على أرض منبسطة ترتفع /300/ متر عن سطح البحر، استقر الجد الأول "الشيخ يوسف" مؤسس قريته الصغيرة والتي تعرف باسم قرية "بيت الشيخ يوسف"، والمعروفة بطبيعتها ومحاصيلها المميزة وجوها الهادئ التي يتمتع بها كل من يقصدها.

فقرية أو كما تعرف بمزرعة "بيت الشيخ يوسف" التي زارها موقع eSyria بتاريخ 28/5/2012 تتبع إدارياً لبلدية "الخريبة" الواقعة جنوب شرق مدينة "بانياس" وعلى بعد حوالي خمسة وعشرين كيلومتراً منها.

قبل تزايد عدد السكان الذي وصل حالياً إلى حوالي /300/ نسمة، كنا نسكن في القرية القديمة الواقع على بعد حوالي كيلومتر واحد من مركز القرية الحالية، حيث كان يطلق عليها اسم "المقذة" حيث الأشجار والطبيعة الجميلة، وسميت بهذا الاسم نتيجة تربية دودة الحرير بكثرة على أوراق التوت البري- الديس-، وهي منطقة مهجورة حالياً

وللتعرف أكثر على تاريخ هذه القرية الصغيرة التقينا الأستاذ "خليل يوسف" من أحد السكان القاطنين في القرية، تحدث بالقول: «مزرعة "بيت الشيخ يوسف" هي إحدى تسع مزارع تابعة لقرية "الخريبة" وتتوسطها كأنها قلبها النابض بالحياة، وهي مزرعة معروفة بنشاطها الزراعي والاجتماعي والثقافي، وترتفع عن مستوى سطح البحر حوالي /300/ متر، ما جعل مناخها معتدلاً لطيفاً في الصيف والشتاء بشكل عام، إضافة إلى أن هذا المناخ ساهم في نجاح الزراعات الربيعية التي يعتمد عليها مزارعو القرية بشكل عام.

الاستاذ "خليل يوسف"

وتميز أهالي القرية بالنشاط والحيوية وحب العمل الزراعي وزراعة مختلف الحقول بعض استصلاحها، ما ساهم في نهوض الواقع الاجتماعي والمالي بشكل لافت للنظر لجميع السكان، وهذا ما انعكس على البيئة الاجتماعية والخدمية المعيشية بشكل ايجابي».

وعن تاريخ القرية وأصول عائلاتها يتابع الأستاذ "خليل": «بحسب الروايات المتناقلة بالتواتر من الأجداد يقدر عمر القرية بحوالي /400/ عام وربما أكثر، وهي من نسب واحد يدعى "الشيخ يوسف" الذي سكن في البداية بالقرب من كتف الوادي بجانب القرية الحالية الحديثة التي انتشرت مع بداية الستينيات بجانب المناطق المرتفعة البعيدة عن الوادي ذاته، كنوع من الانتشار السكاني، حيث وبحسب المعلومات المتوافرة يقال إن جدنا الأول جاء من المناطق الشمالية الواقعة في قطاع "جبلة"، وربما كانت هذه المناطق هي من القرى الجبلية الريفية في منطقة "وادي السرامطة" الذي عرف منذ القدم بهجرة وتهجير الاحتلال العثماني لخطبائه ورجال الدين فيه الذين اتخذوا على عاتقهم تعليم وتثقيف السكان منعاً لسياسة التتريك التي اتبعت في تلك الفترة».

قرية "بيت الشيخ يوسف"

وعن الحدود الجغرافية لقرية "بيت الشيخ يوسف" قال السيد "يوسف يوسف" الذي يعمل بالأعمال الحرة وتربية الديوك: «تتوسط مزرعة "بيت الشيخ يوسف" المزارع المحيطة بها التابعة لقرية "الخريبة" والبالغ عددها تسع مزارع، حيث تحدها من الجهة الشرقية مزرعة "بيت العتيق"، ومن الجهة الجنوبية الشرقية مزرعتي "المروج" و"عين الشرقية"، أما من الجهة الغربية فيحدها ثلاث مزارع هي "بيت ضاحي" و"بيت الشيخ متوج" و"بيت الشيخ علي"، في حين أن مزرعة "المورد" تحد مزرعتنا من الجهة الشمالية الغربية.

أما مساحة القرية فتبلغ حوالي الخمسين هكتاراً، ومعظمها مشجر بمختلف الأشجار المثمرة وخاصة منها أشجار الزيتون، وهذا بفضل المشاريع الحكومية ومديرية الزراعة بعد قيام الحركة التصحيحية، حيث من حوالي العشرين عاماً بدأ الأهالي بفتح الآبار السطحية التي من شأنها تأمين المياه الزراعية وخاصة منها الموسمية والربيعية، حيث نشطت الزراعة الربيعية التي تعتبر من الزراعات الميزة في المنطقة، ومن هذه الزراعات زراعة البقولات والخضار الباكورية والتبغ».

السيد "يوسف يوسف"

الجدة "أنيسة ضاحي" تحدثنا عن أحد الموقع الأثرية التراثية التي سكنت فيها ردحاً من الزمن، وهنا تقول: «قبل تزايد عدد السكان الذي وصل حالياً إلى حوالي /300/ نسمة، كنا نسكن في القرية القديمة الواقع على بعد حوالي كيلومتر واحد من مركز القرية الحالية، حيث كان يطلق عليها اسم "المقذة" حيث الأشجار والطبيعة الجميلة، وسميت بهذا الاسم نتيجة تربية دودة الحرير بكثرة على أوراق التوت البري- الديس-، وهي منطقة مهجورة حالياً».

أما المزارع "علي يوسف" فيحدثنا عن طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الأهالي والأعمال التي يعتمدون عليها في حياتهم المعيشية: «بما أن أبناء القرية من نسب وجد واحد فهذا وطد العلاقات فيما بينهم، وجعلها علاقات هادئة تميزها المحبة والود والشفافية بالتعامل.

أما عن أعمال أبناء القرية، فالزراعة بالنسبة لهم هي العصب الأساسي للحياة المعيشية، وخاصة منها الزراعة الربيعية أو كما يطلقون عليها "الجردية" (أي التي تعتمد على الأمطار الربيعية والشتوية المتأخرة)، إضافة إلى فتح الكثير من الآبار السطحية الموسمية التي توفر حاجة المزارعين من الماء لموسم زراعي يعتبر جيداً جداً على مستوى المحافظة، حيث يتم زراعة الخضار والبقوليات والتبغ والزراعات القصبية أي التي تزرع بمساعدة النهر لتنمو وتكبر عليه».

ويضيف السيد "علي" في حديثه عن الجانب الثقافي والتعليمي للقرية، فيقول: «في فترة الأربعينيات أو الخمسينيات لم يكن أبناء القرية يرتادون المدارس بشكل نظامي وأساسي لقلتها أو عدم وجودها بالأساس، فكانوا يعتمدون على خطيب القرية ليمكنهم من تعلم القراءة والكتابة ضمن أجزاء من القرآن الكريم، وذلك بجانب "خرنوبة الشيخ عياش" الواقعة ضمن أحد حقول القرية بجانب مقام ديني، والتي يزيد عمرها على /400/ عام تقريباً».