جذبه قصيد الأجداد للغناء على الرباب لكنه آمن بأن حكاية القصيدة وسالفتها لا تقل أهمية عن القصيدة التي تغنى، هي رحلة بحث كانت حصيلتها 300 قصيدة وسالفة أراد "لؤي العقباني" أن يجمعها ليقدم للمجتمع قطفاً من حكم ومعان كانت قديماً مادة الحوار في المضافات ومرجعاً لتعليم القيم وعادات المجتمع.
هذه القصائد التي أخذت تردد على ألسنة الشباب وباتت تحتل مساحة كبيرة في المناسبات والحفلات الاجتماعية كانت خطوة متقدمة لهذا الفنان الذي أراد أن يوثق التراث بصوته، حيث أعاد غناء هذه القصائد، وأنشد سوالفها التي تحكي سبب نظمها، وفي هذا السبب أجمل المعاني والعبر تلك التي تحدث عنها لموقع eSuweda الذي حاوره للتعرف إلى دوافع هذا العمل الفنية والاجتماعية والجهات التي ساعدته في انجازه.
لهذه المشاريع مجموعة من الشروط مطلوب توافرها، أولها أن يكون الانتقاء دقيقا سواء أكانت سوالف بدوية أم محلية، فقد يكون جزء منها من صنع الرواة وبعضها قد يكون له جذر يضاف عليها مثل قصص الحكواتي القديمة هنا الدقة مطلوبة، وعندما يبحث "لؤي" عن المصادر الحقيقية فإنه يحرص على جمع القصائد من منابعها، وبشكل عام فإن عملية جمع القصائد والسوالف القديمة والتراثية ظاهرة صحية لها دور هام في حمايتها من الاندثار وتوخي الصدق والأمانة وتنقيتها من الشوائب ما يساعد على المحافظة عليها بمصداقية أكبر، والتركيز على الأجمل والأمتع جعلها أكثر قدرة على الانتشار لتجد شريحة كبيرة من الجمهور تتعاطى مع أغاني التراث وتطلبها
عملية البحث في التراث ظاهرة صحية وفكرة مجددة أكدها الباحث في الغناء التراثي "محمد جابر" بقوله: «لهذه المشاريع مجموعة من الشروط مطلوب توافرها، أولها أن يكون الانتقاء دقيقا سواء أكانت سوالف بدوية أم محلية، فقد يكون جزء منها من صنع الرواة وبعضها قد يكون له جذر يضاف عليها مثل قصص الحكواتي القديمة هنا الدقة مطلوبة، وعندما يبحث "لؤي" عن المصادر الحقيقية فإنه يحرص على جمع القصائد من منابعها، وبشكل عام فإن عملية جمع القصائد والسوالف القديمة والتراثية ظاهرة صحية لها دور هام في حمايتها من الاندثار وتوخي الصدق والأمانة وتنقيتها من الشوائب ما يساعد على المحافظة عليها بمصداقية أكبر، والتركيز على الأجمل والأمتع جعلها أكثر قدرة على الانتشار لتجد شريحة كبيرة من الجمهور تتعاطى مع أغاني التراث وتطلبها».
ومن وجهة نظر الفنان "لؤي العقباني" فإنه مهما تعددت الفنون فإن الغناء الشعبي والتراثي يبقى الأقرب للمجتمع وهو الأكثر قدرة على رواية قصة هذا المجتمع على مر العصور وأوضح فكرته بالقول: «عشقي للربابة والفنون الشعبية خلق لدي حالة من الشغف للتعرف إلى كل ما يتصل بالشعر الشعبي والربابة، ويدعم مخزوني وما أحفظ من قصائد أستمتع بها وأرغب بنقلها للجمهور الذي شعرت بأنه يستمتع بهذا النوع من الغناء، لأن هذا الغناء كان صوت المجتمع وصورته واستمراره دليل على ذلك، وهذا ما دفعني للبحث عن القصائد النادرة والقديمة من خلال البحث عن الرواة والحفظة للشعر القديم سواء الشعر المحلي أو البدوي إلى جانب المشاركة بسهرات الشعر الشعبي والاستفادة من خبرة الشعراء الشعبيين خاصة الكبار منهم لتحقيق القصائد من حيث الوزن واللحن.
