ينطلق مع شرارة الصباح الأولى، مُتجولاً عبر دراجته العاديّة، في عدد من القرى والبلدات التابعة لبلدة "عامودا"، يبيع ما حمل من مواد متنوعة ضمن صندوق خشبي بسيط مُعلق على الدراجة، ثم يعود"كمال خليل الوجي" بعد أن ينهكه التعب مع غروب الشمس.
مصدر راحة ومورد رزق
رغم تقدمه بالعمر ما يزال"كمال خليل ألوجي" البائع المتجول بطريقة مختلفة، مستمراً بعمله ومتفرداً به على مستوى المنطقة، يتحدث لمدونة وطن قائلاً: تعرفت خلال عملي على الكثير من قرى المنطقة وأهلها، وبنيت خلالها علاقات اجتماعيّة واسعة وكثيرة وأصبح لي إخوة وأصدقاء، تلك العلاقات هي متنفس لي، كوني أعاني التعب الجسدي بشكل كبير خلال عمل فأستريح عند أصدقائي ومعارفي وأتبادل معهم أحاديث كثيرة وذكريات جميلة أنسى معها مشقه النهار وتعبه.
إنسان مثابر ومكافح للقمة عيشه، يقدم مادة بسيطة، وبسعر مقبول، يصل بالمادة وبجهد كبير إلى مختلف القرى الواقعة هنا وهناك، هذه حقيقة جميلة لشخص جميل في العطاء كما أنه أصبح حلقة وصل بين الريف والمدينة فهو يشترى من منتجات المزارعين ويبيعها في عامودا ويمكن أن يجلب تواصي منها لأبناء الأرياف
اختار "كمال ألوجي" هذه المهنة، بعد أن هجر مهنته السابقة، ويتحدث عن ذلك بالقول التالي: «مهنتي الأساسيّة كانت بناء المنازل، سواء الطينيّة أو الإسمنتية، رافقتُ هذا العمل لفترة طويلة من الزمن، دون كلل أو ملل، رغم التعب والإرهاق والمشقة في البناء، لكنني وبسبب إخلاصي للعمل، كنتُ سعيداً مع ذلك، طبعاً مع مرور الزمن، وكبر العمر، لم تكن لدي الاستطاعة للمضي في تعمير البيوت، وكوني أعيل أسرتي فقد كانت وجهتي الجديدة للعمل، أقل قسوة من العمل السابق، من خلال بيع المواد على دراجة عادية، وهي ضمن قدرتي الشرائية، ويبدو أن الدراجة نفسها تتعب من حركتها اليومية الكثيرة، لذلك اضطر أحياناً أن أسير على قدميّ، ورفقتي الدراجة، من شدّة التعب».
"كمال" مع تلك الدراجة منذ عشرين عاماً، قضى معها مشواراً طويلاً، في كثير القرى، وعاش لحظات كثيرة، لا يمكن أن يسناها حسب قوله.
وأضاف: «وصلت لعشرين سنة وأنا أتجول عبر دراجتي العادية أضع في صندوق خشبي معلق مع الدراجة، مواد غذائيّة خفيفة، يمكن حملها، منها أكلات خاصة بالأطفال، وضروريات للمنازل الريفيّة، كالشاي والقهوة، إضافة إلى شراء وبيع البيض البلدي، كون الحركة كلّها من بلدة "عامودا" إلى ريفها، لذلك لا أتردد بشراء أي شيء خاص بالريف، وبيعه في البلدة، مثل السمن العربي، والبيض البلدي، وطيور ريفيّة، والعكس أيضاً، ما يحتاجه أهل الريف، ويتم طلبه لأصل به من البلدة إلى قراهم، لا أتردد في ذلك، هذه الحياة التجاريّة البسيطة، أتفرد بها وحيداً في المنطقة، رغم وجود صعوبة كبيرة للتنقل من البلدة إلى القرى، بشكل شبه يومي، والتي تبدأ من الصباح وتنتهي بالمساء».
أصدقاء على الطريق
لديه أصدقاء على تلك الطرقات، يقضي لحظات نادرة، لا يمكن لأي أحد آخر أن يعيشها، بات جزءاً من ريف "عامودا"، أصبح حافظاً لكل تفاصيل تلك الطرقات والقرى، صاحب وصادق الكثيرين والكثيرين، أحبهم وأحبوه، اعتادوا على حضوره بشكل دائم، هذا ما أكده الوجي وعن مسار الرحلة أوضح: «أستريح عند ظل شجرة، وأجالس أحدهم في أطراف إحدى القرى، وأمضي وقتاً مع مزارع أو فلاح أو عامل، ونسرد أحاديث وقصصاً للماضي والحاضر، فهذه التفاصيل هي جزء من عملي اليومي، إلى جانب البيع والشراء، وكل ما ذكرتهم أيضاً أصبحوا جزءاً منّي وهم أصدقائي، هذه هي حياتي الحالية، وسعادتي تكمن بمن هم حولي، رغم مشقات الحل والترحال».
كثير من المّرات، وأنا ذاهب إلى بلدة "عامودا" أجده مع الدراجة على الطرقات وفي القرى، أنشد التفاؤل والثقة منّه، يقدم عملاً عظيماً لأسرته، هذا نموذج للرجل الشهم والنبيل، هذا ما قاله "حسين خليل" من أهالي "القامشلي" وتابع حديثه:جلست مرات معه تبادلنا فيها الحديث الممتع عن الماضي والحاضر والمستقبل وعن تجربته في البيع باستخدام الدراجة عبر عديد القرى.
أمّا "عز الدين حجي" من أهالي بلدة عامودا فأشار إلى العمل الطيب للعم "كمال" عبر حديثه قائلاً: «إنسان مثابر ومكافح للقمة عيشه، يقدم مادة بسيطة، وبسعر مقبول، يصل بالمادة وبجهد كبير إلى مختلف القرى الواقعة هنا وهناك، هذه حقيقة جميلة لشخص جميل في العطاء كما أنه أصبح حلقة وصل بين الريف والمدينة فهو يشترى من منتجات المزارعين ويبيعها في عامودا ويمكن أن يجلب تواصي منها لأبناء الأرياف».
مدوّنة وطن esyria بتاريخ 24 تموز التقت "كمال آلوجي" على إحدى طرقات بلدته التي وُلد فيها عام 1954.