هو أحد المخافر العثمانية التي تم بناؤها في مدينة "حلب" للحفاظ على الأمن والاستقرار خلال فترة حكمهم فيها.

"مخفر قسطل حرامي" أو كما كان يطلق عليه بالتركية سابقا "قراقول" "karakol"، هو أحد المعالم الأثرية التي صبغت المدينة بالنكهة العثمانية.

هذا المخفر أحد معالم حي "قسطل حرامي" البارزة وهو يعود لفترة حكم العثمانيين في "حلب" ولكنه اليوم وللأسف يعاني من إهمال واضح وعدم اهتمام وهو متروك للقمامة والخراب، لذا نرجو من الجهات المختصة أن تبادر إلى تجديده وترميمه وفتحه أمام السياح والاستفادة منه في تنشيط الحركة السياحية في المدينة

الأستاذ "يوسف محمد" وهو مدرس ومهتم بمعالم "حلب" القديمة ومن أبناء حي "الشيخ مقصود شرقي" يتحدث لموقع eAleppo عن الأهمية الأثرية للمخفر بقوله: «تتنوع المعالم التاريخية في مدينة "حلب" وخاصّة في قسمها القديم وتعود هذه المعالم إلى عهود تاريخية مختلفة وهي مجتمعةً تحكي تاريخ هذه المدينة العريق بشكل تفصيلي ولذلك فهي تحتاج كل عناية واهتمام.

جانب من المعلم

إنّ "مخفر قسطل حرامي" هو جزء من هذه المعالم التاريخية ويعود إلى العهد العثماني بدليل وجود الكتابة التركية في واجهته ولكن هذا المعلم اليوم منسي ومهمل وتتجمع حوله في الكثير من الأحيان أكياس القمامة، وبرأيي يجب أن يتم الاهتمام به من قبل الجهات العامة المختصة وذلك بتنظيفه وترميمه ليكون مكاناً يزوره السياح والزوار والدارسين وخاصّة السياح الأتراك ليتعرفوا من خلاله على جزء من تاريخ مدينتنا وبلدنا».

السيد "مصطفى محمد" من حي "الجلوم" قال: «هذا المخفر أحد معالم حي "قسطل حرامي" البارزة وهو يعود لفترة حكم العثمانيين في "حلب" ولكنه اليوم وللأسف يعاني من إهمال واضح وعدم اهتمام وهو متروك للقمامة والخراب، لذا نرجو من الجهات المختصة أن تبادر إلى تجديده وترميمه وفتحه أمام السياح والاستفادة منه في تنشيط الحركة السياحية في المدينة».

المخفر من الداخل

الدكتور "محمود حريتاني" المدير السابق لآثار ومتاحف سورية الشمالية تحدث عن أهمية هذه المخفر وبقية المخافر العثمانية المنتشرة في "حلب" لموقعنا قائلاً: «قامت الدولة العثمانية في أواخر عهدها بإنشاء وبناء مخافر ومراكز أمنية عند أبواب المدينة القديمة بحلب وفي أحيائها الكبيرة والواسعة وما زال العديد منها موجوداً إلى يومنا هذا بالقرب من أبواب المدينة كمخفر "باب الحديد" ومخفر "باب النصر" وكذلك في الأحياء الكبيرة كما قلت كمخفر "العزيزية" و"قسطل حرامي" وغيرها.

لقد كان الهدف من إنشاء هذه المخافر التي كان العثمانيون يسمونها "قراقول" بالتركية هو المساهمة في استتباب الأمن في المدينة القديمة وفي الأحياء الحديثة وحراستها، واليوم فإنّ "مخفر العزيزية" الذي تم بناؤه لترغيب الأهالي في سكن هذه المنطقة المنعزلة حينها والمعرضة للأخطار يُستعمل كمخفر معاصر حيث لا تزال قيادة الشرطة تستخدمه لليوم كما قامت مديرية الآثار إلى تحويل "مخفر باب الحديد" إلى دار للضيافة بينما أهملت مخفري "قسطل حرامي" و"باب النصر" فلا تهتم بهما الاهتمام اللازم».

الدكتور محمود حريتاني

الدكتورة "لمياء الجاسر"* تقول حول "مخفر قسطل حرامي": «يقع في محلة "قسطل حرامي"– "الجلوم الكبرى" وقد ذكرها المؤرخ الحلبي "الغزي" كمخفر في حضرة "جامع قسطل حرامي".

وحول طابعه المعماري وشكل بنائه تقول مضيفة: «يتقدم هذا المخفر شرفة ترتفع عن الشارع بدرجتين وهي مسقوفة بسقف مستو بيتوني، ويتكون المبنى من باب يؤدي إلى دهليز يوزع شرقاً إلى غرفة صغيرة وغرباً إلى غرفة أكبر وفي الأمام إلى النظارة أو غرفة الحجز كما تضم دورة مياه، والسقف هو عبارة عن مستو خشبي فوق جذوع الشجر.

بالنسبة لواجهة المخفر الأمامية فإنه يطل على الشارع بقوسين نصف دائريين يرتكزان على عمود مقرنص في الوسط ويعلوه نص، أما واجهة المبنى خلف الرواق فهي مؤلفة من باب تعلوه لوحة تضم نصاً وعلى طرفيه نافذتان يعلو كل منهما قوس مجزوء، أما الواجهة الشرقية فتتألف من نافذتين يعلو كل منهما قوس مجزوء تعود كل منهما إلى غرفة».

وأخيراً ورد في كتاب "دراسة نقائش العهد العثماني في محافظة حلب" -2010 للدكتورة المهندسة "نجوى عثمان"** حول المخفر ما يلي: «يقع "مخفر قسطل حرامي" في محلة "قسطل حرامي" بجوار "جامع برد بك"، فوق مدخله يوجد نص كتابي متآكل وهو مكتوب باللغة التركية، ترجمته: لقد عمل هذا المخفر بمساعي سعادة "جميل باشا" والي مدينة "حلب" وفي عصر جناب السلطان "عبد الحميد الثاني" صاحب الهمة العليا ملك الملوك العالي الخليفة الكبير، سنة 1300هـ».

  • "لمياء الجاسر": دكتورة في علم الآثار.
  • ** "نجوى عثمان": تحمل الماجستير في تاريخ العلوم عند العرب 1991 من معهد التراث العلمي بحلب والدكتوراه في دراسة ميدانية علمية أجرتها في مدينة "القيروان" التونسية.