رغم مشاركاته في عدد من الأعمال السينمائية وأعمال الدراما التلفزيونية، إلا أن الفنان "محمد شما" يعتبر أن المسرح هو ملاذه الذي يحن إليه كلما ابتعد عنه، فهو كما يقول، بيته الأول الذي عشقه باكراً، ولا ينازعه في هذه المنزلة أي فن آخر، هنا ومن على خشبته قدم عروضاً مسرحية كانت جزءاً منه وأضاف للشخصيات بعضاً من روحه لتكون أقرب للإقناع.
وجهة نظر
مدوّنة وطن تواصلت مع الفنان "محمد شما" الذي يحدثنا عن موهبته وعشقه للمسرح فيقول: «بدأ شغفي بالمسرح منذ الطفولة، تلك الخشبة التي أشعر بإحساسها ورائحتها العبقة التي أحن إليها كلما ابتعدت عنها، المسرح هو ملاذي وكياني، درست التاريخ ولم أكمل بسبب التحاقي بخدمة العلم حينها وعدم تعلقي بهذا الفرع من الدراسة».
بدأ شغفي بالمسرح منذ الطفولة، تلك الخشبة التي أشعر بإحساسها ورائحتها العبقة التي أحن إليها كلما ابتعدت عنها، المسرح هو ملاذي وكياني، درست التاريخ ولم أكمل بسبب التحاقي بخدمة العلم حينها وعدم تعلقي بهذا الفرع من الدراسة
ويتابع بالقول: «لم يدفعني أي تفصيل للدخول في لعبة التمثيل التي أراها حقيقية، فأنا لا أمثل بل أطرح الشخصيات من وجهه نظري، وإن كانت مركبة أضيف إليها من عالمي الخاص بتفاصيل محددة تلامسني وأحتويها لنخرج معاً أنا والشخصية بلبوس واحد مقنع وجذاب وحقيقي، وأبتعد ما استطعت عن عبارة تمثيل لأسميها تجسيد واستحضار لروح كل ما يسند إلي، أما ما يطلق عليه الجميع تمثيل، فأنا لست ضد هذا المصطلح، إنما أحاول ما استطعت أن أتفرد».
شجون الدراما
صعوبة العمل بين جنبات أبو الفنون كبيرة جداً وحولها يقول الفنان "شما": «تبدأ الصعوبات من الوارد المالي مروراً بدور العرض، وصولاً إلى عدم الاهتمام بالشكل الأمثل بهذا الفن العظيم الذي يغذي الأرواح قبل الأجساد، وأعتقد أنه يجب أن تنهض بعزيمة أصحاب القرار، وعندها سنجد مسرحاً مكسواً بالحب والأمل وصناعة الإنسان فالمسرح يستحق كل شيء، وكأحد الفاعلين في هذا المكان مسرحياً من الطبيعي أن أواجه أغلب الصعوبات التي ذكرتها، وبالرغم من ذلك يبقى المسرح هو الكيان الذي يغني روحي».
يُفضل الفنان "شما" المسرح ويجد نفسه وروحه فيه، يعشق السينما، في حين لا تغريه الدراما التلفزيونية ويقول: «هناك مراحل عديدة لتطور الدراما السورية، كانت سباقة في أغلب أوقاتها على يد صناع ومخرجين كبار منهم من فارقنا ومنهم موجود بيننا، وأعتقد أن الألق والصدارة كانت في الأعوام التي سبقت الحرب على "سورية"، ثمة محاولات لعودة المنتج السوري ولكنها خجولة يحكمها المال الذي يتحكم بكل تفصيل».
ويضيف بقوله: «يجب ألا نغفل أن أحد أسباب تراجع الدراما هو التعاطي الخاطئ والكارثي في السنوات الأخيرة مع معطياتها، كظهور بعض المخرجين والممثلين غير الكفوئين، وبتنا نسمع بأشخاص لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالفن بسبب تحكم رأس المال، حيث نلاحظ غياب أسماء مهمة وتغييب أسماء عن قصد وعدم الاحترام للمواهب الحقيقية أو التعاطي معهم باستغلال، إضافةً إلى حالة من الشللية السلبية التي تحكم أغلب ساحات الوسط الفني، وبالمقابل نرى اليوم محاولات جادة من قبل مخرجين وصناع قرار للنهوض قدر المستطاع بالدراما وإن كانت محاولات خجولة».
