في الطرف الشمالي من سهل "الحلقة" وإلى الشمال من مدينة "إدلب" بنحو/35/ كم وإلى شمال شرق مدينة "حارم" بمسافة/20/ كم تقع مدينة "الدانا" شامخة بتاريخها العريق الذي يمتد إلى القرن الثاني الميلادي..
كما تشير إلى ذلك الكتابات الموجودة على بقايا آثارها وحجارتها المبعثرة هنا وهناك وبين ثنايا هذه المدينة الهادئة. و"دانة" كلمة سريانية تعني الجوهرة الثمينة في وسط العقد أما في الآرامية فأصلها "دنتا" وتعني الغصن الكبير أو ساق الشجرة ويرى بعض الباحثين وكما هو شائع اليوم لدى سكانها أن تسميتها بهذا الاسم مأخوذة من اسم القائد الروماني "دانيال" وزوجته "هيلانة" المدفونين فيها.
إن المدينة أخذت تشهد نهضة عمرانية وحركة اقتصادية مميزة لكونها مركزاً تجارياً رئيسياً في تلك المنطقة حيث تمت المباشرة بتنفيذ منطقة صناعية على طرف المدينة تزيد كلفتها عن/ 17/ مليون ليرة ومساحتها/ 6000/ م2 وستحتضن معظم المهن والحرف الصناعية الموجودة ضمن أحياء المدينة ولتواكب تلك الحركة الاقتصادية التي تنمو يوماً بعد يوم
حيث يشير الحرفان الأوليان من اسم "الدانا" إلى أول حرفين من اسم "دانيال" و(نة) هما آخر حرفين من اسم زوجته "هيلانة" وبذلك تصبح الكلمة "دانة" المعبرة عن أصل التسمية القديمة لهذه المدينة. تعد "الدانا" التي ازدهرت وتطورت في العصر البيزنطي واحدة من البلدات والمدن المجاورة لها والواقعة ضمن سهل "الحلقة" والمشابهة لها في القدم والعراقة التاريخية التي لعبت دوراً هاماً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، وظلت مزدهرة حتى نهاية القرن الخامس الميلادي وذلك حسب التواريخ المدونة على بقايا الأبنية الأثرية فيها والتي اندثرت معظمها ولم يبق منها سوى بعض القبور الرومانية.
ويقول الباحث "عبد الحميد مشلح": «إن من أهم الآثار الباقية للوقت الحالي في "الدانا" قبر "دانيال وهيلانة" المميز بشكله العمراني والموجود في وسط المدينة حالياً وهو مربع الشكل يرتفع سقفه على أربعة أعمدة يعود تاريخه إلى العام /181/ ميلادي كما يوجد عليه كتابات أخرى مؤرخة بالعام /494/ م، وكذلك هناك بقايا لكنيسة بازليكية كبيرة تعود للعام /494/ م وأهم ما تبقى منها الأعمدة ذات التيجان الكورنثية المزخرفة بزخارف غاية بالجمال وكذلك حنيتها مع بعض الأقواس وعليها كتابات يونانية مؤرخة بالعام/540/ م.
ويقع بالقرب من "الدانا" عدد من المعالم الأثرية الهامة ومنها "قصر البنات" أو "برج الحبيس" و"كفر حوار" و"كسعالا" وآثار "البرد قلي" وكلها تعود للعهد البيزنطي وتضم كنائس ومدافن وصهاريج ومعاصر وأبراج. وتشتهر "الدانا" بزيها الشعبي حيث لا يزال بعض الرجال والنسوة كبار السن يرتدين اللباس التقليدي إلى الآن.
ويقول السيد "محمود عربية" رئيس مجلس مدينة "الدانا" خلال زيارتنا للمدينة بتاريخ 20/10/2008: «إن أهل "الدانا" البالغ عددهم/ 23/ ألف نسمة يعمل معظمهم بالزراعة والتجارة كما اشتهروا بعملهم في مجال الشحن حيث أن معظم سكانها يملكون سيارات شحن للنقل الداخلي والخارجي ومن النادر أن تجد بيتاً في "الدانا" يخلو من سيارة شاحنة.
كما تمتاز بوجود كافة المراكز الخدمية العامة فيها إذ يوجد فيها مركز صحي ومركز ثقافي ووحدة للصناعات الريفية ووحدة إرشاد زراعي ومشفى توليد طبيعي وجمعية استهلاكية ومخبز آلي ومخبز خاص ومشافي خاصة إضافة إلى وجود خمس مدارس للتعليم الأساسي وفيها ثانوية للذكور وأخرى للبنات وثانوية تجارية وأخرى للفنون كما أحدث فيها في العام /2008/ ثانوية صناعية».
ويضيف: «إن المدينة أخذت تشهد نهضة عمرانية وحركة اقتصادية مميزة لكونها مركزاً تجارياً رئيسياً في تلك المنطقة حيث تمت المباشرة بتنفيذ منطقة صناعية على طرف المدينة تزيد كلفتها عن/ 17/ مليون ليرة ومساحتها/ 6000/ م2 وستحتضن معظم المهن والحرف الصناعية الموجودة ضمن أحياء المدينة ولتواكب تلك الحركة الاقتصادية التي تنمو يوماً بعد يوم».