التنمية.. أينما توجهتَ وكيفما التفتَ في "دير الزور"، ستجد كل حديث يصب في نهايته في أحد أقسامها أو مفاهيمها، فهي الشغل الشاغل لجميع مفاصل الحياة في هذه المحافظة التي تسعى الدولة بأعلى مستوياتها إلى مدها بأسباب النمو عبر قوانين وتسهيلات وميزات واستثمارات وغيرها من امتيازات تمكنها من اللحاق بأخواتها من المحافظات السورية.
ولعل أهم مشاريع التنمية التي أصبحت واقعاً بعد أن كانت حلماً ظنه البعض لن يتحقق، هو جامعة "الفرات"، وتأتي هذه الأهمية من باب أن تنمية العنصر البشري هي الأساس في أي عملية تنمية.
واستشعاراً بأهمية جامعة "الفرات" في مسيرة التنمية، يتابع موقع eDair-alzor بشكل مستمر أخبار الجامعة وجديدها، وفي هذا الإطار، التقى الموقع بالدكتور "عبود الصالح" رئيس جامعة "الفرات" الذي أجاب على أسئلتنا التي طالت كل مفاصل الجامعة.
**مفاضلة النامية كما هي
*ما حقيقة ما يُحكى ويُشاع عن إلغاء مفاضلة النامية هذا العام؟
** هذا الكلام محض إشاعة، وكنت أقول دوماً وما زلت، بأن مفاضلة النامية حق لأبناء المنطقة الشرقية وليست امتيازاً، وبالنسبة لجامعة "الفرات" ما زال الوضع كما هو، أي أن 50% من مقاعدها لأبناء المنطقة الشرقية "دير الزور – الرقة – الحسكة"، ويشترط في المتقدم لمفاضلة النامية إلى جامعة "الفرات" أن يكون قد أنجز كامل المرحلة الثانوية في المنطقة الشرقية، وجديد الجامعة في هذا الإطار في كلية الطب، حيث يُشترط على طالب النامية خريج الطب من جامعة "الفرات"، أن يخدم في المنطقة الشرقية ضعف مدة الدراسة.
**موافقات مبدئية على اختصاصات جديدة
*هل هناك إحداثات جديدة في الجامعة؟
** تقدمنا إلى مجلس التعليم العالي بأربع إحداثات جديدة، ووافق المجلس من حيث المبدأ عليها بعد تأمين كافة المستلزمات التي يتطلبها الإحداث، أي المكان والكادر التدريسي وهي:
كلية عمارة في "دير الزور"، وتم تأمين المكان وهو كلية الزراعة الجديدة التي لن يشغل طلبة الزراعة أكثر من ثلثيها.
كلية حقوق في "الرقة" وتم تأمين مقر وهو المقر السابق لجامعة الاتحاد وهو ملك لاتحاد العمال.
كلية علوم قسم رياضيات في "الحسكة" وتم تأمين المقر.
طب بيطري في "دير الزور" ومقرها كلية الزراعة الحالية التي ستصبح فارغة مع انتقال الطلبة إلى الكلية الجديدة بداية العام الدراسي القادم.
وبالنسبة للطب البيطري، هناك طلبات من عدة محافظات لإحداث هذه الكلية، وحالياً تتم المراسلات بين وزارة التعليم العالي ووزارة الزراعة وهيئة تخطيط الدولة ونقابة الأطباء البيطريين المركزية لبيان المكان الجغرافي الأمثل لإحداثها.
وبالنسبة للكادر التدريسي لكل الكليات المقترحة، هناك تعهدات من أساتذة جامعة بالتدريس فيها، كما أنجزت دراسات المخططات التنظيمية والبرامج الوظيفية لكامل الكليات في المحافظات الثلاث.
هذه الإحداثات ستساهم في استيعاب التزايد الكبير في أعداد الناجحين، ولهذا الأمر دور اقتصادي كبير، فقبول طالب من أبناء المنطقة الشرقية في جامعة "الفرات"في محافظته، يعادل منح أسرته زيادة دخل، لأن هذه الأسرة ستوفر مبلغاً مرقوماً كانت ستنفقه شهرياً على دراسة ابنها خارج المحافظة.
أما بالنسبة لكلية التمريض، فقد تم رفدها بعشرة عناصر جدد بغالبيتهم من الفئة الأولى الناجحين في مسابقة الجامعة، وحالياً يتم تدريبهم بشكل مكثف.
وسيتم تعيين رئيس دائرة في الكلية من حملة الإجازة في اللغة الإنكليزية لتسهيل عملية التواصل مع جامعة "يورك" البريطانية التي عقدنا معها اتفاقية تعاون، ومن المتوقع أن يصل عدد الطلبة في الكلية العام القادم إلى 100 طالب نظامي و20 موازي.
**معيد كل 15 يوم
*متى سيعود أول معيد أرسلته الجامعة للتخصص؟
**خلال الربع الأول من عام 2010 سيبدأ المعيدون بالعودة من الإيفاد بمعدل معيد كل 15 يوماً لأنهم أرسلوا على هذا المنوال، وأول معيد عائد سيكون معيداً للغة الإنكليزية.