مشاركات متنوعة
خاض الفنان "محمد شما" الذي يحضر حالياً لفيلم سينمائي مع المخرج "غسان شميط"، أول تجربة تلفزيونية له مع المخرج "نجدت اسماعيل آنزور" في مسلسل "البحث عن صلاح الدين"، تلتها مشاركة في مسلسل "كوم الحجر" مع المخرج "رضوان شاهين"، وتوالت مشاركاته لاحقاً في أعمال درامية منها: "رايات الحق"، "الحسن والحسين"، "المنعطف"، "لأنها بلادي"، وفي السينما كانت تجربته الأولى مع المخرج "سمير ذكرى" في فيلم "علاقات عامة"، ثم مع المخرج "محمد ملص" في فيلم "المهد"، وتلا ذلك تجارب متنوعة في مشاريع سينما الشباب، وأخرى متميزة مع المخرج "نجدت إسماعيل آنزور" في فيلمي "رد القضاء"، و"سجن حلب المركزي"، وثلاث تجارب سينمائية مع المخرج "عبد اللطيف عبد الحميد" كان آخرها فيلم "الطريق" الذي سيعرض قريباً.
المسرح أولاً
الفنان "شما" المولود في "إدلب" عام 1976 والذي أمضى حياته في مدينة "حلب" يحدثنا حول تميز أبو الفنون بقوله: «ما يميز المسرح هو ذاك الالتقاء الحقيقي بين الفنان والجمهور وجهاً لوجه يشعر بفرحه، يبكي لبكائه، هي لحظات عظيمة يصعب شرحها بالكلمة، مشاعر من الحب والرغبة والسمو والخوف، ثمة مع كل بداية عرض مسرحي رهبة يفرضها المكان وجمهوره».
وعن الأثر الذي تركته مدينة "حلب" في تكوينه الفني يقول: «كان لي في "حلب" ما يقارب أربعين عرضاً مسرحياً منها: "العنب الحامض"، "مين القاتل"، "أشباح المدينة"، "الورشة"، "بساط حلبي"، وهو من أكثر الأعمال ملامسة لروحي مع المخرج المسرحي "عروة العربي".. صقلت مدينة "حلب" شخصيتي وعلمتني الفن، وكان للمخرج "إيليا قجميني" أثرٌ كبيرٌ في بداياتي، وكذلك للمخرج المسرحي "كريكور كلش"، ولهما الفضل الكبير في تكويني الأول مسرحياً إلى جانب الفنان "ناصر وردياني" والفنان "أسامة السيد يوسف" والناقد "فاضل كواكبي"».
رأي فني
من جهته الفنان "عاصم حواط" يقول: «علاقتي بالفنان "محمد شما" علاقة أخوة وصداقة وهو على الجانب الإنساني صديق حقيقي ومخلص، هو إنسان محب، وعلى الصعيد الفني هو من الأشخاص الموهوبين الشغوفين بالفن، وهو محب للمهنة يتعامل مع الشخصيات بحالة من الشغف ويتناول تفاصيلها وحالتها الإنسانية والنفسية، ويكون صادقاً مع نفسه بالتعامل مع الشخصيات، يتماهى معها لكي تكون حقيقية من لحم ودم وقريبة من المشاهد، وهو كمخرج له حضور مهم وكانت لي تجربة معه في مسرحية "القلادة السحرية".. يتعامل بشكل متميز مع الممثلين ويخرج منهم كل طاقاتهم الكامنة، ويستطيع أن يدير الخشبة بطريقة احترافية، لديه رؤية بقدر ما هي بسيطة فهي مؤثرة، يستطيع تحريك الممثل والتعامل مع الديكور والإضاءة والسينوغرافيا بطريقة مشوقة، وأتمنى أن نقدم مجدداً عملاً مسرحياً».
جرى اللقاء بتاريخ 12 آذار 2022.