بآلة كمان عمرها 300 عام أهدتها إليه إحدى كبار المؤسسات العالمية ليعزف بها مدى الحياة، كتب العازف العالمي السوري الألماني "أشرف كاتب" وشاركته كذلك عازفة البيانو الليتوانية "رامونه نيريس"، صفحة جديدة في تاريخ "دير الزور" الثقافي، وذلك عندما استمع أبناؤها إلى ساعة ونصف الساعة من الموسيقى الكلاسيكية التي كانت تطرق باب "الفرات" للمرة الأولى.

وبعد أن وقف على مسرح أوركسترا الأمم الذي كان فيه العربي الوحيد، وقف هو نفسه على خشبة المركز الثقافي بـ"دير الزور" بتاريخ 9 تشرين الأول 2009، فكانت أمسية خريفية لامست عتبة الحلم.

بدأت منذ العام 1997 بمشروعي هذا، وهو يحمل اسم (الموسيقى العربية والعالم)، أقوم خلاله بعزف مؤلفات لموسيقيين عرب جادين في كل أنحاء العالم، والهدف تعريف هذا العالم بنتاج هؤلاء المبدعين الموسيقيين العرب

أكثر من 350 شخص أموا المركز الثقافي واستمعوا إلى 10 مقطوعات موسيقى كلاسيكية قدمها العازفان "أشرف كاتب" و"رامونه نيريس" ضمن برنامج "أمسيات خريفية" "تحية من حلب" الذي رعاه السيد وزير الإدارة المحلية الدكتور "تامر الحجة" وبمشاركة من ثمان شركات خاصة أحدها شركة "كنامة" الديرية، والذي قُدم في خمس محافظات كان ختامها "دير الزور".

خلدون كنامة وزوجته

وتنوعت المعزوفات بين مؤلفين عالميين ومؤلفين عرب، وعن هذا التنوع خاطب "كاتب" الجمهور قائلاً:

«بدأت منذ العام 1997 بمشروعي هذا، وهو يحمل اسم (الموسيقى العربية والعالم)، أقوم خلاله بعزف مؤلفات لموسيقيين عرب جادين في كل أنحاء العالم، والهدف تعريف هذا العالم بنتاج هؤلاء المبدعين الموسيقيين العرب».

مروة بعاج

وأضاف "كاتب":

الحضور الرسمي

«لكل شعب تاريخه وعاداته ولغته و موسيقاه الخاصة به، ولعل الموسيقى أكثر تعبيرات الإنسان قدرة على الانطلاق وعبور الحدود، فهي لا تحتاج الى ترجمة لأنها مفهومة كلغة عالمية على مستوى التلقّي بقدر ما هي خصوصية على مستوى الإنتاج. قوالبها الحالية هي نتيجة جهود وإبداعات على مر العصور تفاعلت وشاركت فيها كل الحضارات الإنسانية..

تأييداً لتقارب الحضارات لا صراعها، وتمازج الآراء المختلفة لا تثبيت اختلافها، كانت هذه الحفلات التي نحييها في أنحاء المعمورة كافة وسيلتنا للتعبير عن آرائنا وقضايانا بلغة كونية عظيمة تفهمها البشرية جمعاء، وقد كان تنكيه هذه الحفلات بمقطوعات لمؤلفين عرب أثره الكبير في هذا المنحى.

فكما نعزف الموسيقى العالمية الغربية في بلادنا العربية، يتوجب علينا تعريف العالم الغربي والعربي بنتاجات مبدعينا العرب.. ما أجمل أن تكون الموسيقى لغة التفاهم بين الشعوب كافة».

وكذلك تحدث "كاتب" عن مشروع آخر رسخه كعربي سوري أصيل في أذهان الحاضرين، وهو مشروع (لأجل من تشردوا) الذي من المقرر أن يبدأ في العام القادم، وهو تقديم مقطوعات موسيقية في 25 عاصمة مع أشهر عازفي البيانو في العالم لنصرة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

ولموقع eDeir-alzor قال:

«هذه ليست زيارتي الأولى لـ "دير الزور"، فقد زرتها منذ 30 عاماً وكنت وقتها طفلاً صغيراً، ولي فيها أصدقاء مقربين جداً، وها أنا الآن، أزورها بعد ثلاثين عام كعازف محترف، وأقيم فيها أول أمسية موسيقى كلاسيكية في تاريخ المحافظة».

وللتعرف على رأي الجمهور الذي يستمع للمرة الأولى لهكذا نمط من الموسيقى، التقى eDeir-alzor بمجموعة من الحضور، وكانت آراء الغالبية منهم توضح بأن ما تم تقديمه نمط جديد، وليس لهم خبرة سابقة به، لكنه أعجب البعض، ورأى فيه البعض الآخر ثقافة كان من المفروض أن تبدأ مبكراً.

وقالت "مروة بعاج":

«محافظتنا تفتقر لمثل هذا النوع من الحفلات الموسيقية، كما أن انتشار الفن الهابط بشكل كبير من خلال بعض القنوات الفضائية والإذاعات، جعل المشاهد والمستمع يعتاد على مثل تلك الأنماط.

لكن مثل هذا النوع من الموسيقى، والاعتماد على آلتين موسيقيتين من أرقى الآلات، والطريقة الاحترافية الرائعة التي عزف بها العازفان ساعدت على إطراب أذاننا، ولامست موسيقاهم الهادئة أحاسيسنا، فنقلتنا إلى عالم آخر تماماً، وعرّفتنا على الموسيقى الحقيقية، ونتمنى أن تتكرر مثل هذه الأمسيات الموسيقية».

