هـ حين نزل عليه القائد "عبدالله بن علي" ومنه دخل إلى المدينة وفتك بها وبأهلها ثم تحول إلى السور فهدم قسماً كبيراً منه، وقيل بل نقضه حجراً حجراً، وقد ذكرت ذلك عند بحثي لدمشق العربية الإسلامية، هذا حسب ذكر "قتيبة" عن باب شرقي.

عن أهم الأحداث التي جرت عند باب شرقي يقول الدكتور "قتيبة الشهابي": «استمرت المناوشات والمعارك الكثيرة والبطولات والمبارزات الفردية والجماعية عند العرب والروم البيزنطيين قبالة الباب الشرقي طوال أربعة أشهر قبل اقتحامه على ماذكره "الوافدي والبلادري وابن عساكر" وغيرهم، ومن هذا الباب أيضاً دخل الملك العادل السلطان "نور الدين محمود بن زنكي" الملقب بالشهيد لما ضم دمشق إلى إمارته سنة 549هـ، ويمكن اعتبار هذا التاريخ بداية إحياء السور والأبواب وردّا الحياة إليهما بعد نقضهما في العهد العباسي، وكما بدا عهد "نور الدين" عنايته بالسور والأبواب، فالخطر الصليبي كان يتهدد دمشق، والدفاع عن المدينة يتطلب وقتذاك أسواراً وأبواباً أمنع وأكثر صموداً، فجدد الباب الشرقي سنة 559هـ ورفع فوقه مداميك من الحجارة الصغار زيادة في تحصينه، كما أضاف إليه من داخله قوساً بعضادتين، ورفع فوقه مئذنة مربعة مرتفعة، وبنى وراءه مسجداً صغيراً، كما أقام أمامه من الخارج باشورة هدمت أواخر القرن التاسع عشر أو في بدايات هذا القرن».

خلال زيارتنا لباب شرقي نشاهد داخل الباب الصغير اليوم كتابة مؤرخة مشوّهة تقول: «بسملة- أمر بعمارة هذا الباب والأسوار والخندق مولانا المللك المؤيد الناصر العادل العالم عماد الدنيا والدني ناصر الإسلام والمسلمين محييي العدل في العالمين خليل أمير المؤمنين السعيد الشهيد "نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي" خلده الله ملكه وغفر له ولوالديه وذلك في سنة تسع وخمسين وخمسمائة».

أما عن أحداث الباب في العهد الأيوبي فيقول الباحث السوري "قتيبة الشهابي": «ذكر ابن "كثير" في حوادث سنة 602هـ وفي شعبان منها هدمت القنطرة اللرومانية عند الباب الشرقي، ونشرت حجارتها ليبلط بها الجامع الأموي بسفارة الوزير "صفي الدين بن شكر"، وزير العادل الملك العادل "سيف الدين أبي بكر محمد شقيق صلاح الدين الأيوبي"، وكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة.

كما يتحدث "ابن طولون الصالحي" عن الصراعات التي كانت تدور بين المماليك أنفسهم فيقول: «في صبيحة الأحد الرابع والعشرين من ربيع الأول سنة 903هـ فيقول ذهب "الداودار" بجماعته إلى الباب الشرقي من أبواب المدينة، معهم السلالم، وحاصروه وأتى النائب بجمعته إلى محلة مسجد "الذبّان"، واستمروا في القتال والمكاحل ترمي إلى المغرب، جاع العسكر في اليوم المذكور أشد جوع، وشرع القتال ببعضهم ينهب البيوت، و"الدوادار" هنا هو من يحمل دواة السلطان أو نائبه أو الأمير، ويقدمها لهم للتوقيع على الأوامر والمناشير "المراسم والقرارات"، ويتولى أمر تنفيذ الأحكام وما إليها».