«الغربة مدرسة تعلمت من خلالها ما لم أستطع تعلمه في بلدي على كافة المجالات من خلال زيادة الفرص المتاحة ودافع الاغتراب الذي يعود للأسباب المادية البحت التي تدعو المواطن السوري للاغتراب، لكن الحنين إلى الوطن لا يفارقه وقد تمكنت من التخفيف من مرارة الغربة عن طريق وسائل الاتصال التي تصلنا بأهلنا وأوطاننا مهما بعدت المسافة».
بهذه الكلمات بدأ الأستاذ "عبد المعين العثمان" حديثه عندما التقاه موقع eIdleb في إجازته التي يمضيها في قريته "البارة" عشية سفره إلى "المملكة العربية السعودية" التي يقيم فيها منذ عشر سنوات والذي أضاف قائلا: «أن من أكثر دواعي الغربة في مجتمعنا السوري يعود للأسباب المادية التي يتطلع من خلالها المواطن لتحسين وضعه المعيشي، وأكثر البلاد التي تستقطب السوريين دول الخليج العربي، كما أن قلة فرص العمل في "سورية" سبب آخر من دواعي الغربة فأنا تخرجت في "معهد الصناعات التطبيقية" ولم أجد فرصة عمل في بلدي رغم أنني كنت من الأوائل في المعهد، فأردت أن أحسن من مستوى تحصيلي العلمي فانتسبت إلى "معهد الجمهورية" اختصاص "حاسوب" بما أن الحواسيب كانت في بدايتها في تلك الفترة وكان ذلك عام /1997/ لعلي أجد فرصة عمل داخل البلد، وبعد أن تخرجت من المعهد بمستوى متميز لم أجد فرصة عمل تناسبني وكان أخي يعمل مدرساً في "المملكة العربية السعودية" فأرسل لي بطاقة عمل وذهبت لأعمل إدارياً في مدرسة خاصة، وبعد وصولي إلى هناك تعرفت على العديد من الأشخاص السوريين الذين يعملون في مجال الإعلام وأنا أحب العمل في الإعلام فكانت هناك فرصة لي للدخول في هذا الوسط من خلال العمل في قناة "المجد" عن طريق أحد أصدقائي فعملت في "المونتاج" لأني أستطيع التعامل مع الحاسب بشكل جيد وبعد ممارستي للعمل فترة قصيرة أصبحت من المنتجين المتميزين في قناة "المجد"».
أن الأستاذ "عبد المعين" خلال دراسته في سورية كان من المتفوقين لكن الظروف هي التي أجبرته على الغربة، ومهما يكن من أمر فإن الإنسان الناجح يستطيع أن يوظف جميع إمكاناته لتسخير الظرف لصالحه وأنا أرى أن صديقي "عبد المعين" تمكن من خلال فرصة بسيطة أن يثبت أن ابن سورية يستطيع أن يفعل مالم يستطع غيره فعله من خلال إيمانه بعمله واستغلاله للفرصة المتاحة وهذا هو سبب نجاح صديقي في بلاد الغربة
وعن طبيعة العمل وتطوره يقول: «أنا أعمل على أحدث برامج المونتاج التي تعمل عليها أغلب المؤسسات الإعلامية التلفزيونية العالمية، ونتيجة حبي لهذا العمل تمكنت خلال فترة قصير إتقان العمل بشكل جيد وأطمح للوصول إلى إعداد برامج تلفزيونية وأخوض العمل الميداني في مجال الإعلام المرئي وهذه الفرص لم تكن متاحة لي في سورية فالغربة رغم مرارتها لكنها هي النافذة الوحيدة لإظهار المهارات التي يتمتع بها المواطن السوري الذي يعتبر من أكثر الناس براعة ونشاطاً في العمل الذي يقوم به فمن خلال وجودي في هذا الوسط رأيت أن معظم مدراء الأقسام في المحطات السعودية من السوريين ومنهم الأستاذ "مروان خالد" مدير محطة "مجد الأطفال" هو أيضا سوري وغيره الكثير».
** لم تغيب سورية عن ذاكرتي لحظة واحدة خلال غربتي وأتمنى أن أعود إليها لكن عملي هناك هو الذي يمنعني من العودة وأنا لا أنقطع عنها فدائماً تكون لي زيارات خلال الصيف أعود لأقضي إجازتي في قريتي "البارة" التي لا تفارقني طيلة وجودي في الغربة والدليل على ذلك أن خلفية حاسبي في العمل هي آثار "البارة" العظيمة التي تربطني فيها ولا تجعلني أنساها إطلاقاً».
** أنا أعمل كما أسلفت إدارياً في مدرسة خاصة في مدينة "الرياض" وهذا هو عملي الأساسي كماأعمل في "المونتاج" في قناة "المجد" ساعات إضافية وقريبا سوف أتوجه إلى العمل في المجال الإعلامي وأتفرغ له وخصوصاً بعد أن خضعت لدورة تدريبية في هذا المجال من كبرى الشركات الإعلامية العالمية وهي شركة "الطريق الجديد" وحصلت على شهادة في مجال "المونتاج" بدرجات جيدة وأنا أرى أن الفرص كبيرة أمامنا نتيجة تعدد المؤسسات الإعلامية الخاصة والتي تفتقر لأصحاب الخبرة والكفاءة فهذه الدورة سوف تكون من أكبر المؤهلات لعملي بشكل جيد في المونتاج».
** العلاقات الاجتماعية في "سورية" ليس لها مثيل في العالم فالروابط الاجتماعية في بلدنا قوية جداً وصلة الرحم مازالت تربطنا ببعضنا ولم أر مثل هذه الروابط في بلد الغربة لكن العلاقات التي تربينا عليها في سورية رافقتنا إلى هناك فنحن السوريون تربطنا علاقات قوية وحميمة حتى أنها أقوى من علاقاتنا داخل بلدنا وخصوصا أبناء قريتي الذين يعيشون هناك، فالغربة تبقى موحشة فنلجأ إلى بعضنا ونتبادل الزيارات حتى كأننا نشعر أننا في بلدنا، لكن ما يؤلمنا أننا لا نستطيع أن نشارك أهلنا أفراحهم وأحزانهم».
وفي نهاية اللقاء الدكتور "أنس لاطة" الصديق الحميم للأستاذ "عبد المعين" الذين كان يودعه قبل سفره إلى السعودية أضاف على ما قاله الأستاذ "عبد المعين": «أن الأستاذ "عبد المعين" خلال دراسته في سورية كان من المتفوقين لكن الظروف هي التي أجبرته على الغربة، ومهما يكن من أمر فإن الإنسان الناجح يستطيع أن يوظف جميع إمكاناته لتسخير الظرف لصالحه وأنا أرى أن صديقي "عبد المعين" تمكن من خلال فرصة بسيطة أن يثبت أن ابن سورية يستطيع أن يفعل مالم يستطع غيره فعله من خلال إيمانه بعمله واستغلاله للفرصة المتاحة وهذا هو سبب نجاح صديقي في بلاد الغربة».
ويشار إلى أن الأستاذ "عبد المعين العثمان" من مواليد عام /1970/ في قرية "البارة" ويقيم في "المملكة العربية السعودية" ويعمل في محطة "المجد الفضائية".