حبها للغة العربية جعلها تبدأ بكتابة الخواطر الأدبية، ثم كتابة القصة القصيرة ثم الرواية لتترجم ما يدور في رأسها بأعمال أدبية استطاعت أن تترك أثراً واضحاً لدى كل من قرأها.
مدونة وطن eSyria التقت الكاتبة "أمينة البارودي" في 31/10/2012 وكان الحوار التالي:
تميل "أمينة" إلى الانعتاق للبراءة والرغبة بتصوير الشيء الجميل والشفاف بعيداً عن هذا العالم المتكلف بأسلوب سلس وسهل يخلو من الجذالة اللغوية والتعقيدات والقيود التي يفتعلها البشر وتحد من سيل مخيلة الكاتب الجارفة
** هناك الكثير من الأمور التي حفزتني على الكتابة ولعل أبرزها حبي للغة العربية وقراءتي للأدب العربي والعالمي التي وسعت أفقي وجعلتني أجنح إلى عالم آخر مختلف عن الواقع المعيش، مشعلة في داخلي رغبة بصنع عالمي الخاص المبتكر والمختلف عن العالم المادي.
** بدأت مشواري بكتابة الخواطر وانتهى بي المطاف إلى خوض غمار عالم الأدب وقد جاءت أعمالي حصيلة حملي لمجموعة من التراكمات التي تتجمع في الذاكرة من المشاعر والأفراح والأتراح، ومن العادات والتقاليد وأفكار المقربين التي توجِدُ عند من يمتلك الموهبة منفذاً للتعبير عن نفسها بإنتاج مادة أدبية تعتصر تخبطات النفس بطريقة جميلة وعذبة ومتقنة.
** عملي الأول كان مجموعة قصصية متنوعة بعنوان "سهرة على صديق" يتداخل فيها العام والخاص، وفيها عرض للمشاعر المتناقضة التي تتأرجح بين المحبة والكراهية في الوقت نفسه، بالإضافة إلى الصداقة القوية التي تتلاطم فيها الأفكار المتنافرة في صراع جميل للأضداد لا تخلو من الطرافة والحس الفكاهي، وقد لاقت صدى طيباً ممن قرأها ونالت استحسان المقربين. والحقيقة أني اخترت اسم المجموعة من وحي القصة الرئيسية "سهرة على صديق" وهي تنضوي على شيء من الغرابة نوعاً ما، فهي قصة صديقين يفارق أحدهما الحياة طالباً من خلَّه الأنس في ليلته الأولى في القبر فتكون السهرة بالحديث عن هذا الصديق.
** قد يبدو الاختزال سهلا لكنه من أصعب أنواع الكتابة وذلك لصعوبة اختزال الوقت والمكان والزمان والمشاعر في بضعة أسطر، وهو أحب أنواع الكتابة إلى قلبي على الرغم من أنه لم يكن لي سوى هذه التجربة الوحيدة.
** تدور هذه الرواية حول محور الصراع ما بين الدين والواقع المعيش بتنوعاته وتفاصيله، ففي روايتي هذه هناك شخصية محورية تمتلك نقاء داخلياً هي شخصية الشيخ "عبد الرحمن" الذي ينحدر من بيئة متدينة بسيطة، ويخرج للحياة ليعيش صراعاً فكرياً ونفسياً مع ذاته ومع الآخرين من حيث اصطدام القيم والأخلاق التي نشأ عليها بالواقع الجديد والمختلف الذي وجده أثناء تعرفه على أناس جدد مختلفين عن أسلافه وعن عاداته وسلوكياته، فيدخل في دوامة الحياة ويتماهى الصراع ما بين تفاصيل الحياة المعقدة والمتداخلة وما بين التدين والسياسة والأيديولوجيات الأخرى المختلفة عن فكره فيعاني أزمة انتماء ويسقط فريسة الوحدة كنتيجة حتمية لهذا الصراع.
** أنا معجبة جداً بشخصية والدي وبتدينه المعتدل لذا وددت أن يكون أول عمل لي بلسان ذكوري من وحي علاقتي الطيبة التي تربطني به، فعلاقتي بالرجل علاقة متساوية وودية وأنا لم أعش علاقة متوترة معه، فقد ترعرعت في رحاب أسرة متدينة تؤمن بندية العلاقة بين الجنسين.
** لاحظنا في هذه المرحلة زخماً بالأدب النسوي فقد برزت العديد من الكاتبات والأديبات المميزات ولكن هناك مع الأسف أزمة قارئ وقد فقدت العلاقة الروحية بين الناس والكتاب فأصبحوا يلتجئون إلى وسائل الإعلام والمعرفة الأخرى البصرية أكثر منها الورقية.
** أنا لا أرجو غاية من ميلي إلى الكتابة سوى إطلاق العنان لهذا النوع من الانسجام الجميل ما بين نفسي وإحساسي وبين الزمن، وأنا لا أسعى من خلال كتاباتي إلى تغيير الأشخاص وإنما لتقديم شيء جميل ينبع من مكنونات داخلية تعتريني، فأنا أقدم نفسي من خلال الكتابة عبر الشخصيات التي أنسجها، وأنا لا أؤمن بقدرة الأدب على تغيير طباع الناس وإنما أشير إلى دور قد يلعبه في تهذيبه للنفس البشرية التي انبثقت عنه هذه النتاجات, وأنا راضية عنها دون النظر إلى الوقت الذي كتبت به هذه الرواية فالمهم هو النوع وليس الكم.
الكاتبة والأديبة "ربى منصور" قالت: «تميل "أمينة" إلى الانعتاق للبراءة والرغبة بتصوير الشيء الجميل والشفاف بعيداً عن هذا العالم المتكلف بأسلوب سلس وسهل يخلو من الجذالة اللغوية والتعقيدات والقيود التي يفتعلها البشر وتحد من سيل مخيلة الكاتب الجارفة».
أما "داريا حمّاد" ابنة الكاتبة "البارودي" فقالت في والدتها: «والدتي إنسانة عاطفية وحالمة فهي تصنع عالمها الخاص فتراها أثناء الكتابة في الصباح مع فنجان قهوتها غارقة في بحر عميق من الأفكار متجردة عن العالم المحسوس حولها راهنة نفسها لأدبها، فهي تعطي شخصياتها جزءاً من روحها وأنا ألومها على تقصيرها في الكتابة لأنها أولت لنا جزءاً كبيراً من حياتها على حساب الأدب الذي تعشق».