شاب في ربيع العمر، اختار طريقاً مختلفاً وجديداً بالنسبة لعمره، تميز حيدر أسامة يونس 25 عاماً ابن اللاذقية، بحبه للعطاء ومساعدة الآخرين، حتى في طفولته؛ ابتعد عن التسلية واللعب واللهو، واتجه إلى ما هو أعمق وأكثر قيمة، متمثلاً بجبر خواطر الناس البسطاء من خلال مبادرات إنسانية مازالت مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.

فكرة تصنع نقطة تحوّل

حينما كان عمري 13 عاماً، بدأت الأفكار تتدفق إلى خاطري، أفكار تقاوم الظلام والظلم وبشاعة العالم الخارجي، فكانت شمعة تنير ظلام الليل – كما أوضح حيدر في حديثه لمدونة وطن – قائلاً:

شعوري بالسعادة يكبر عندما أرى الفرح في عيون الأطفال

«وجدت نفسي ذلك الطفل الصغير القاطن في حي بسيط مليء بالسعادة والفرح والجيران الطيبين، ضمن بيئة اجتماعية بسيطة. عشت وحيداً بسبب الانفصال المبكر بين والدي ووالدتي. وأتذكر ذاك الطفل الذي كان يدق الأبواب، يريد إنجاز شيء مهم له ولأسرته. واجهت صعوبات حياتية قاهرة، تجاوزتها ووضعت أولى خطواتي على الطريق».

حيدر في أماكن عمله المتعددة

ويضيف حيدر: «لا تأتي الأفكار نتيجة أوضاع عامة، بل كانت فكرتي موجودة بالفطرة، وعززتها التربية الأسرية والمدرسية، وتحفزت أكثر نتيجة وضع البلد ومعاناة الناس من الحرب. حينها طرحت الفكرة بشكل بسيط: (زيارة إلى دار أيتام مع أصدقائي). وهنا بدأت تتشكل نواة غريبة وكبيرة لمبادرة أخذت اسماً مهماً في المجتمع السوري. كانت ثقتي مطلقة بالنجاح، وعندها أسست مبادرتي (شباب المحبة)، والتي كانت نقطة تحوّل في حياتي الشخصية والمهنية. أطلقنا مئات الأنشطة والفعاليات على مدار أكثر من سبع سنوات بهدف تخفيف معاناة الأسر التي تركت منازلها بسبب الحرب وحُرم أطفالها من حقوقهم في المأكل والمأوى والتعليم. عندها حصلت على لقب أصغر مؤسس لمبادرة إنسانية في سوريا، وبدأت وسائل الإعلام والصحف المحلية والعالمية بالكتابة عن هذا الحدث الغريب: كيف لطفل بعمر ثلاثة عشر عاماً أن يدير فريقاً أصغر أعضائه يكبره بعشر سنوات؟».

إرادة وعزيمة تصنع التميز

‏رغم الصعوبات التي تعترض عملنا، مازلنا نطلق المبادرات التطوعية والمجتمعية بإرادة وعزيمة لا تلين – كما يوضح حيدر – حيث تطور العمل التطوعي بشكل ملحوظ في مسيرتي الممتدة على 13 سنة من العمل التطوعي والمجتمعي.

خلال عمله التطوعي والمجتمعي

فمن شاب لا يعرف أدنى معايير العمل التطوعي، أصبحت شاباً حصد خبرة طويلة وعميقة. كنت من المشاركين في تأسيس أول دبلوم تدريبي للعمل التطوعي في سوريا، وحصلت على العديد من شهادات التقدير لعملي في خدمة المجتمع. وطموحي أن أوسّع نطاق عملنا من اللاذقية إلى جميع محافظات سوريا.

ومن خلال عملي كمدير تنفيذي في جمعية "رايا للأعمال الخيرية"، عملت مع فريق الجمعية على تقديم المساعدة والدعم للأفراد والمجتمعات المحتاجة عبر تحسين جودة الحياة وتخفيف المعاناة. نعمل على تعزيز قيم التعاون والمشاركة في المجتمع ودعم الفئات الهشّة ، وتقديم الخدمات الصحية كافة، إضافة إلى إطلاق برامج تدريبية ترفع سوية المجتمع صحياً، وكذلك إقامة برامج تدريبية علمية ومهنية لكل شرائح المجتمع.

الاعلامي حيدر يونس

ومؤخراً، كانت للجمعية مبادرة توزيع "250 بطاقة معالجة مجانية" لمدة سنة للفقراء. كذلك، خلال كارثة الحرائق، قدمنا مساعدات لوجستية وخدمات علاجية للمصابين بالحروق.

وأطلقتُ مبادرة "تحويل الرصيد المجاني" لكل الأشخاص في القرى المتضررة من الحرائق، وللفرق التطوعية الموجودة هناك.

