رغم التجديد والتحديث على مستوى الغناء المقدم واللحن المستخدم وأسلوب الطرح وطرائق التحضير إلا أنه مازال يحافظ في بعض المناطق السورية على تفاصيله التراثية المستمدة من ثقافة المنطقة.

فعرس "حوران" مازال يطرح نفسه في كل مناسبة كطقس تراثي بامتياز، وللحديث عن حيثيات العرس الحوراني من بدايته ضمن مشهد فلكلوري يستند إلى بحث وتوثيق تطلب التواصل مع عدد كبير من النساء والرجال كبار السن، فبداية العرس الحوراني تبدأ من لحظة انتظار المطر الذي يساعد على زراعة الأرض وإنتاج المحصول الذي يوفر تكاليف العرس، وعن ذلك تحدثنا مع "أحمد ناجي المسالمة" الباحث والمهتم بشؤون التراث الشعبي حيث قال: «نسمي طقس انتظار المطر بالتغييث المرتكز على فكرة مناجاة الله سبحانه وتعالى لإكرام الناس بنزول المطر حيث تجتمع النسوة وتنشدن بشكل جماعي: "يالله الغيث ياربي/ وتسقي زريعنا الغربي/ يا الله المطر يا الله رشاش/ تخلي العرايس بلاش"».

"يا بنت يلي على المصيف/ طلي وشوفي فعالنا/ وإنت غواك بشمبرك/ وحنا غوانا سيوفنا"

ويتابع "مسالمة": «بعد نزول المطر يخرج الفلاحون إلى حراثة الأرض والبذار حيث يقولون:

عائشة الزعبي

"هلو ولابياتين هلو ولابياتين.. ياحراثين القطعة هلو ولابياتين...."».

وعن البذار يضيف: «"رمينا حبنا/ واتكلنا عربنا يا مطعم الطير"، وعندما يبدأ موسم الحصاد والدراسة يقال: "يامنجلي يامنجلا عطيتو للصايغ جلا"، وعن الدراسة يقال: "يا حمرا يالواحة/ لونش لون التفاحة"».

أحمد زطيمة

لتبدأ بعد مجموعة الطقوس التي تختص بالأرض طقوس العرس حيث يقول:

«بعد موسم الحصاد تتوافر النقود ليتمكن أهل العريس من إتمام مراسم الزواج، وعن

الطقس الخاص بحنة العريس ينشد الجميع: "حنيت ايديا ولا حنيت أصابيعي/ يامحلا النوم بحضين المرابيع"، أما حنة العروس فتنشد النسوة: "يالإهل يالإهل يا محلا لياليكو/ يامحلا النوم وبفية علاليكو”، أما مرحلة تلبيس العريس فيقال: "جديدك يا راعي الجديد/ ياريتو مبارك وسعيد"، ومرحلة النقوط التي يجتمع فيها الوجهاء وكبار القوم وأهل العريس ويقف شخص بينهم، ليقول عند استلامه النقود: "خلفا الله عليك يـا "أبو جاسم إنت" وقرايبك جميع واللي بحب النبي يصلي عليه"».

وعند ذهاب النسوة ليأتين بالعروس من بيت ذويها تغنى أغنية خاصة للحظة خروج العروس من البيت، يكمل "مسالمة" حديثه: «يقال هنا "من وادي لوادي يا ما مشينا/ ومن وادي لوادي/ ومن بنات الاجوادي نحن خذينا/ من بنات الاجوادي"، ثم يمشي الموكب بالعروس وهنا يقال: "كثر الله خيرهم يخلف عليهم كثر الله خيرهم/ من نسايب غيركم ولا عجبنا من نسايب غيركم"، وعند وصول العروس إلى بيت زوجها، تقف في صدر الغرفة واضعة يديها على رأسها وتسمى هذه المرحلة بتجلاية العروس حيث يقال: "وأول وما نبدي صلوا على النبي/ فاطمة الزهراء جلوها ع علي"».

ويتابع "مسالمة" عن زفة العريس التي يقال فيها: «"يا بنت يلي على المصيف/ طلي وشوفي فعالنا/ وإنت غواك بشمبرك/ وحنا غوانا سيوفنا"».

وعن أسماء الدبكات الأصيلة في منطقة "حوران" والتي تقام حلقاتها في المناسبات يقول "مسالمة": «من بعض أسماء الدبكات في حوران "الفلاحية" و"الشعراوية" و"حبل مودع" و"الجوفية" و"البداوي"، ولهذه الدبكات عدة ألحان منها "على دلعونا"، "أماني الأماني"، "يا علا"، "بالليل يا خالي بالليل"، "يالالا"، "يا أم الثويب الأحمر"، "ذبحتيني يا حورانية"».

وفي نفس السياق تحدثنا مع المطرب "أحمد القسيم الزامل" والذي قال: «في حوران تتنوع وتتعدد الدبكات، ولكل منها أغنية وطقس خاص فمنها الردة حيث يقال فيها:

"يما يايما العشق مامرو/ اهنيالك يالي سالم من شرو

ياطيور الحجل من يدي فرو/ هدو ع سطوح الكانو يحبونا"

إضافة إلى "الهجيني" الذي نعتبره بحراً لا قرار له، فبيت شعري منه يغنى بأكثر من خمسة أنغام وبأكثر من بحر شعري».

وعن "القصيد" يتابع: «يشكل مجموعة من الرجال نصف أو ثلاثة أرباع الدائرة، ليبدأ شخص منهم بإلقاء القصيد، ليقوم اثنان من الرجال نسميهم "الحاشي" بالرقص والذي يتغلب منهم على الآخر "يعقلو" وهنا تسمى عقلة الحاشي، لتكون مهمة القاصود الذي يدفع – بالكلام - للشخص الفائز وعقل الحاشي مالاً وأرزاقاً حتى يفكه».

وتابع "القسيم" عن "السحجة": «السحجة هي نفس القصيد حيث يقوم جميع الموجودين بحفلة العرس بتشكيل دائرة يقف الشاعر في وسطها ماشياً "بالمعزب" مرحباً بالضيوف، وهنا تقسم القصيدة لثلاثة أقسام: فالأولى تعرف الضيوف بالشخص الذي يستضيفهم بهذه المناسبة، والثانية ترحب بالموجودين ما عدا أهل البلد، أما الثالثة فتكون مخصصة لأهل البلد».

كما حدثتنا "عائشة الزعبي" "أم موفق" إحدى نساء حوران عن تفاصيل أخرى تشكل مع ما سبق ملامح العرس الحوراني فتقول عن مرحلة طلب العروس من أهلها "الجاهة" والتي يقال فيها: «"فرّش مقعدك ريشي/ يا أبو العروس/ فرّش مقعدك ريشي... باكر تجيك الأمارة والدراويشي"، وعند دخول الجاهة إلى منزل العروس يقال:

"فرّش ولاقينا يا "أبو محمد"/ فرش ولاقينا..."، حيث يقف الناس صفوفاً لاستقبال الضيوف، ليدخل الرجال إلى المضافة وتدخل النساء إلى غرفة العروس».

أما مرحلة التلبيسة" "لبس المحبس" فيقال حسب ما ذكرت "أم موفق": «ياريتك مباركة عالعريس لحالو/ ياريتك مباركة عالخي والخية"، ويذهب الجميع بعدها إلى بيت العريس حيث يقال: "من صيرة لصيرة وحنا مشينا/ ومن بنات الأصيلة وحنا خذينا من بنات الاصيلة».