فقدت الأوساط الفنية والثقافية علماً من أعلام الفن الجميل، برحيل الفنان "ناجي جبر" عن عمر يناهز 64 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، الذي لم يمهله ليقدم كل ما عنده رغم مرور 35 عاماً في مسيرته الفنية، ويوم الثلاثاء 31/3/2009 خرجت حشود كبيرة من المحبين والفنانين في تشييع الفنان الكبير "ناجي جبر" إلى مثواه الأخير في مدينة "جرمانا" بريف "دمشق".
وقال الفنان "هيثم جبر" شقيق الراحل: «إن حياة الراحل "ناجي جبر" كانت حافلة بالعطاء، وكان واحداً من أركان الحركة الفنية في سورية، وما يترك الجرح نازفاً أن رحيله جاء بعد ثمانية أشهر من رحيل "محمود" الشقيق الأكبر» .
إن المشاهدين في سورية والوطن العربي لن ينسوا اسم "ناجي جبر" لأنه كان جزءا ً من حياتهم اليومية
وأضاف: «فقدنا جميعاً برحيل "ناجي" صدراً رحباً دافقاً بالعطاء والحنان، وزهرة فواحة تجود بعبيرها دون أن تنتظر مقابلاً على ذلك».
وبعد أن ألقيت خلال التشييع كلمات نقابة الفنانين في سورية وأصدقاء الفقيد وأهله، ووري جثمان الفنان "ناجي جبر" الثرى بمقبرة باب الصغير في منطقة "باب مصلى".
استطاع الفنان "ناجي جبر" أن يحجز لنفسه مكاناً في الذاكرة السورية، من خلال شخصية "أبو عنتر"، التي لن تُنسى بسهولة، وشارك المرحوم في عدد من الأعمال الكوميدية السورية التي ما تزال إلى الآن تعرض في المحطات العربية المختلفة.
وعن فقدان الحركة الفنية السورية للفنان "ناجي جبر"، قال الفنان "عباس النوري": «بنى الفنان "ناجي جبر" من خلال عمله علاقة صادقة مع الحياة ومع الجمهور، وهذه العلاقة تركت في مسيرته الفنية مزيجاً من التنوع والعطاء، والقدرة على الوصول إلى قلوب وعقول المشاهدين».
أشار "عباس النوري" خلال حديثه لنا: «إن المشاهدين في سورية والوطن العربي لن ينسوا اسم "ناجي جبر" لأنه كان جزءا ً من حياتهم اليومية».
بدوره قال المخرج "خلدون المالح" عن العلاقة التي تجمعه مع الفنان الراحل، الذي شارك في بعض أعماله: «عندما قررت إخراج مسلسل "صح النوم" في بداية السبعينيات وكنت أوزع الأدوار على الممثلين، رشحنا "ناجي" لشخصية خادم في فندق، وعندما جرب الشخصية اكتشفنا أنه لا ينسجم معها فأعطيناها للممثل "ياسين بقوش"، وعندما لم يكن هناك دور آخر مخصص له رضي أن يمثل دور كومبارس بشخصية سجين اسمه "أبو عنتر"، وفي تجربة الأداء قبل التصوير فاجأنا "ناجي" بما أضفاه على هذه الشخصية الثانوية من تفاصيل لافتة للإعجاب، في الشكل والحركة والقليل من الكلمات».
ويتابع "المالح" مضيفاً: «ومن حسن حظنا وحظه أننا بدأنا تصوير المسلسل ولم يكن قد كتب منه الفنان "نهاد قلعي" سوى حلقتين، وبدأ "قلعي" يركز على هذه الشخصية بدءاً من الحلقة الثالثة، وازداد الاهتمام بها حلقة بعد أخرى نتيجة الإبداع الواضح الذي كان يضفيه "ناجي" عليها».
عاش الفنان الراحل ضمن عائلة فنية، من أفرادها شقيقاه الفنان الكوميدي الراحل "محمود جبر" والفنان "هيثم جبر"، وهو عم الفنانتين "مرح وليلى جبر"، ونشأ على حبه للفن وكانت البداية من خلال المسرح المدرسي لينتقل تدريجياً إلى العمل الفعلي في التلفزيون السوري من خلال "أولاد بلدي" و"حكايا الليل"، وذلك قبل إن ينضم إلى أسرة "صح النوم" والعمل إلى جانب الفنان "دريد لحام" في أعمال أخرى مثل "حمام الهنا، مقالب غوار، وين الغلط".
ومن المشيعين الشاب "أحمد علي" والذي رأى في الفنان "ناجي جبر": «شخصية "أبو عنتر" التي اشتهر بها الفنان الراحل من خلال مسلسل "صح النوم"، تعتبر اليوم جزءاً من موروثنا الشعبي، وأعتقد أن الفنان الراحل أعطى هذه الشخصية الكثير من حياته وعشقه للفن».
ووجدت الفنانة القديرة "نبيلة النابلسي" في رحيل الفنان "ناجي جبر" خسارة للفن والثقافة العربية وعن ذلك قالت: «رحيل الفنان "ناجي جبر" لا يمكن أن يعوض، فهو علم من أعلام الفن والثقافة على مستوى الوطن العربي، الذي عشق أدواره وأحب شخصياته من المحيط إلى الخليج، واستطاع الفنان الراحل أن يقدم الشخصية الشامية بطريقة كوميدية مميزة، ليؤسس من بعده للكوميديا السورية بكل أطيافها،
وما استعداده لتقديم الجزء الثاني من مسلسل "أهل الراية" إلا دليل على عشقه للفن، وشغفه الدائم ليقدم المزيد في الدراما السورية».
تجدر الإشارة إلى أن الفنان "ناجي جبر" من مواليد مدينة "شهبا" في محافظة "السويداء" عام 1945 انتسب لنقابة الفنانين عام 1972 وبدأ مسيرته في المسرح القومي والعسكري في سورية، وشارك في أعمال تلفزيونية ومسرحية وسينمائية كثيرة.
شارك "جبر" في العديد من الأفلام السينمائية منها "غرام في اسطنبول" مع "دريد لحام" وآخر أعماله فكانت مسلسلي "أهل الراية" و"بيت جدي" الذي لعب فيه دور البطولة.