وهناك معيدون أيضاً للآداب والتربية والعلوم والهندسة الزراعية والحقوق، وبالنسبة للهندسة الزراعية، أصبح لدينا اكتفاء ذاتي فيما يتعلق بالمعيدين، وليس كذلك فقط، بل أوفدنا معيدين لاختصاصات غير موجودة في جامعة "الفرات" وسيعينون في جامعات أخرى، وذلك من مبدأ رد الجميل للجامعات التي ساعدت جامعة "الفرات" في بداية انطلاقها.
*ماذا عن مشاركتكم في مؤتمر القاهرة؟
** كنت رئيساً للوفد السوري في مؤتمر تطوير التعليم العالي الذي أقيم مؤخراً في القاهرة، وانتُخبت من قبل الدول الـ 19 المشاركة للحديث باسمها في ختام أعمال المؤتمر.
تضمن المؤتمر عدة محاور مثل أسس القبول الجامعي، والبحث العلمي، وأسس اختيار الهيئة التدريسية، والتعاون العربي في مجال التعليم العالي، وخلق فضاء تعليم عربي عالي وغيرها من المحاور.
وكانت المشاركة السورية فاعلة ومميزة من خلال الأبحاث التي قدمت في مختلف المحاور، كما فاز الفيلم الذي أعده طلبة الطب البشري وطب الأسنان في جامعة "دمشق" حول استخدام اللغة العربية في التعليم العالي بالمركز الأول، وفاز فيلم من إعداد طلبة من جامعة القلمون بالمركز الثالث، وسيتبع هذا المؤتمر مشاركة في مؤتمر عالمي حول التعليم العالي سيقام في باريس في تموز المقبل.
*ما الجديد في وضع مكتبات الكليات؟
** في العام الماضي، أعطينا لكل كلية مبلغاً يتراوح بين 400 و600 ألف ليرة لشراء كتب تكون نواة لمكتبة، واشترطنا أن تكون الكتب والمراجع المشتراة حديثة ولا تعود إلى أقدم من عام 2005، باستثناء أمهات الكتب طبعاً.
ثم عززنا هذه المكتبات بمبالغ إضافية هذا العام تراوحت بين 200 و400 ألف ليرة لإضافة كتب جديدة للمكتبات، وخططنا بان يكون معدل النمو في المكتبات بهذا المعدل في كل عام.
كما اشتركنا لكلية الطب بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بشبكة "الهنري" العالمية التي ستمكن الطلبة والأساتذة من الوصول والاطلاع على 6000 مجلة عالمية، وإجراءات الاشتراك في مراحلها النهائية، وستدفع الجامعة مبلغ 50 ألف ليرة فقط، وهو اشتراك مخفض، كما ستسهل الجامعة دخول أطباء مشافي "دير الزور" الحكومية الأربع إلى الشبكة، على اعتبار أنهم يشاركون في تدريب طلبة الطب.
*هل هناك تأخير في إنجاز أبنية الجامعة؟
** قد تكون وتيرة العمل انخفضت فيما يخص كلية العلوم في بداية هذا العام، لكنها عادت وارتفعت، لكن الشركة التي تنفذ بناء الكلية أنجزت أكثر من المطلوب في العام الماضي، وصرف لها مبالغ إضافية، أي أن انخفاض الوتيرة الذي أشرنا إليه لم يكن على حساب البرنامج الزمني.
أما بالنسبة لكلية الآداب، فالعمل فيها يجري كما هو مخطط له، وبالإمكان استثمار كتلتين منها بعد 6 أشهر.
*بعد ثلاث سنوات من إحداث الجامعة، أين تراها الآن؟
** أصبح لجامعة "الفرات" معالم خاصة، وأستطيع القول بأنها تختلف عن باقي الجامعات وأصبح لها معالم فراتية من خلال الكوادر التي أهلتها، والبنى التحتية المنفذة، والتخطيط السليم الذي خطط لها.
وبما أن الجامعة هي أس التنمية لأنها تبدأ بالتنمية البشرية، نسعى جاهدين لتطويرها، وحالياً تنقصنا الحلقة الهندسية، والاختصاصات الهندسية هي التي تدعم عملية التنمية، فنقص الكوادر الهندسية يؤدي إلى سوء تنفيذ وسوء إشراف.
اليوم المعامل والآلات مرتبطة بالحاسوب، فمثلاً، يحتاج أي مشروع تنموي في المدينة الصناعية إلى تقنيات عالية تستوجب وجود كوادر معلوماتية، وكثير من منشآت المدن الصناعية الأخرى أصبحت من المعدن، وهذا يتطلب وجود مهندسين مختصين بالإنشاءات المعدنية، والمشاريع بحاجة لاختصاصيين بالنانو تكنولوجي، أي الربط بين الميكانيك والكهرباء والمعلوماتية، ومنطقتنا مقبلة على تنمية، ولا بد من تأهيل كوادر مختصة تكون بمستوى التنمية الحاصلة.
ومع هذا، الجامعة تسير بخطى ثابتة، ولا بد في البداية من معاناة ومن تضحيات ومن صعوبات سنتجاوزها شيئاً فشيئاً، واليوم لدينا في الجامعة حوالي 28 ألف طالب، وليس لدينا أية مشاكل إن كان في الامتحانات أو الوثائق أو غيرها، بل على العكس، جامعة "الفرات" من أسرع الجامعات التي تمنح الشهادات لطلبتها، وإيفاد المعيدين مستمر، وما تحقق للجامعة خلال هذه الفترة القصيرة كثير، ونحن نطمح للأكثر دوماً.