وكانت محطة الموقع الأخيرة عند السيد "خلدون كنامة" وهو أحد مالكي شركة "كنامة" المساهمة في رعاية البرنامج، وسألناه عن سبب المشاركة في الرعاية فأجاب:

«مخطئ من يظن أن التنمية والتطور هي مجرد معامل ومشاريع فقط، ومخطئ جداً من يظن أن الفنون مجرد تسلية أو مادة لملئ أوقات الفراغ.

هناك أمم ما تزال حتى اليوم معروفة بأسماء مثقفيها وفنانيها، فيكفي أن تقول "هوميروس" حتى تذكر الحضارة الإغريقية، وأن تقول "باخ" حتى تذكر "ألمانيا" وأن تقول "صباح فخري" و"أشرف كاتب" لتذكر "حلب"، وكذلك "محمد الفراتي" فترتسم في مخيلتك فوراً "دير الزور".

وهناك أمر لا بد من ذكره، وهو أننا لم نشارك في رعاية البرنامج فقط لأنه سيزور "دير الزور"، وإنما إيماناً منا بدور الفن في تنوير الفكر، وهذا أكثر ما نحتاجه خاصة في محافظتنا التي تشهد الآن برنامج تنمية واسع، أحببنا أن نضيف إليه لمسة ثقافية مميزة، إضافة إلى صداقة قديمة تربطنا بالعازف "أشرف كاتب"، ورغبته هو بالعزف لجمهور "دير الزور"».

حضر الحفل المكلف بأمانة فرع حزب البعث الدكتور "طه خليفة" ومحافظ "دير الزور" المهندس "حسين عرنوس" ورئيس مجلس المدينة "مروان الحسبات" وعضو المكتب التنفيذي "سهام الخاطر" ورئيس غرفة التجارة والصناعة "مازن كنامة".

هذا وخص العازف العالمي "أشرف كاتب" موقع eDeir-alzor بلقاء تحدث فيه بصراحة عن مواضيع مختلفة وعن مشاريع مستقبلية سيُنشر قريباً.

"أشرف كاتب" ورامونه نيريس" في سطور

ولد عازف الكمان السوري الألماني "أشرف كاتب" في مدينة "حلب" الشهباء المعروفة بأصالة الموسيقى فيها، ودرس في مدارسها بالإضافة الى المعهد العربي للموسيقى، حيث لوحظ لديه ومنذ سن مبكرة ميولا موسيقية وموهبة في العزف على عدة آلات.

أنهى دراسته في المعهد بدرجة امتياز وتابع الدراسة عند الخبراء السوفييت، وحصل على شهادة الثانوية العامة (82%) ونال منحة لدراسة الموسيقى في موسكو بترشيح من أساتذته الروس، وهكذا كان وذهب لموسكو وأتم دراسته (5 سنوات) وحصل على شهادته بتفوق، وذهب بعدها لبرلين لمتابعة دراسته وتخصصه، وهو مقيم في برلين منذ العام 1992. ومنذ 2006 يدرس في كراكوف دراسات عليا.

شارك اشرف كاتب في الكثير من المهرجانات العالمية وعزف في كل العالم، وكان العربي الوحيد في اوركسترا الأمم، وعزف مع اغلب المشاهير في عالم الموسيقى. ومنذ العام 1997 يقود مشروعه (الموسيقى العربية والعالم) وهو مشروع رائد على مستوى العالم من حيث جمع مؤلفات الموسيقيين العرب الجادين ونشرها وعزفها لتعريف العالم أجمع بنتاج المبدعين الموسيقيين العرب، وكانت أسطوانته الأولى (إيماء) مع عازف البيانو السوري الألماني "غزوان زركلي" هي سبق على المستوى العالمي وعمل فريد من نوعه في تاريخ الموسيقى ككل، يقيم "أشرف كاتب" حفلات في كل العالم مع موسيقيين عرب و أجانب وهو مستمر في مشروعه.

متزوج من عازفة الكمان الروسية الألمانية "ناتاليا بريشبينكو" وهي عازفة الكمان الأولى في واحد من أشهر الرباعيات الوترية Artemis Quartett ولديهما ولدان "ليو ناصح" و"ميشا ريبال".

"رامونه نيريس"

ولدت عازفة البيانو "رامونه نيريس" في "ليتوانيا" عام 1978، وتلقت أولى دروسها على آلة البيانو في سن السادسة، وفي الثالثة عشر قدمت أول حفلة لها.

أنهت دراستها التخصصية في العزف على البيانو في أكاديمية الموسيقى الليتوانية في "فيلنوس"، وفي عام 2005 من أكاديمية الفنون في "برلين" وأنهت دراستها العليا تخصص موسيقى الحجرة من أكاديمية "كارا ماريا فون فيبير" في "دريسدين".

شاركت في الكثير من المهرجانات الموسيقية مثل: مهرجان موسيقى الشباب في "نيقوسيا" "قبرص" – مهران موسيقى الحجرة العالمي في "تالين" "لاتفيا" – عيد الموسيقى في "برلين"، وشاركت في كثير من الحفلات كعازفة رئيسية يرافقها الفرقة السيمفونية الليتوانية.

حصلت على الجائزة الأولى في مسابقة "نيكولاي روبينشتاين" في "باريس"، وعلى الجائزة الثالثة في مسابقة "لندن" للبيانو عام 1998، والجائزة الأولى في مسابقة موسيقى الحجرة الدولية في "يورمالا – لاتفيا" عام 2000.

أنشأت وتدير مدرسة "جليساندو" الموسيقية في "برلين".