"بالروح نفدي وطنـّا"، بهذه الأهزوجة الشعبية بدأ مهرجان قرية "شقا" للشعر الشعبي، بوجود جمع غفير من الشخصيات المتنوعة أدباء وشعراء وأصحاب مهن من أبناء المحافظات السورية تحت خيمة شعبية أعمدتها اللحمة الوطنية، وقوتها المنسف والسمن العربي، ونخوتها زغاريد النساء العربيات على أنغام الحداء.
حول طبيعة المهرجان تحدث السيد "أبو وجيه يوسف سالم" صاحب الدعوة لموقع eSwueda قائلاً: «سررت من استجابة الإخوة الشعراء لدعوتي، حينما بدأ الشعر يأخذ منحى مختلفاً عن التقليد السائد، بطرح مواضيع اجتماعية وثقافية، ثم عاد بنا إلى الماضي الجميل بعقد "الجوفية"، و"الدحة أو الحاشية"، و"الحداء" على عزف المجوز، تلك اللوحات الفنية الشعبية بتنا لا نشاهدها بل تستقر في الذاكرة، والأهم أن النمط الشعري كان على سوية عالية في الدلالات الإبداعية، وبمشاركة خلاقة للمرأة وحضورها الإبداعي المتميز بين الرجال، بقصائد حماسية من الشاعرة "ثناء القادري" القادمة من مدينة "النبك"، والشاعرة "خزامى الورهاني" بنت السويداء، لذلك فقد زينت المرأة المهرجان بزيها العربي وشعرها البديع وحضورها الآسر».
في كل عام نأتي إلى "شقا" مرتين أو أكثر بهدف تبادل الصور الشعرية والقصائد المعبرة التي تحمل هموم المجتمع والتغني بالماضي التاريخي العريق لمنطقة لها في صفحاته شأن، لكن هذا المهرجان الذي دعا إليه السيد "أبو وجيه يوسف سالم" اختلف بالمعايير الاجتماعية لأنه أدخل الشجون الوطنية إلى أفئدتنا ما دفعني للقول: لو كان قلبي عاشقاً للأناثه/ والله ما أذكر للرجاجيل بحروف يا مير قلبي مولعاً بالثلاثة/ البن والعزار وعيال معروف
وحول تأثير البيئة وانعكاسها على مضامين الشعر بيـّن الشاعر "محمد الرفاعي" القادم من محافظة درعا قائلاً: «في كل عام نأتي إلى "شقا" مرتين أو أكثر بهدف تبادل الصور الشعرية والقصائد المعبرة التي تحمل هموم المجتمع والتغني بالماضي التاريخي العريق لمنطقة لها في صفحاته شأن، لكن هذا المهرجان الذي دعا إليه السيد "أبو وجيه يوسف سالم" اختلف بالمعايير الاجتماعية لأنه أدخل الشجون الوطنية إلى أفئدتنا ما دفعني للقول:
لو كان قلبي عاشقاً للأناثه/ والله ما أذكر للرجاجيل بحروف
يا مير قلبي مولعاً بالثلاثة/ البن والعزار وعيال معروف».
مشاركة شعراء من خارج السويداء كانت ثرية وفاعلة، كانت إحداها مشاركة الشاعرة "ثناء القادري" من مدينة "النبك"، والتي قالت لموقعنا: «ليست المرة الأولى التي أشارك في مهرجانات الشعر الشعبي بالسويداء، وفي "شقا" خاصة، لكن هذه المرة شعرت بأنني أصبحت واحدة من النساء اللواتي يزغردن، لسماع مقطع شعري فيه عبق الماضي وبطولاته، لأن وجودي كامرأة بين مجموعة كبيرة من الرجال تحت خيمة وطنية نبعت منها أشعار وصور تشعر المرء بأن مساحة الوطن موجودة من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، لتبادل الأفكار والأشعار ولتلاحق الثقافات ذات البيئة الوطنية الواحدة، شعرت بأنني أمام التاريخ لأكون في دور "سعدى ملاعب" بنت الجبل، أو "سناء محيدلي" بنت المقاومة، واضعة أمام عيني كرم الضيافة العربية التي تميز بها المعزب المضياف "أبو وجيه يوسف سالم" الذي بقي واقفاً طوال ساعات وهو يرحب بكل قادم، ما دفعني أن أقول:
"جيت الجبل لزور أنا عيال معروف/ وسلم على هاذي النفوس العفيفة
هذا جبل سلطان الما يعرف الخوف/ خضر الروابي بالتلال المريفة
هيل العمايم من ذرا الشام للجوف/ سيل تحدر ماشي حي يخيفة
من شاعرة بالنبك قدمت مظروف/ مهدي لأهلي بالسويدا المنيفة».
وبالعودة إلى الأزياء الشعبية الجميلة القديمة تحدثت الشاعرة "خزامى الورهاني" قائلة: «لأنني من جيل لم يرتدِ اللباس العربي والطربوش المشنشل كما كانت المرأة العربية سابقاً، أحببت ارتداء الزي العربي مخاطبة لجيل من الفتيات العربيات بضرورة العودة إلى الأصالة بروح المعاصرة وهذا لا يعني الابتعاد عن الحضارة، بل هو تجسيد لمبدأ التكافل، لتأخذ الفتاة دورها في المجتمع بالوقوف إلى جانب الرجل في السراء والضراء وفي شدائد الأمور علها تساهم أكثر في تطوير حركة المجتمع وهي التي تعد نصفه لذا قلت لها:
عودي على بيت الكرامة اللكي فيه/ أهل وصحايب بالمكارم تحلون
حنيت للطربوش ع الراس عليه/ وأفرد شعوري تحته وفوق المتون».
الجدير بالذكر أن مهرجان "شقا" للشعر الشعبي يقام سنوياً في القرية التي تحمل ذات الاسم، حيث وصل هذا العام إلى دورته الخامسة، مع العلم أنه أقيم في بعض السنوات مرتين شتاءً وصيفاً.