في ظل تزايد أعداد السوريين المقيمين في تركيا، أصبحت مسألة الزواج وتثبيته قانونياً من القضايا المهمة التي يبحث عنها الكثيرون سواء كان الزواج بين سورييْن، أو بين سوري ومواطنة تركية (أو العكس)، وخاصة للزواج الذي تم مسبقًا خارج البلدية كعقد الشيخ الديني.الذي نقله السوريون معهم إلى غربتهم وما زالوا ملتزمين بتقاليدهم في ذلك الموضوع.
ولكن قد يكون مستغرباً بعض الشيء أن تنتقل مهنة الكاتب بالعدل أو بالعامية ( الشيخ ) الذي يعقد قران العريس على عروسه من سورية إلى تركيا، فالسوريون وجدوا ضالتهم بالعمل في السوق التركية وأسسوا لأنفسهم عائلات وفق شريعة الله وسنة نبيه الكريم، فلا بد من شخص موثوق وشاهدين أثنين ليتم عقد القران بحضور ولي أمر العريس وولي أمر العروس.
بعض المتزوجين من السوريين خلال ال14سنة من الإقامة في تركيا وثقوا عقود زواجهم لدى المحاكم التركية أو في الداخل السوري، فيما هناك من ترك المسألة على هواها ما أدى إلى حدوث مشكلات عائلية بين الزوجين تارة أو مع الجانب التركي تارة أخرى، حين يستدعي الأمر إبراز عقد الزواج فلا يجدونه ما تسبب بحدوث مشكلات غير محسوبة
ومن المفارقات الجميلة في حياة السوريين في تركيا أن الكثير من الأصدقاء الأتراك تعرفوا على عائلات سورية، ما أدى إلى نشوء روابط اجتماعية قوية زادت متانة بالزواج.
الشيخ حاضر في عقد القران
يتحدث الشيخ عمار حياني من محافظة حلب و المقيم في ولاية مرسين منذ أكثر من عشر سنوات عن تجربته و عمله بكتابة عقود الزواج فيقول لمدونة وطن:
مع تزايد أعداد السوريين في تركيا وحالة الاستقرار التي نجمت عن طول مدة الحرب في بلادنا بحث السوريون كافة عن أعمال ومصادر رزق في حرف ومهن متعددة، كما بحثوا أيضاً عن الاستقرار الاجتماعي المتمثل في تكوين عائلة فكان لا بد من وجود عقد شرعي يوثق اتفاق الطرفين بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ما دفعني إلى تلبية طلبات عقد القران، وأنا مستمر بذلك لغاية اليوم.
وعن تفاصيل عمله أضاف حياني: بالأصل لا يوجد اتفاق مالي ونحن نلبي الطلب و نحضر إلى منزل والد العريس مع الشهود وولي أمر العروس و العريس وثلة من المدعوين لتسهيل الأمر من دون شروط مسبقة وحين يقدم لنا والد العريس مبلغاً من المال فإننا نتقبله ونتقدم إليه بالشكر وندعو الله أن يوفق بين الزوجين ليؤلفا معاً عائلة متحابة.
وعن إحدى الطرائف التي حصلت ( مع الشيخ ) خلال ذلك العمل التطوعي قال :
قبل ثلاث سنوات قمت بكتابة عقد الزواج لشابة وشابة و تمت المراسم كالمعتاد بفرح وسرور.
وبعد أسبوع واحد فقط وردني اتصال من رجل يريد أن يعقد قران ابنه على إحدى الفتيات فلبينا الدعوة، وحين دخلت منزل والد العريس تعرفنا على الحاضرين؛ وإذ بوالد العريس يقدم لي ابنه العريس وهنا فوجئت كثيراً ، فالشاب هذه المرة هو نفسه العريس الذي عقدت قرانه على شابة أخرى قبل حوالي أسبوع مضى، وتم عقد القران و لم أشأ السؤال كيف ولماذا تغيرت العروس خلال عدة أيام ، لكن أحد الحاضرين قال لي بعد خروجنا من منزل والد العروس إن الخلاف الذي حصل مع أهل العروس الأولى كان بسبب الخلاف على قيمة المهر " المقدم و المؤخر"
راحة نفسية وسعادة عائلية
رضوان ملحم سوري مقيم وأسرته في تركيا وصف مشاعره عندما حضر عقد قران أخته بالقول:
تختلف مشاعري التي عشتها حين عقدت قراني على زوجتي عن تلك التي عشتها بلحظات عامرة بالفخر و السرور عندما شهدت عقد قران شقيقتي، ولا سيما أنها الفتاة الوحيدة في عائلتنا، ومثل هذا العقد المبارك يحدث في منزل والدنا أول مرة.
وأضاف: زادت سعادتي عندما تم الأمر على شريعة الله وسنة نبيه الكريم وبحضور شخص موثوق"سوري" يقوم بعقد القران وشاهدين اثنين وبحضور ولي أمر العريس و ولي أمر العروس.
أما فراس فنري أحد المدعوين لحضور عقد القران من جانب والد العريس كونه صديقاً مقرباً جداً إليه قال عن هذه المناسبة: هي ليست المرة الأولى التي ألبي فيها دعوة كريمة كهذه فقد اعتدنا مذ جئنا إلى تركيا أن نحضر حفلات عقد القران مشاركين فرحة طرفي العقد أسرة العريس وأسرة العروس، وبخاصة أن العريس أحمد هو النجل البكر لصديقي والده و تربطني به علاقة أخوة ثم صداقة تجاوز عمرها 13عاما، ويتابع حديثه قائلاً: الحقيقة كل المناسبات المشابهة تتم وفق تقاليدنا بوجود شيخ سوري يعقد القران معروف في المنطقة بالإضافة لشاهدين أيضا معروفين من قبل أصحاب العرس وهذا بحد ذاته يشكل عامل ارتياحاً لدينا نحن السوريين في غربتنا.
ختاما فان زواج السوريين في تركيا يخضع لقوانين دقيقة تحترم حقوق الطرفين، وتضمن الشفافية فتثبيت الزواج المدني هو الضمان الوحيد للاعتراف القانوني بحقوق الزوجين والأبناء وخاصة للزواج الذي تم مسبقًا خارج البلدية كزواج عرفي أو عقد ديني.