لم تقتصر ثانوية الباسل للمتفوقين على تشجيع الطلبة المتفوقين فيها عبر التنافس البناء الهادف، بل تعدى هذا الأمر إلى مستخدم يعمل فيها، المستخدم " زكريا أحمد طنو" لم يكن يجرؤ على الحلم في العودة إلى الدراسة بعد أن استمر انقطاعه عنها (18) عاماً، لكن ميزة وجوده ضمن مدرسة للمتفوقين صنع له حافزاً للعودة، فقد عاش مع المتفوقين وحاورهم حتى سرى في قلبه حب العلم والمعرفة، وبالفعل كان يعمل في المدرسة ما يجب عليه عمله وفي ذات الوقت كانت المدرسة بيته الذي يأوي إليه في الليل مع عائلته، ولطالما حلم في تحقيق النجاح بعد أن ينصرف الطلاب إلى بيوتهم، ينظر في باحة المدرسة إلى أولاده ويحلم بغد أجمل لهم وله كما يحدثنا.

" زكريا طنو" نال العام الماضي 2008 شهادة التعليم الأساسي، وهذا العام نال الشهادة الثانوية في الفرع الأدبي بمجموع قدره (149 درجة)، ينظر إلى مجموعه باستحياء لكنه متفائل في أن يغير حياته نحو الأجمل.

كان من المفترض أن أمنحهم أنا قطعا من الحلوى هدية نجاحي، لكن المسألة قلبت فالمدير والجهاز التدريسي تكفلوا بإحضار الحلوى لي ولأسرتي، فلهم مني كل الحب

في حديث لـeSyria في (12/8/2009) قال: «بدأت التحضير لامتحان الشهادة الثانوية من اليوم الأول لتلقي خبر النجاح بالأساسي، وكانت مادة التاريخ التي أحبها هي المادة الأولى التي بدأت بدراستها، وقد تقدمت لامتحان الشهادة الثانوية العامة دون علم أحد من أقربائي، كنت أخشى الرسوب، لذلك لم تعلم بالأمر سوى زوجتي والكادر التدريسي في الثانوية».

زكريا طنو مع عائلته.

ويستطرد في حديثه بأسلوب لا يخلو من الاعتراف بحق الآخرين وشكرهم فيقول: «زوجتي لها الفضل الأكبر في نجاحي، فقد حملت عني أعباء العمل في المدرسة في الشهرين الأخيرين للامتحان، نعم هي إنسانة عظيمة وتستحق مني كل تقدير والاحترام، كما لا يمكنني نسيان فضل مدير المدرسة الذي خصص لي غرفته بعد انتهاء الدوام للدراسة فيها، وهناك العديد من المدرسين الذين ساعدوني في بعض المواد دون أيّ مقابل مادي جزاهم الله عني كل خير».

ويضيف ضاحكاً: «كان من المفترض أن أمنحهم أنا قطعا من الحلوى هدية نجاحي، لكن المسألة قلبت فالمدير والجهاز التدريسي تكفلوا بإحضار الحلوى لي ولأسرتي، فلهم مني كل الحب».

زكريا في عمله ومسكنه في ثانوية المتفوقين

ولدى سؤالنا عما يريد تحقيقه بعد نجاحه هذا قال: «أتمنى دخول جامعة "حلب" والدراسة في قسم التاريخ، لكن هذا يبدو شبه مستحيل إذا ما ارتفعت المعدلات، والتعليم الموازي فكرة بعيدة عني بسبب الوضع المادي لي ولأسرتي وكذلك التعليم المفتوح، لكن في أسوأ الأوضاع سأطلب تحويلي إلى وظيفة إدارية في مديرية التربية».