حين تذكر آل "الصليعي" يتبادر إلى ذهنك مباشرة تلك العائلة العريقة في "حماة" والتي اتخذت من صيانة الساعات وتركيبها مهنة لها عبر أجيال عديدة. أما حين تذكر المهندس "مسلم صليعي" فيتبادر إلى الذهن تلك الساعة البرجية الواقفة منذ أمد بعيد في مركز مدينة "حماة"، والتي تحمل اسمه. حياته الملأى بالإبداعات العلمية بدأت منذ عام /1983/ حين نال شهادتين ثانويتين بنفس العام، الأولى كانت في ثانوية صناعية اختصاص كهرباء حصل فيها على المرتبة الاولى على مستوى "حماة"

أهلته لدخول كلية الهندسة الكهربائية، أما الثانية فكانت ثانوية علمية، ليختار في الجامعة قسم الإلكترون وليتخرج من الجامعة عام /1990/ مع مشروع تخرج مميز حينها عن "محاكاة أجهزة تخطيط القلب باستخدام الكمبيوتر" وقد عرض هذا المشروع في عدة معارض.

تتكون ساعة "حماة" من أربعة محركات بالإضافة إلى دارة تحكم وقيادة ودارة ألحان ومكبرات للصوت

بعد التخرج بدأ عمل المهندس "صليعي" يتجه نحو إنتاج أجهزة طبية في ورشته الخاصة وبيعها للمشافي، حيث استطاع في فترة قياسية أن يصنع أول أجهزة حواضن أطفال في سورية واستطاع أن يبيع عدداً جيداً منها، كما قدم للعديد من المصانع أجهزة تحكم مبرمجة بالحاسب.

في ندوة التحول نحو المجتمع الإلكتروني

إلا أن المجال الأهم الذي عُرف فيه المهندس "مسلم صليعي" والذي جعله اسماً لامعاً في مدينة "حماة" هو تصميم وتنفيذ الساعات البرجية، حيث وقع عقداً لتصميم وتنفيذ ساعة "حماة" مع مجلس بلديتها، يقول "صليعي": «بدأت القصة على شكل تحدٍّ، ففي عام /1993/ وبعد انتهاء مؤسسة الإسكان العسكرية من تنفيذ مشروع ساعة "حماة" البرجية كنت جالساً مع السيد "رضوان لاذقاني" رئيس مجلس مدينة "حماة" في ذلك الحين، وقال لي: "مادمت مهندس إلكترون ومخترع ومن آل "صليعي"، فلماذا لا تصمم لـ"حماة" ساعتها؟"»،

وبعد ذلك بأسبوع بدأ يعمل على تصميم المخططات الخاصة بتلك الساعة، واستغرق تصميمها وتنفيذها مدة /6/ أشهر كاملة، استطاع خلال هذه المدة إنتاج جميع مكوناتها محلياً في مدينة "حماة".

المهندس مسلم صليعي

يقول المهندس "مسلم صليعي": «تتطلب الساعات البرجية الكثير من العناية في التصميم، لكونك تتعامل مع الأحجام الكبيرة، حيث يبلغ طول قطر دائرة ساعة "حماة" البرجية /159/ سم على ارتفاع /18/ م، ويبلغ طول الساعة كاملة /27/ م، هذا يعني أن عقرب الساعة يجب أن يكون طوله حوالي /1/ م مع وضع محور ومحرك قادر على تسيير وحمل هذا العقرب، الذي يتحرك بمعدل كل دقيقة، حيث إن الساعات الكبيرة في العالم ومنها "بيغ بين" تعمل بنفس الطريقة لصعوبة التعامل مع عقرب الثواني»،

ويضيف "صليعي": «تتكون ساعة "حماة" من أربعة محركات بالإضافة إلى دارة تحكم وقيادة ودارة ألحان ومكبرات للصوت».