كانت رحلة شاقة وممتعة في ذات الوقت فقد كنت أزور القرى البعيدة مثل "أم الرمان" و"الغارية" وقرى "صلخد" وقرى "شهبا"، ونلتقي الرجال والنساء كبار السن، أحاورهم لعدة مرات لأسجل القصيدة والقصة المرافقة لها أي السالفة لأن مناسبة قول القصيدة في أحيان كثيرة تكون أكثر إمتاعا من القصيدة، وقد وفقت بجمع عدد كبير من القصائد والسوالف من خلال هذه الرحلة لكنها استهلكت الكثير من الوقت، لأنه عمل معقد يحتاج للبحث عن المصادر الحقيقة والنص الحقيقي للقصائد والشاعر وغيرها من التفاصيل التي تقتضيها الأمانة لتسمى الأعمال باسم أصحابها حتى وإن عادت لعهود موغلة في القدم».
عن طريقة تقديم القصائد وعرضها يضيف الفنان "لؤي" بقوله: «كانت حصيلة العمل 300 قصيدة وسالفة وكنا ننشد السالفة في البداية لتكون مقدمة للقصيدة ومن ثم أغني القصيدة بشكل إفرادي على الرباية وكان لحن "الشروقي" هو اللحن الأكثر استخداماً إلا بعض القصائد التي اعتمدنا فيها "الهجينة" و"الفن"، ولكل لحن مزاياه وطريقته لكن أجملها "الشروقي" وقد تنوعت السوالف من سوالف تحكي قصص الثوار وأخرى اجتماعية إلى جانب قصائد الرثاء والمديح وغيرها من الأشعار التي لاقت استحسان الجمهور، وكانت تسجيلات "عماد" الجهة الوحيدة التي قدمت لي الدعم، مع أن هذا العمل يحتاج لدعم أكبر أتصور انه لا يمكن أن يتوافر إلا من خلال شركة إنتاج تختص بهذا النمط الذي أعتبره من أغنى الفنون ومن أكثرها طلباً من الجمهور في هذه المحافظة وخارجها».
عملية تسجيل هذه القصائد كانت خطوة داعمة للمشروع الذي بدأه قبل عدة سنوات مع تسجيلات "عماد" التي يديرها السيد "كمال الغجري" المهتم بالغناء التراثي حيث أخبرنا عن رؤيته لفكرة الفنان "لؤي العقباني" وقال: «التقينا مع فكرة لؤي عندما عرض ما جمع من مجموعات لسوالف وقصائد قديمة منها ما يردد دون أن نعرف سبب نظمه أو حكايته وجزء معروف لكن بحدود ضيقة، وقد استهوتني الفكرة فأخذنا نتابعه في كل مرحلة، لنقوم بتسجيل كل ما يعد من هذه القصائد، وقد انتشرت هذه القصائد بشكل واسع لأنها من وجهة نظري أعادتنا لعقود خلت عندما كانت السوالف والقصائد تردد بالمضافات حيث يلتقي الرجال والشباب وكانت الربابة تؤنس الجميع إلى جانب الاهتمام بما تقدمه القصائد والسوالف التي يتلوها الكبار، لتكون عظة للكبار والصغار فهذه القصائد عكست أخلاقيات المجتمع وقيمه، والعودة إليها بهذه الطريقة الفنية لها وقع وأثر كبير في النفوس، وفي هذا المجال تجد لدي عددا كبيرا من الأشرطة التي سجلتها لتشمل كافة القصائد التي أعاد تلحينها لتكون بمتناول الجميع ومن هذه القصائد: "ديرة الفرسان" "القهوة" "مريت على ديارهم" "حطي على النار يا جدة" وغيرها من القصائد الجميلة».