«أتيت إلى "حلب" مرتين. في المرة الأولى نصحني أحد أصدقائي بزيارة مطعم "هاكوب" لأتناول اللحم المشوي بالطريقة الحلبية الخاصة وفعلا قمت بذلك وأعجبت جدا بما قدمه ذلك المطعم من مذاق ممتاز للحم ومن معاملة حسنة، ما جعلني أتوجه تلقائيا إلى ذلك المطعم في الزيارة الثانية إلى مدينة "حلب"».
هذا ما ذكره السائح التركي السيد "أوندر" عندما تواصل معه موقع "مدونة وطن" عبر البريد الإلكتروني ذلك أثناء بحثنا عن تاريخ مطعم "هاكوب" لبيع الكباب الحلبي والذي أصبح يعتبر واحداً من أهم المعالم في "حلب" لقدمه وشهرته الكبيرة بين أهالي "حلب" والسياح على حد سواء، وعند زيارتنا للمطعم بتاريخ 13/1/2010 التقينا السيد "محمود قصاب" صاحب الصورة أعلاه وهو ابن صاحب المحل الحالي فحدثنا عن تاريخ هذا المحل ومالكه الأول السيد "هاكوب" فقال: «يعود تاريخ هذا المحل إلى ما قبل الخمسينيات ويعتبر من أوائل محلات بيع اللحم في "حلب" ومن أوائل المطاعم التي تبيع اللحم المشوي والكباب والخشخاش، إذ كان في "حلب" آنذاك أربع محلات لبيع اللحم المشوي فقط وهذا المحل واحد منهم ولكنه اكتسب شهرة كبيرة في "حلب" ببيع الكباب والخشخاش لأنه احتل موقعاً مهماً في باب الفرج التي كانت ومازالت تعتبر مركز المدينة، وكان والدي الحاج "محمد ديب قصاب" صانعا في هذا المحل الذي كان يمتلكه السيد "هاكوب" وأخوه ولما رآه السيد "هاكوب" من صدق وجودة في التعامل مع والدي وإثر سفر أخيه إلى "أمريكا" كتب السيد "هاكوب" نصف المحل باسم والدي وراحا يعملان معاً في بناء هذا المطعم وتطويره».
أذكر مطعم "هاكوب" منذ أن كنت صغيرا إذ إنني ترعرعت في منطقة باب الفرج وأذكر أنه منذ القدم مقصد السياح ومحط رحالهم، فإن شهرته لم تقتصر على أهالي حلب فحسب بل إنها وصلت إلى العالمية على الرغم من انتشار عدد كبير من المطاعم الحضارية الراقية حوله في ذات المنطقة
وفي حديث له للموقع قال السيد "توفيق رمضان" الذي ترعرع في منطقة باب الفرج: «أذكر مطعم "هاكوب" منذ أن كنت صغيرا إذ إنني ترعرعت في منطقة باب الفرج وأذكر أنه منذ القدم مقصد السياح ومحط رحالهم، فإن شهرته لم تقتصر على أهالي حلب فحسب بل إنها وصلت إلى العالمية على الرغم من انتشار عدد كبير من المطاعم الحضارية الراقية حوله في ذات المنطقة».
وعن أسباب الشهرة الكبيرة التي يحصدها هذا المطعم تحدث السيد "قصاب" عما زرعه والده بصحبة السيد "هاكوب" حتى وصلوا إلى هذه الدرجة من الشهرة فقال: «اعتمد "هاكوب" في بدايته على جذب السياح لتقديم الوجبات الحلبية فقط من "كباب مشوي وكباب باذنجان وكفتة نية وكبة نية وكباب خشخاش" وهذا ما جعل السياح يعجبون بهذا المطعم إذ إنهم كانوا يأتون إلى "حلب" لالتماس خواصها وتذوق المأكولات الخاصة بمدينة "حلب" واستمر على هذا الشكل حتى شكل قاعدة كبيرة بين السياح فكثيرا ما يأتي إلينا مجموعات سياحية من جميع أقطاب العالم لتناول الكباب الحلبي الخاص بهذه المدينة، وكثيرون منهم من يسترجع ذكرياته هنا لأن السيد "هاكوب" ووالدي اعتمدوا مبدأ تشكيل هذه القاعدة عبر إقامة علاقات طيبة مع الزبائن وخصوصا الأجانب منهم لهذا أصبح هذا المطعم نقطة علام بالنسبة للسياح المترددين إلى "حلب" ويأتي إلينا عدد كبير من الأجانب الذين قد تم إرشادهم عبر سائح آخر قد عرف المطعم منذ القدم».
وفي لقاء مع أحد العاملين في المطعم تحدث السيد "عدنان أبو صالح" عما تعلمه من السيد "هاكوب" إذ صار له أكثر من أربعين عاما عاملا في ذات المكان فقال: «أتيت إلى هذا المحل منذ أن كنت شابا يافعا وتعلمت المصلحة على يد السيد "هاكوب" والسيد "محمد قصاب" اللذين عاملاني على أنني واحد من أولادهم وفعلا نقلا إلي حب الضيف والتآخي مع الآخرين إضافة إلى تعليمهم لي لهذه المصلحة وحتى اليوم استمر في العمل في ذات المحل لأنني بدأت أشعر بأن هذا المحل هو بمثابة بيتي».
وفي نظرة سريعة على تاريخ المطعم نجد تآخياً جميلاً وراقياً بين من عملوا على إدارته على الرغم من دياناتهم المختلفة فالصدق والتآخي جعل السيد "هاكوب" يشارك السيد "محمد ديب قصاب" الذي عمل صانعا لديه لا أكثر، وعند انتقالنا بالحديث عن استمرارية المطعم بعد وفاه السيد "هاكوب" حتى الآن تابع "القصاب" حديثه فقال: «عندما توفي السيد "هاكوب" في عام 1992 انتقلت ملكية المطعم إلى والدي الذي أوصى بعدم تغيير اسم المطعم وفاء للسيد "هاكوب" الذي رسم واقعا عظيما لهذا المطعم وتابع العمل في المطعم وكأن السيد "هاكوب" ما زال على قيد الحياة فلم يغير فيه شيئاً سوى أنه ألغى المشروبات الكحولية ونقل إلينا تلك المصلحة وأوصانا بالاستمرار بها وفعلا استمررنا بها على ذات النهج حتى إن العدة التي نعمل بها هي ذات العدة التي افتتح السيد "هاكوب" بها المطعم من /ماكينة فرم اللحم إلى الأباريق والمنقل وغيرهم/ ومازال روادنا هم السياح ذاتهم، إذ إن "هاكوب" اليوم يعتبر علما من أعلام مدينة "حلب" خصوصا خارجها، وإن أكثر ما يعجب به السياح اليوم هو بقاء المحل على صبغته الأولى وتقديمه وجبات الكباب الحلبي الخاص، ونحن لم نفكر يوما بتغيير الوجبات لأننا نعمل على تقديم ما يميز مدينة "حلب"، أما من جهة المطعم فنفكر اليوم فعليا بتغيير بعض معالم المحل ليبدو عصريا أكثر لكن تنقصنا الإمكانيات ويحيدنا عن ذلك حب رواد المحل لشكله الحاضر».