إحدى القطع التراثيّة النادرة، فيها قصص جميلة وطيّبة، عمّرت تلك القطعة أكثر من 150 عاماً، وما تزال باقية في منازل أهلها، تنقلت بين المعارض التراثيّة، لتروي قصتها التاريخيّة، حيث شكل صاج الخبز حالة فريدة وغير مسبوقة.

صاج الشيخ السلطان

الصاج غريب بشكله وفريد بأفعاله وقيمته، أسهم بتقديم رغيف الخبز، في فترة لم يكن الحصول على الرغيف بالأمر السهل، أكثر من ذلك، فقد نُقل الرغيف الواحد عبر عربات وشاحنات كبيرة بحسب ما قاله "دحّام السلطان"

الباحث في التراث "دحام السلطان" الذي تحدث عن تفاصيل الصاج الذي يحتفظ به في منزله قائلاً: «هذا الصاج النادر عمره أكثر من 150 عاماً، اقترن الصاج بالخبز، فقد صنع هذا الصاج في سنين القحط والغلاء والجفاف، وفي زمن كانت فيه صناعة رغيف الخبز إعجازاً، وبالكاد كان متوفراً، وقد كان الصاج إحدى مقتنيات الشيخ علي السلطان الذي عاش بين 1860 و1966 ، شيخ عموم قبيلة الجبور وعشائرها وهذا الرجل عرف بين أبناء قومه بأمير الشباب، وألقاب أخرى نالها نتيجة الكرم، وهو ما يقودنا مجدداً إلى الحديث عن الصاج والخبز، فالصاج اقترن باسم الشيخ السلطان توارثه شخص من شخص، واعتبروها أمانة وتركة ثقيلة، والحفاظ عليه أولوية وضرورة، ووصل الأمر ليكون ضمن معارض تراثيّة وفنيّة، فما قدّمه من عطاء وكرم، يستحق الذكر، كما قال "السلطان"

الحفاظ على الصاج

بيت الرغيف

الباحث دحام

يضيف الباحث "دحام السلطان" في حديثه عن صاج الخبز التراثي: «جاء الصاج ووصل من جد "علي السلطان" وهو "محمد امين الصالح الملحم"، حيث سميت هذه الأسرة "آل الملحم" ببيت الرغيف، نسبة الى رغيف الخبز، حيث يوجد صورة فوتوغرافيّة مرسومة عليها رغيف الخبز ما تزال مُعلّقة على بوابة متحف "إسطنبول" حتّى تاريخه.

ويتابع السلطان حديثه: وانتقل الصاج بكل قيمه ورمزيته إلى الشيخ "علي السطان"، واستقر اليوم في منزلي، ويجب الحفاظ عليه وعلى قيمته الكبيرة وأضاف: طبعاً هناك معلومات أدق عن الصاج منها: إنّ عجنة هذا الصاج من الدقيق فردة ونصف، الفردة أي ما يعادل كيس خيش ونصف الكيس، يوضع الصاج على جمر نار هادئة وفوقه العجين ممزوج بالحليب وليس الماء كما أصبح لاحقاً لفترة طويلة حتى يستوي بكل جوانبه، مع تجهيزه يتوافد إليه المحتاجون، في ذلك الوقت لم تكن هناك اي أفران أو خبز

حكايات فريدة

والصاج نفسه له قصص كثيرة تناقلتها الأجيال كما يقول السلطان، ومنها أنه في عصر الشيخ "علي السلطان" وصل مندوب الباب العالي هو ووالي "حلب" إلى بلدة مسكنة في زيارة لأحد شيوخ المنطقة، واحتاج الوفد للخبز، فأرسل ذلك الشيخ إلى الشيخ "علي السلطان" طالباً الخبز، دون تردد، تمّ تجهيز عدة الصاج وما يحتاجه من نار، إضافة إلى رجال متمكنين وبأعداد جيدة، لقلب الرغيف الواحد، بعد تجهيز الرغيف، تم وضعه على عربة خشبية كبيرة، ونقله إلى ريف "حلب" فقام شيخ المنطقة بذبح الكثير من الذبائح يفوق عدد الحضور، فقال له الوالي، لماذا هذا العدد الكبير من الذبائح، فكان الرد بأنه إكرام للرغيف وأهل الرغيف.

في قصّة أخرى للصاج، تتحدث عن زيارة وفد عشائري من "سورية" إلى العراق" خاصة إلى الشيخ "عجيل ياور" فقام الشيخ "ياور" بإرسال شاحنة كبيرة لجلب رغيف خبز من بيت الشيخ "علي السلطان" ويُقال بأن الرغيف وُضع بشكل مائل، نتيجة كبر الرغيف.

وختم الباحث "دحام" حديثه عن الصاج بالقول الآتي: «صاج الخبز حالة فريدة في ذلك الزمن بغياب الخبز حينها، طبعاً وقد عرف منذ ذلك الوقت، ووصل إلينا بشكله المعروف، والصاج الذي عُرف عند بيت السطان كان بطول وعرض 100 سم.

الشاب "عمر عبد الله" خصص وقته لزيارة مدينة "الحسكة" بهدف التعرف والاطلاع على صاج الخبز، والذي تعرف عليه في إحدى المعارض التراثية، إضافة إلى التفاصيل الأخرى نقلها له الباحث "دحام السلطان"، وأكد عبد الله إعجابه بالصاج وطريقة الحفاظ عليه حتى تاريخه.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 26 تموز 2025 زارت الباحث وأجرت اللقاءات السابقة