دورات تدريبية

برعاية المركز الدولي للبناء الإنساني، في مركز منارة العلماء باللاذقية، أُقيمت دورة بعنوان التسويق الشخصي والتجاري، استمرت بين شهر وشهر ونصف، بإشراف وتدريب الإعلامي حيدر يونس، الذي تحدث عنها قائلاً:

«دورة التسويق الشخصي والتجاري لا ترتبط بفئة عمرية محددة، لأنها تستهدف معظم الشرائح: أصحاب المهن اليدوية، أصحاب المهن العلمية، أو حتى الشباب المقبلين على العمل. تساعد الدورة المتدربين الذين يبحثون عن فرص عمل في تحديد أهدافهم وتوجيه بوصلتهم نحو ما يريدون. وانطلق معظمهم بعد الجلسات مباشرة لتكوين علاماتهم الشخصية والبدء بكتابة وصياغة أهداف وسير ذاتية جديدة، أو حتى البدء بالعمل فوراً كمندوبين لدى عدد من الشركات».

رسائل إعلامية وفنية هادفة

درس حيدر الإعلام في الأكاديمية العربية الدولية، ثم حصل على دبلوم الإعداد والتأهيل الإعلامي من معهد الإعداد الإعلامي بدمشق، ليصبح أصغر عضو في اتحاد الصحفيين السوريين. ويعمل أيضاً مراسلاً ومديراً لصحيفة"الحقيقة الدولية" في اللاذقية.

نجح في عمله الإعلامي عبر تقديم برامج جماهيرية متعددة منها: "إلى الحياة"، "مع الناس"، "إيدي بإيدك"، و"حكاية وخبرية"، "قضية"، وحالياً برنامج "وصلت".

يقول حيدر: «درست الإعلام أكاديمياً لأصقل موهبتي، ومن ثم أطلقت وصورت عدة برامج. الإعلام هو الجانب المميز الذي أجد فيه ذاتي وسعادتي، وطموحي فيه كبير جداً وأثق أنني سأصل. خلال برامجي حرصت على الحفاظ على الخط التوجيهي الهادف، وحققت مؤخراً نجاحاً باهراً في برنامج "وصلت مع حيدر"، حيث تجاوزت نسبة الوصول أكثر من 4 ملايين مشاهد وزائر».

ويضيف: «أعمل حالياً على مشروع الأغاني التربوية الهادفة للطفل بوزارة التربية، وفي جعبتي 15 أغنية (فيديو كليب) للأطفال. هذا المشروع جاء لرفع الذائقة الفنية للأطفال وتأسيس مرجع موسيقي لهم بالتعاون مع عدة وزارات، ولاقى نجاحاً باهراً وتقديراً من أعلى المستويات. وهو مشروع في غاية الأهمية، خاصةً الآن مع انتشار الأغاني الهابطة التي لا تهدف إلا لتدمير القيم والعادات الأصيلة التي نشأنا عليها».

ويتابع: «أعمل حالياً على مشروع عالمي بعنوان "أنا أستطيع"، وهو عمل موجه لذوي الإعاقة، يحاكي أيضاً إيقاف فكرة التنمّر والعنف ضد الأطفال».

ويختم قائلاً: «شعوري بالسعادة يكبر عندما أرى الفرح في عيون الأطفال».

طاقة كبيرة ونجاح مميز

الصحفية "منال عجيب" (مكتب سانا في اللاذقية) تحدثت عن حيدر قائلة:

«سمعت عن مبادراته التطوعية والمجتمعية التي استهدفت الفئات المحتاجة بالمجتمع، واندهشت كثيراً عندما تعرفت عليه، إذ يملك بهذا العمر الصغير تلك الطاقة الكبيرة والتحفيز والمثابرة على إنجاز عمله وتحقيق النجاح. ما ميز عمل يونس هو التوجه نحو الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال أنشطة توعوية في جمعيات عدة كـ بشائر النور و رايا . إضافة إلى تقديمه أغاني هادفة لاقت صدى عند الجهات المعنية، فنال التقدير والتكريم».

وأضافت: «استمر حيدر في تحقيق النجاحات من خلال برامجه الإعلامية التفاعلية الشعبية، مثل برنامجه المتميز الحالي وصلت، الذي يرسم الفرح على وجوه الناس ويمنحهم الأمل والتفاؤل. أتمنى له التميز والنجاح الدائم في مسيرته المستقبلية، وأرجو له دوام الصحة والعافية».

حيدر أسامة يونس في سطور

أسس أصغر مبادرة مجتمعية في سوريا بعمر 13 عاماً وكان أصغر عضو منضم إلى اتحاد الصحفيين في سوريا عام 2021 والمدير التنفيذي لمنظمة "رايا للأعمال الخيرية" ورئيس فرع صحيفة "الحقيقة الدولية" باللاذقية وحاصل على ملكية أول ألبوم هادف للطفل في سوريا مؤلف ومدرب حقيبة التسويق التجاري والشخصي وحاصل على دبلوم العمل التطوعي الأول DVWR ومدرب معتمد من المركز الدولي للبناء الإنساني شارك في تدريب مبادرات مع منظمةUNDP التابعة للأمم المتحدة

نال دروعاً تقديرية من وزارة الزراعة ووزارة التربية السورية، ودرع التقدير من محافظ اللاذقية، إضافة إلى العديد من الجوائز العربية والدولية.

يملك في رصيده الإعلامي أكثر من300 ساعة بث مباشر، إضافة إلى 200 ساعة تدريبية لشباب وشابات على مهارات التسويق وقدّم العديد من المبادرات الإنسانية التي خدمت أكثر من 400 عائلة وطفل في اللاذقية.