تكمن عراقة مدينة "دمشق" بتراثها الضخم والذي تشكل عبر العصور حيث لعبت "دمشق" خلالها دورها الجغرافي والتجاري والسياسي الحيوي، فكانت مكاناً ومقصداً فـ"دمشق" هي ملتقى للعديد من المميزات الإنسانية حيث تلاقى فيها التجار والمسافرون والسياح والشخصيات الهامة عبر التاريخ، وكانوا في معظم الأحيان يتجهون إلى الخانات لأخذ قسط من الراحة وعرض بضائعهم، كان الخان بمثابة منزل حميمي لهم بحكم ما تتمتع به هذه الخانات من الروعة والدهشة والجمالية المعمارية إضافة إلى الشعور بالأمان والراحة النفسية التي تؤمنها البيئة وسكانها.

"فريق دمشق قديمة" بتاريخ 22/4/2009 عاد إلى ذكريات الماضي إلى الدور الذي كانت تقوم بها هذه الخانات، وخلال جولتنا في أسواق "دمشق القديمة" اتجهنا إلى خان "الحرير" ولمعرفة المزيد عن الخان وتاريخه كان لنا لقاء مع السيد "ياسين الطباع" صاحب محل أقمشة ما يزال هناك منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، وبدأ بالقول: «خان "الحرير" موجود من أيام العثمانين وسمي بهذا الاسم نسبة إلى محلات القماش والحرير فيه، ويقع في منتصف سوق "الحرير" على يمين الداخل إليها من جادة سوق "الحرير"، شيده والي دمشق "درويش باشا" الذي حكم بين (1571و 1574م) وجعله على اسم جامعه المعروف في "الدرويشية" وكان في الأصل يعرف باسم "قيسارية درويش باشا"، وهي تسمية تعني السوق المغطى والمغلق، ثم أطلق عليه فيما بعد تسمية خان "الحرير"، والمحلات التي في داخل وحول الخان مشهورة ببيع العبي والشالات والحطات والجلاليب والأقمشة».

"دمشق" معروفة بحسن الضيافة لكل زوارها، في الماضي عندما كان التجار والمسافرون خلال سفرهم على طريق الحرير يمرون بخانات "دمشق"، المسؤولون عن خان "الحرير" كانوا يستقبلونهم ويحييونهم ويعرضون عليهم أطعمة ومشروبات خفيفة من أجل استرداد الحيوية على الطريق

أما عن أوصاف ومساحة الخان يضيف السيد "الطباع": «إجمالاً عدد الغرف الموجودة في الخان هي حوالي 90 غرفة ويتألف من طابقين الأرضي والعلوي، أما مساحة الخان فتتراوح ما بين/2500/م2، يحيط به من خارجه /27/ مخزناً للبوابة المبنية من الحجارة المنحوتة بمداميك بيضاء وسوداء مزخرفة بشكل جميل، والباحة مبلطة بأحجار سوداء مستطيلة يحيط بها 19 مخزناً، أما الطابق العلوي فهو مشيدٌ بأحجار شبه بيضاء يشغله صانعو الأحذية والجوارب والقباقيب والزنانير والمطرزات».

عرِف عن أهل الشام أنهم يتميزون بحسن ضيافة الزوار فهذه الصفة أصبحت من تقاليد وعادات "دمشق"، وهي موروثة منذ القدم وخان "الحرير" لم يكن خارجاً عن هذا العرف، فالمسؤولون عن الخان كانوا يقدمون الواجب الدمشقي الأصيل تجاه المسافر أو التاجر الذي كان يبيت في الخان عدة أيام، وعن هذا يشير السيد "الطباع" بقوله: «"دمشق" معروفة بحسن الضيافة لكل زوارها، في الماضي عندما كان التجار والمسافرون خلال سفرهم على طريق الحرير يمرون بخانات "دمشق"، المسؤولون عن خان "الحرير" كانوا يستقبلونهم ويحييونهم ويعرضون عليهم أطعمة ومشروبات خفيفة من أجل استرداد الحيوية على الطريق».

ويضيف السيد "باسل الطباع": «ومن المعروف أن الطابق العلوي في الخانات كان مخصصاً للتجار والمسافرين للنوم فيه، أما الطابق الأرضي فكان عبارة عن دكاكين ومخازن للبضاعة وإسطبلات للخيل والجمال، وإلى يمين ويسار الخان هناك درج يؤدي إلى الدور أو الطابق العلوي، وفيه غرف للنوم بشكل دائري ويطل المسافر منها على الساحة من خلال "درابزين" حديدية مزخرفة، وتنار الغرف بالشموع والقناديل ووسائل الإضاءة المعروفة في ذلك الزمن مثل الفانوس من أجل سهر التجار وتمضية الليل الطويل، وهذا ينطبق بشكل كامل على خان "الحرير"».

وخلال مراجعتنا للسيد "أدريس عمر" أحد المختصين بالتراث قال: «يعتبر خان "الحرير" من الخانات المهمة في دمشق، وله تاريخ تراثي طويل، وقد استخدموه للتمثيل في عدة مسلسلات شامية، فتاريخ هذا الخان يعود إلى العهد العثماني وكان التجار القادمون إلى بلاد الشام والذين كانوا على طريق سفر "الحرير" يمرون به ويأخذون قسطاً من الراحة، كما كان يتم فيه التبادل التجاري بينهم وبين تجار "دمشق"».