«كادت معركة "الشبكي" التي وقعت في /21/ أيلول عام 1926 أن تكون أشد وطأة على الغزاة الفرنسيين من معركتي "المزرعة" و"الكفر"، لولا بعض الأسباب التي أنقذت رأس الفرنسيين في آخر اللحظات ومنها القصف الجوي العنيف الذي حصد أرواح المدنيين بلا أي ضمير، فبعد معركتي الكفر والمزرعة وسقوط هيبة الجيش الفرنسي، قرر القائد العسكري الذائع السيط "أندريا" أن يسوق حملة جرارة لقمع التمرد وإخضاع الجبل نهائيا»، ويتابع الأستاذ "عمار أبو عمار" لموقع eSuweda، والذي وثق لهذه المرحلة على لسان المجاهدين ومن خلال الكتّاب الذين عاصروا الفترة:
«كانت "اللجاة" العقدة الكبيرة في مخطط "أندريا" حيث كان الثوار يلقنون الفرنسيين دروسا لا يمكن أن ينسوها على مر التاريخ وخاصة في "الصورة" ومعارك "صميد" الثلاث والتي كان آخرها بقيادة الجنرال "رينيو" والمترجم العربي "زهران"، وبعد ذلك سيّر حملته من "طربا" حتى وادي "الرشيدي"، وأسقطت له طائرة في "طربا" وجرت معركة طاحنة في وادي "الغيضة"، ويسجل هناك للبطل الشهيد "عبدالله ابو زيدان" ورفاقه الأبطال من القرى المجاورة الذين استبسلوا في المعركة لإعاقة تقدم الزحف الفرنسي إلى "الشبكي"، وتابعت الحملة السير باتجاه القرى الشرقية وصولا إلى قرية "الشبكي" وحطت الحملة رحالها هناك بسبب وجود برك ماء متسعة من اجل خيول السواري والجند، كان الثوار قد شكلوا عصاباتهم، منها عصابة "محمد باشا عز الدين" التي كانت تلاحق الحملة من الخلف، وعصابة الثائر والقائد "رشيد طليع" على حدود البادية وعصابة "عادل بيك أرسلان"، وعصابة "سلطان باشا الأطرش" في قرية "الرشيدي" وكان توضع الثوار في الأودية وبين الصخور والأماكن الوعرة محاصرين الحملة، فبدأت المعركة في 21 أيلول وأطبق الثوار من "سالي" و"بوسان" وقرية "اسعنا" ووادي "الرشيدي" كما جاء في مذكرات الجنرال "أندريا"، وبقيت الحملة أكثر من ثماني ساعات، حيث اسقط الثوار طائرة وهناك من يقول طائرتين، وكانت خسائر الثوار كبيرة حيث استشهد "عبد الحليم الجردي" و"شحاذي حيدر" و"عبد الله أبو زيدان" و"محمد وقاسم شرف الدين" و"سليمان الشاعر" و"محمد شيا"، وعدد من شهداء قرية "الشبكي" بينهم أربع نساء».
رشيد الباشا طليع/ حالف لفرنسا ما يطيع ليحصل على جميع/ حقوق بلادو ويصفى الكاس بالشبكي علّق الشر/ تحاوطوها سباع البر ذوقوهم زوم المر/ باسعنا اشتد القواس اهل الشبكي يوم الضيق/ فرقوا العسكر تفريق صويبهم ما ظني يفيق/ يموت ولا يطلعلوا انفاس
يقول المجاهد "متعب الجباعي" في مذكراته: «جراء المناورات التي جرت بين الثوار والجيش الفرنسي قصف الطيران القرية ضناً منهم أن الثوار متمركزين فيها فذهب عدد من الشهداء منهم "سليم أبو عمار" ومن النساء "هدية الجباعي" و"خزعه سعيد" و"رضيه حمايل" و"خزمه أبو عمار"، بعد أن تمكنت الحملة من الفرار اتجهت جنوبا حتى قرية "الرشيدي" حيث توالت عليها الهجمات واستشهد هناك "نايف الجباعي" و"سالم كمال"».
يقول الشاعر الكبير "صالح عمار" مخلدا هذه المعركة:
«رشيد الباشا طليع/ حالف لفرنسا ما يطيع
ليحصل على جميع/ حقوق بلادو ويصفى الكاس
بالشبكي علّق الشر/ تحاوطوها سباع البر
ذوقوهم زوم المر/ باسعنا اشتد القواس
اهل الشبكي يوم الضيق/ فرقوا العسكر تفريق
صويبهم ما ظني يفيق/ يموت ولا يطلعلوا انفاس».