ساعة برج حماة - تصميم وتنفيذ مسلم صليعي

وبعد تنفيذه لساعة برج "حماة" قام المهندس "مسلم صليعي" بتنفيذ تصميم وتنفيذ ساعات برجية مشابهة في العديد من المدن السورية منها ساعة مركز مدينة "الرقة"، و"مرمريتا"، "صحنايا"، "معرة مصرين وسلقين" في محافظة "ادلب"، بالإضافة إلى ساعة في جامعة اليرموك في محافظة أربد في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث استطاع أن يستفيد من دراسته التي أجراها لدى شركتي "ميدايس" و"أكزليتر" الإنكليزيتين، بالإضافة إلى الدورات التي أجراها في جامعة "فيليبس" في هولندا.

لم ينقطع "صليعي" عن اختراعاته في المجال الطبي فنفذ عدداً من شبكات الغاز الطبية في أكثر من /50/ مشفى في سورية امتدت من عين العرب في أقصى الشمال السوري إلى محافظة "درعا" في الجنوب.

وفي عام /1994/ قام بدور منسق العلاقة بين شركة "جايكا" اليابانية ومديرية صحة "حماة" لمشروع منظومة الإسعاف السريع، وكان مسؤولاً عن جزء من منظومة الاتصال اللاسلكي التي تربط منظومة الإسعاف السريع في مديرية صحة "حماة" بمثيلاتها في باقي المحافظات السورية.

حصل المهندس "مسلم صليعي" مرتين على براءة اختراع في مجال الأجهزة الطبية والساعات البرجية، ليؤسس مع زملائه جمعية المخترعين السوريين.

كان من أوائل الذين عملوا في مجال البرمجيات في مدينة "حماة"، حيث قدم مجاناً لمشفى "حماة" الطبي العديد من البرمجيات وعلى رأسها برنامج القبول في المشفى، كما قدم لمشفى مجمع الأسد الطبي عدداً من البرامج المؤتمتة التي ما زال يعمل عليها إلى اليوم وهي تحمل اسمه مما جعله يحصل على عدد من شهادات الشكر من محافظة "حماة".

هذا الاهتمام في مجال تكنولوجيا المعلومات جعله ينتسب إلى الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية منذت تأسيسها في مدينة "حماة"، حيث كان عضواً فاعلاً فيها، وعمل مع زملائه على تأسيس الجمعية السكنية لأعضاء الجمعية المعلوماتية، وكان له العديد من المحاضرات والندوات في المجال المعلوماتي في العديد من المحافظات السورية، كما وتم اختياره ليقوم بتدريس مادة المعلوماتية في جامعة البعث لمدة /4/ سنوات متواصلة.

عمل المندس "مسلم صليعي" على تنفيذ أكبر شبكة معلوماتية مرت على محافظة "حماة" في مديرية الصحة حيث قام بتمديد وتوصيل تجهيزات في مساحة بلغت /50/ دونماً عبر /200/ نقطة حاسوبية مجهزة للاتصال فيما بينها عبر حواسب تربط مديرية الصحة بالمشفى الوطني ومدرسة التمريض، يقول "صليعي": «كان هدفي من هذا المشروع هو إنشاء بنك معلوماتي يغذي جميع فروع مديرية الصحة، وكان الهدف الأكبر هو ربط المشافي في القرى والبلدات الحموية بحاسب مركزي يتحول في المستقبل إلى منهج للعمل، ومركز ممتاز لتقديم الإحصائيات الدقيقة في المجال الصحي، إلا أن هذا المشروع الكبير لم يستثمر إلى اليوم، أتمنى على مديرية صحة "حماة" أن تقوم بتفعيل هذه الشبكة لأنها باتت اليوم متوفرة بين يديها».

يشارك المهندس "مسلم" باختراعاته الطبية في مجال تمديدات الغاز للمشافي في معرض Health Care الذي يقام في مدينة "دمشق" في الفترة 16-19 نيسان 2009

المهندس "مسلم صليعي" من مواليد /1962/ وهو ما يزال شاباً لديه العديد من التطلعات والمشاريع التي يحلم بتنفيذها لتكون صرحاً حضارياً كما هي ساعة "حماة" التي تحمل تحت عقاربها اسم "صليعي".