«لأن المعلمون بناةً حقيقيون ويحملون رسالة نبيلة وقدوة حسنة في الحياة، ولأنهم مسؤولين عن غرس القيم الوطنية في نفوس الطلبة باتوا مربين ومن ثم مدرسين، يحملون علمهم إلى مجتمعهم بما يكنون له من عطفٍ وحنان، يُشعِرون تلاميذهم بمحبة العلم والتعليم الأمر الذي دفعهم في التزود من العلوم والمعارف وبروح معنوية عالية، لأن مهنتهم التربوية ماضيةً في التعاظم والتجدد، وستصبح من أرفع المهن مركزاً وأكثرها عطاءً».
بهذا الكلمات المعبرة عن عظمة هذه المهنة بدأ المربي والمعلم "محمود مصطو" حديثه مع موقع eHasakeh ليكمل قائلاً: «ولدت في قرية "بير كفري" التابعة لناحية "الدرباسية" في محافظة "الحسكة" عام 1955، ولما بلغت السادسة من عمري دخلت المدرسة الابتدائية في قريتي السابق ذكرها، لأنتقل بعد أنهائي هذه المرحلة للمرحلة الإعدادية في مدرسة "اليرموك"، وبعدها للمرحلة الثانوية في مدرسة "أبي ذر الغفاري" بمدينة "الحسكة" حيث نلت الشهادة الثانوية العامة عام 1972، بعدها دفعتني هوايتي للأدب أن التحق بجامعة "حلب" كلية الآداب قسم اللغة العربية متابعاً دراستي الجامعية ومجال التعليم الإبتدائي لقسوة الظروف، ثم تخرجت حائزاً على إجازة في اللغة العربية عام 1982، عملت مدرساً لمادة اللغة العربية في "رأس العين".
إنه الأب الروحي لمادة اللغة العربية في المنطقة بل وربما في المحافظة، وهو من أرباب القلم وحملته الكبار، ومن رجال الفكر والأدب المخلصين الذين يهتمون ببناء المجتمع، ومؤمن بالفكر الإنساني الحر وبأن الكتابة توعي الإنسان، فهو المعلم والصديق والأخ والمربي وكثيراً ما ساهم في نشر الثقافة في مدينة "رأس العين" من خلال عطاءه الدؤوب، وهذا ما قرأته فيه من خلال زياراته المتكررة للمركز ومساهماته في تطوير الحراك الثقافي
ووصولي لهذه المرحلة جاء بعد معاناة عشت فيها شطراً من حياتي معجوناً بالمأساة، عشت مرارة الفقر وصبرت كثيراً، أذكر مراحل في عمري لم أملك ثمن صحيفة أو مجلة لأمتع نفسي بالقراءة التي تسودها اللذة الفنية والمؤانسة، ولكن هذه المحنة زادتني قوة وإصرار في السير بركب العلم وبذل كل ما بوسعي لخدمة أبناء بلدي في مجال التعليم».
وعن مهنة التعليم ودوره في تطوير المسيرة التربوية في "رأس العين" أضاف "مصطو" قائلاً: «التعليم مهنة شريفة ونبيلة وعملية تعديلية لسلوك الإنسان، والمعلم هو مرشد ودليل سوية المجتمع وتطوره، لذا لم أبخل يوماً عن خدمة أبناء مدينتي وها أنا على وشك الدخول بالعقد الرابع في مهنتي، أزداد فخراً عندما أرى ثلاثة أجيال متعاقبة من الطلاب الذين أشرفت عليهم كبروا ووصلوا لأحلامهم وأتموا مراحل عليا من التعليم، وفي الحقيقة ربما لم يبقى باب في "رأس العين" ولم أطرقه بغية تدريس أبنائهم لأكون علاقات اجتماعية مترابطة مع تلك العائلات وتنشئة أبنائهم التنشئة الصالحة وبشهادات العديد منهم.
وتلك الرسالة التعليمية أكملها الأن من خلال وظيفتي كموجه اختصاصي لمادة اللغة العربية، أحاول إيلاء اهتمام تام بهذه المادة في العملية التعليمية من خلال تحقيق حقوق المعلمين والطلبة ورفع معنوياتهم وإعطائهم كافة حقوقهم ليقوموا بدورهم الإيجابي في خدمة وطنهم، كما أقوم بتوجيهات من مديرية التربية برفع سويت التعليم في المنطقة التي أصبحت جزء مني وبكل تفاني وإخلاص».
