حظيت "قلعة صلاح الدين" بلقب أجمل نموذج لفنّ العمارة العسكرية في "سورية"، وصنّفتها منظمة اليونسكو في عام 2006 على لائحة مواقع التراث العالمي، ولكنها ورغم هذه المكانة كانت من أكثر الأماكن الأثرية تضرراً من زلزال السادس من شباط الماضي.

الموقع والتاريخ

على ارتفاع 400 م عن سطح البحر تقع قلعة "صلاح الدين الأيوبي" على بعد 33 كم شرقي مدينة "اللاذقية" قرب مدينة "الحفة"، وتجثم على رأس صخري مثلث الشكل مرتبط من جهته الشرقية بالهضبة المجاورة ويحيط بها من الجهتين الشمالية والجنوبية واديان عميقان قربهما مجاري مياه يبلغ طولها 740 م، ومساحتها تنوف على خمسة هكتارات.

تعود أقدم الإشارات التاريخية حول قلعة "صلاح الدين" عند الحديث عن مدينة "سيغون" وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد، وفي عام 975م استولى عليها البيزنطيون من الحمدانيين، وفي أوائل القرن الثاني عشر استولى عليها الفرنجة، ومكثوا فيها حتى قدوم "صلاح الدين الأيوبي" عام 1188 حيث طردهم منها، وهاجم المغول سورية مجدداً عام 1280م، وفي عام 1289م أصبحت "صهيون" تابعة لولاية "طرابلس" وتبعت للسلطان المملوكي كتبغا

ويقول المهندس "إبراهيم خير بك" مدير آثار "اللاذقية" لـ"مدوّنة وطن": «تعود أقدم الإشارات التاريخية حول قلعة "صلاح الدين" عند الحديث عن مدينة "سيغون" وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد، وفي عام 975م استولى عليها البيزنطيون من الحمدانيين، وفي أوائل القرن الثاني عشر استولى عليها الفرنجة، ومكثوا فيها حتى قدوم "صلاح الدين الأيوبي" عام 1188 حيث طردهم منها، وهاجم المغول سورية مجدداً عام 1280م، وفي عام 1289م أصبحت "صهيون" تابعة لولاية "طرابلس" وتبعت للسلطان المملوكي كتبغا».

مجموعة من الانهيارات والتصدعات

القلعة والزلزال

المسلة

خرّب الزلزال أجزاءً عدة من قلعة "صلاح الدين" وللوقوف على الأضرار تحدث المهندس "خير بك" عن الوضع الإنشائي للقلعة بعد الزلزال قائلاً: «بعد تشكيل فرق هندسية عدة تبيّن تصدع وتشقق في الجدار الشرقي (السور الشرقي) الواقع بين البرج الدائري الجنوبي الشرقي والبرج الدائري الثاني الذي يليه من الجهة الشرقية، وبعض التصدع والشقوق في البرج الدائري الجنوبي الشرقي برج زاوية، وتصدع وسقوط بعض الأحجار في السور الشرقي فوق المسلة الحجرية في الخندق، وسقوط بعض الأحجار على السطح الأخير للبرج الرئيسي "برج الملك"، وسقوط بعض العتبات على النوافذ في السطح الأخير فوق الشبابيك المطلة باتجاه داخل القلعة، وانهيار لجدارين بالكامل في الجزء المنخفض (البرج الجنوبي الغربي وتصدع وتشقق في السقف الباقي وهو حجر شك».

ويضيف: «هناك بعض التشقق في زوايا الكنيسة البيزنطية في الجزء المنخفض (الزاوية الغربية الجنوبية والزاوية الغربية الشمالية)، وشق كبير وصدع في البرج الغربي الشمالي في الجزء المنخفض (زاويته الشمالية الغربية والتشققات كبيرة جداً)، وتصدّع وشقّ كبير في زاوية البرج الشمالي في الجزء المنخفض (البرج الذي يجاور الكنيسة البيزنطية)، التصدع والشق في زاويته الجنوبية الغربية من الأعلى للأسفل، سقوط بعض الأحجار بالقرب من المنارة البيزنطية في منتصف القلعة البيزنطية من بعض الجدران، يتم إعداد دراسة ترميمية لها وموافاة الإدارة العامة بالأضرار التي خلّفها الزلزال كافة».

المهندس إبراهيم خير بك

القلعة العصيّة

مدير القلعة "عبد الله زكريا" الأمين للقلعة لأكثر من ربع قرن، يتحدث عن القلعة قائلاً: «مرّت القلعة بخمس فترات تاريخية وهي الحمدانية والبيزنطية والفرنجية والأيوبية والمملوكية، كنت الحارس الأمين لها منذ سبعة وعشرين عاماً من خلال أعمال الترميم فيها، حفظتها بكل تفاصيلها سواء في قسميها الشرقي المرتفع والغربي المنخفض، فالقلعة كمكان أثري هي كتاب تاريخي مقروء بأبنيته الموجودة التي توثّق الفترات التاريخية كلها.

ويبين أن الزلزال سبّب ضرراً بالقلعة ولكن ليس هناك ضرر يمحو فترة تاريخية، وخاصة أننا قادرون على ترميمها وإحيائها مرة أخرى على الرغم من المبالغ الباهظة التي تحتاجها لإتمام عملية الترميم».

السلامة العامة

آثار الزلزال على القلعة هددت سلامة الناس والزوّار، وهنا يتحدث "زكريا" قائلاً: «على الرغم من ضخامة وصلابة القلعة، ومتانة عمارتها وقوة جدرانها كانت أغلب الأضرار على الأطراف، بسبب الارتفاعات الشاهقة والوديان العميقة وتحصيناتها الدفاعية الفريدة على مستوى العالم، ما جعل آثار الزلزال أقوى وأشد على القلعة، وكان الضرر موضعي في بعض النقاط لكن الجزء الأخطر كان من الجهة الشرقية "المسلة" جهة الشارع العام، فالأسوار على ارتفاع أكثر من 70 متراً تهدد سلامة الناس والزوّار، وتم تعليق الزيارات وإغلاقها، كما تم إبلاغ الجهات الرسمية للعمل على قطع الطريق المؤدي إليها حفاظاً على السلامة العامة».

يذكر أنه وبعد الكشف والتقييم تبين أن الزلزال تسبب بالضرر الشديد لـ 26 موقعاً أثرياً في محافظة "اللاذقية"، وتفاوتت الأضرار فيما بينها حيث الانهيارات والتشققات المتوسطة والخفيفة، كان أخطرها وأشدّها في قلعتي "صلاح الدين" و"المهالبة"، ومدينة "اللاذقية القديمة"، و"ابن هانئ" وغيرها.