ولد الطبيب والشاعرعويس أنطون أسعد في القامشلي عام 1969، وانغمس منذ نعومة أظافره في عالم الأدب، متأثراً بوالديه اللذين كانا يعشقان الكتاب والقراءة. حيث كانت الكتب والمجلات ترافقه يومياً، ومع كل صفحة كانت تنسج في قلبه حب الكلمة والمعرفة.
يقول عويس: «بدأت الكتابة منذ المرحلة الدراسية، ووجدت تحفيزاً كبيراً من والديّ، اللذين كانا يقدمان لي الكتب والمجلات باستمرار. في المدرسة شاركت في الشعر والخطابة، ثم بدأت بكتابة خواطر ومذكرات يومية، ومع كل يوم ازداد شغفي ووسع معارفي».
سياستي الأدبية تقوم على الجودة وليس الكم، لذلك كان اهتمامي الحقيقي بالشعر الذي ينبع من القلب. حتى الأغاني القومية السريانية كانت غالباً بقالب الحب
كانت هذه البدايات حجر الأساس لمسيرة طويلة من الكتابة والإبداع الأدبي، التي شملت الشعر، القصة، الأغنية، والمسرح، مع تركيز خاص على الأدب السرياني.
الدخول إلى عالم الأغنية السريانية
في الثمانينيات، جاء اللقاء الحاسم مع الملحن الموسيقي نمرود آحو، الذي شجعه على كتابة الأغنية السريانية، مستلهماً من شاعر الأغنية السريانية الكبير آحو كبرئيل،بدأ كتابة الأغاني التي أدّاها الفنانون لاحقاً، وتطورت مهاراته خلال سنوات الدراسة الثانوية والجامعية.
يتابع في حديثه لمدونة وطن «في بداية التسعينيات كتبت أول أغنية للفنان هانيبال، واستمررت في كتابة الشعر السرياني خلال الجامعة، وشاركت في مهرجانات الأغنية السريانية وكتبت مجموعة أغاني للفنان نبيل آدم».
تجربة كتابة الأغاني، كما يقول، كانت تجربة عاطفية ومليئة بالتحديات:
«أغنية "شمّامي" كتبتها في لحظات قصيرة، وكانت التجربة صعبة كون اللحن جاهزاً وطلب مني كلمات مناسبة أعتز كثيراً أن الفنان الراحل جان كارات غنّى لي مقطعاً، وواصل ابنه فادي كارات تقديم الأعمال التي أكتبها».
مسيرة الأدب في الجامعة وبعدها
لم يقتصر شغفه على الكتابة والغناء، بل شارك أيضاً في المسرح، حيث أدى أدواراً غنائية في مسرحيتين بتنظيم طلبة الجامعة، وعُرضتا أمام الطلاب يؤكد عويس أن المسرح كان جزءاً أساسياً من تجربته الفنية، يتيح له التعبير عن نفسه بطرق متعددة ويضيف كنت أشارك في المسرح الجامعي، وأؤدي أدواراً غنائية، ما أضاف بعداً جديداً لشغفي الأدبي والفني.
بعد التخرج من كلية الطب البشري، واصل كتابة الشعر الغنائي والمشاركة في الأمسيات والجلسات الأدبية اليومية. يوضح عويس:
«سياستي الأدبية تقوم على الجودة وليس الكم، لذلك كان اهتمامي الحقيقي بالشعر الذي ينبع من القلب. حتى الأغاني القومية السريانية كانت غالباً بقالب الحب».
كما اتجه إلى كتابة القصة القصيرة، منها قصة بعنوان "الحقيقة"، التي تعكس اهتمامه برصد المشاهد الواقعية وتحويلها إلى نصوص أدبية.
التجربة الأدبية السريانية
خلال وباء كورونا، كتب عويس أغنية بعنوان "أنشودة الحياة"، وغنّاها مع ميرنا شمعون وجوليان القس، كل في منزله، لتكون رسالة أمل وتشجيع. كما كتب أغنية للأطفال بعنوان "حلم الطفولة"، وغنّتها لاميتا شمعون، طالبة المعهد العالي للموسيقا، ويعمل حالياً على إنهاء أغنية جديدة بالسريانية يضيف.
«أعددت خمسة عشرة حلقة أدبية مكتوبة بالسريانية، أخرج السيناريو بنفسي، لكنها لم تُصور بعد وخلال هذه الفترة أيضاً شاركت في مسرحيتين عن تراث الجزيرة السورية، بأدوار ممثل غنائي، دمجت فيها خبراتي الفنية مع الحس الأدبي »
وبالنسبة للشعر السرياني الذي يمتاز بتعدد الأوزان، وأكثرها تداولاً الوزن السباعي "الأفرامي" نسبة إلى مار أفرام السرياني، وهناك الوزن الخماسي الذي اكتشفه أنطون التكريتي، إضافة إلى الوزن السروجي.
ويبين أن تقطيع الشعر السرياني يختلف عن اللغة العربية، مما يمنحه إيقاعاً خاصاً ينعكس في الأغاني والقصائد.
ويتابع حديثه: أعمل دوماً على الحفاظ على التوازن بين الكلمة والموسيقى، والبحث عن فكرة جديدة تبقي الأغنية السريانية حية ومرئية على مر العصور».
فرقة "الرها الفنية" وحفظ التراث
وبحسب الكاتب والإعلامي "ملكون ملكون" والذي شارك زميله "عويس" في جلسات أدبية كثيرة أسهم عويس في تعزيز الفن السرياني من خلال إشرافه على فرقة "الرها الفنية"، إحدى أبرز الفرق السريانية. وبهذا الدور، لم يكن مجرد كاتب أو شاعر، بل أصبح حارساً للتراث السرياني، محافظاً على الأغنية والموسيقى والهوية الثقافية.
وتابع ملكون حديث لمدونة وطن قائلا: بالإضافة إلى مسيرته الفنية والأدبية، أكمل عويس دراسته الطبية، وأصبح طبيباً ملتزماً في عيادته ومشافي مدينته، موازناً بين العلم والفن و هذا التوازن بين الطب والإبداع جعله شخصية فريدة، تجسد الحب للكلمة والحياة، وتكرّس دوره كحارس للثقافة السريانية.
ويختم ملكون اليوم، يُعرف الدكتور عويس أسعد كواحد من أهم الأصوات الأدبية والفنية السريانية، تجمع بين الطب والشعر والغناء والمسرح، محافظاً على التراث ومقدماً إبداعاً مستمراً، لتبقى الأغنية السريانية شاهدة على تاريخ أصيل وعريق.