وعن مجريات حياته اليومية يتابع "مصطو" قائلاً: «لأن مهنتي تتطلب المتابعة الحثيثة فلا استطيع التقاعد عنها مادام أبنائي الطلبة بحاجتي، لذا أحاول تنظيم وقتي ما بين التعليم وممارسة هوايتي في قراءة الكتب الأدبية والفلسفية وكتابة الشعر والمقالات الصحفية وتكوين ثقافة واسعة لنفسي، لأن الثقافة سلوك ومعرفة ومنظومة اخلاقية تنير السبيل أمام المثقف وتعلمه لطف الكلمة؛ ورقة الشمائل؛ وجمال الحديث؛ فالثقافة حياة، أما الكتابة فهي رفيقة دربي لدرجة غرامي بها، كما لأن الكتابة مبدأ وعمل إنساني ومسؤولية ووعي، والآداب بجميع أصنافها شعراً ونثراً تعبر عن خلجات النفس».
وعن أهم الشهادات التي حصل عليها وأعماله حدثنا "مصطو" قائلاً: «أهم أنجاز لي هو خدمة العملية التعليمية في مدينتي والتي كرمت عدة مرات بسببها، فلقد كرمتني ومازالت تكرمني الشبيبة ونقابة المعلمين في كل سنة تقريباً على جهودي، كما حصلت على صفة قائد نقابي كقدوة لزملائي من قبل نقابة المعلمين بالحسكة أعوام (2001- 2002- 2003- 2004)، وأيضاً حصلت على شهادة تقدير في مجال الإعداد والتنشئة من نقيب المعلمين في سورية "مصباح بغدادي" عام 1990، وشهادة تقدير وتفوق في مادة اللغة العربية على مستوى القطر من قبل نقابة المعلمين عام 1996، وشهادة متفوق ومتميز في مادة اللغة على مستوى المحافظة من قبل مديرية التربية عام 2001، ووثيقة تقدير في دورة للموجهين الاختصاصين في "دمشق" من وزارة التربية عام 2008، كما أني في لجنة مناقشة القصة القصيرة باحتفاليات المراكز الثقافية في المنطقة، وممثل الفرع في مادة اللغة العربية بالحسكة.
أما أعمالي الأدبية فأنا أكتب المقالات الأدبية والإنسانية والاجتماعية والوطنية بالإضافة لمقالات الرأي في العديد من الصحف السورية مثل "الثورة" و"صوت الوحدوي" و"أدب القضية" والأجراس اللبنانية" وجريدة "الأسبوع الأدبي" و"دوحة الخابور" التي توقفت عن النشر، كما لدي العديد من القصائد المنشورة الغزلية منها والهزلية وأكثر الأشعار التي أعتز بها هي تلك التي كتبتها عن الشاعر العراقي "بلند الحيدري"».
أستاذ اللغة العربية ومدير المركز الثقافي سابقاً "فارس حمزة" حدثنا عن "مصطو" قائلاً: «إنه الأب الروحي لمادة اللغة العربية في المنطقة بل وربما في المحافظة، وهو من أرباب القلم وحملته الكبار، ومن رجال الفكر والأدب المخلصين الذين يهتمون ببناء المجتمع، ومؤمن بالفكر الإنساني الحر وبأن الكتابة توعي الإنسان، فهو المعلم والصديق والأخ والمربي وكثيراً ما ساهم في نشر الثقافة في مدينة "رأس العين" من خلال عطاءه الدؤوب، وهذا ما قرأته فيه من خلال زياراته المتكررة للمركز ومساهماته في تطوير الحراك الثقافي».
الأنسة "نجاح ملكي" قالت عن "مصطو": «لم نعرفه سوى الأديب والشاعر والمعلم الناصح، يشاطر مجتمعه في حمل أعباء الرسالة التربوية والتعليمية والمعرفية، كما أنه صاحب ابتسامة لطيفة وكلمات رقيقة، يتميز بفصاحة وبلاغة عالية فهو المعلم الوحيد الذي لا يتحدث سوى بالفصحى في الحياة العامة، وهو دائماً السباق بالنصح لنا كمعلمين في الإخلاص والصدق والاستقامة والأمانة، فلا أنسى نصيحة له قدمها لنا كمعلمين عندما شبه حياة التعليم بالمعركة التي علينا أن نخوضها بروح القوة والتفاؤل والإيمان العميق بمبادئنا السامية، وليكن إعدادنا للدروس نفسي وتعليمي ومحاورة الطلبة بالكلمة الطيبة والصادقة لنبني جيل يجيب العلم والمعرفة».
المحامي "صفوان محمد" أحد تلاميذ "مصطو" السابقين حدثنا عنه قائلاً: «هو ذاك المعلم الهمام الذي يحلم دائماً باقتحام المدينة وأخذ مكان فيها وأعتقد أنه حقق هذا الشيء، فهو من المدرسيين المميزين في مادته، بالإضافة أنه تربوي مختص بمتابعة حسن تدريس مادة اللغة العربية في مدارس "رأس العين"، لقد كان أول لقاء لي معه في الصف الثالث الثانوي حين قام بتدريسي أنداك، لتتالى لقاءاتنا حتى يومنا هذا، وفي كل لقاء أراه فيه استمع منه لأحاديثه الممتعة وآرائه الدقيقة التي لا أمل منها مهما طال الحديث».