افتتحت السيدة عشتار حمودي في صالة فري هاند للفنون التشكيلية معرض والدها الفنان العراقي الراحل جميل حمودي بحضور عدد كبير من الفنانين التشكيليين العراقيين والسوريين وعدد من المهتمين بالفن التشكيلي.

السيد ة عشتار حمودي تحدثت لنا عن المعرض قائلا ً: قمت بهذا المعرض لعدة أسباب منها استعادة الواقع التشكيلي للفن العراقي الذي تأثر بالاحتلال الأميركي للعراق، كما أن إقامة مثل هذه المعارض يالتأكيد يساعد على تكريس التبادل الثقافي التشكيلي بين الفنانين العراقيين والسوريين.

يعتبر الفنان جميل من رواد الفن التشكيلي في العراق بعد إضافته القيمة الجديدة لمضمون إخراج الحرف العربي بشكلٍ متميز، حتى أن هذه القيمة قد فهمت من قبل المتلقي (الأوروبي الذي لا يعرف العربية) على أنها نوع من التجريد والسريالية من خلال تعبيرات الحرف والتداخلات اللونية لها، وهذا ما أثرى الجانب الفني للخط العربي

وعن محتويات المعرض قالت: ضم المعرض حوالي ستين عمل من اللوحات التي رسمها والدي من فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، والتي أتبع في رسمها على أسلوب مزج الخط العربي مع الألوان بطريقة هندسية وأضافت: بذلك كان والدي أول من أدخل الخط العربي في الفن التشكيلي المعاصر وهو السبب الذي يمنعني من بيع لوحاته باعتبارها مدرسة في الخط العربي ومرجعا ً للفنانين العرب في هذا الاختصاص.

وعن خطواتها القادمة قالت: في القريب سأقوم بعرض لوحات والدي في المعهد العربي بباريس علماً أنه أقام مدة أربعين عاماً هناك، عسى أن يساعد ذلك في السير نحو أنعاش للفن العراقي من جديد بعد تدمير تراثه الذي يعود إلى عشرة آلاف عام من قبل المحتل الأمريكي.

الفنان التشكيلي العراقي صلاح العقيدي حدثنا عن أسلوب وطريقة الفنان جميل حمودي:« يعتبر الفنان جميل من رواد الفن التشكيلي في العراق بعد إضافته القيمة الجديدة لمضمون إخراج الحرف العربي بشكلٍ متميز، حتى أن هذه القيمة قد فهمت من قبل المتلقي (الأوروبي الذي لا يعرف العربية) على أنها نوع من التجريد والسريالية من خلال تعبيرات الحرف والتداخلات اللونية لها، وهذا ما أثرى الجانب الفني للخط العربي».

أما الفنان التشكيلي أحمد إبراهيم الكرخي فاعتبر هذا المعرض الاستعادي للوحات الفنان جميل القديمة متنفساً للفنان التشكيلي العراقي الذي خسر الكثير من فنه بسبب الحرب، وأضاف: إن الفنان جميل يعتبر أول من أسس مدرسة البعد الواحد أو ما يسمى الحروفيات من خلال عمله على عدة أساليب تبرزه عن غيره من الفنانين بامتلاكه لأدواته الفكرية والفنية الخاصة التي تميز بها وانطلق من خلالها إلى العالمية، مما أضاف إلى الفن التشكيلي العربي عموماً والعراقي خصوصاً الثراء الفني والتجديد الإبداعي.

وعن الألوان التي استخدمها الفنان جميل تحدث إلينا النحات غائب الجنابي بقوله: من خلال الخطوط المنحية التي تمثل الخط العربي، استخدم الفنان الألوان الباستيلية الهادئة والشفافة التي تجعل اللوحة كتلة واحدة من الخطوط الخارجية، وهذه أهم فكرة يمكن أن يستفيد منها الفنانون التشكيليون الجدد في تطوير أسلوبهم فأغلب المدارس التشكيلية الأوروبية تحافظ على روحية الإنسان وارتباطه المكاني مما يساعد على اقتباس الأفكار القديمة وتطويرها، ومن هذه الفكرة انطلق الفنان جميل إلى أوروبا محافظاً فيها على إحساسه الشرقي ضمن لوحاته المرسومة رغم انه (عاش) في أجواء باردة لا تتناسب مع الدفء الموجود في أغلب لوحاته.

أما الشاب سيف الدين علاء فاعتبر المعرض ناجحاً لما قدم فيه من لوحات قديمة أثرت الفن التشكيلي وأعطته الطابع الجديد ضمن فكرة (كل شيء قديم يمكن أن يصبح جديد إذا أعيد).

ونذكر لمحة تاريخية عن الفنان التشكيلي جميل حمودي 1924- 2003

هو رائد ورسام ونحات وشاعر وناقد فني، عضو في جمعية أصدقاء الفن في بغداد إلى جانب الرواد العراقيين منذ عام 1924 حتى أصبح سكرتيراً عاماً لهذه الجمعية عام 1946، سافر إلى باريس في سنة 1947 وتابعه بحوثه الفنية هناك حيث درس في كلية (السوربون) قسم الآثار الشرقية.

ساهم في العديد من المعارض ونظم معارض لفنانين فرنسيين في باريس منذ 1950 إلى سنة 1962، واشترك في الندوة العالمية للأدب العربي المعاصر في روما إلى جانب الشاعر العراقي بدر شاكر السياب والكاتب جبرا إبراهيم جبرا سنة 1961، ساهم في أول مهرجان عالمي للفن التشكيلي ببغداد عام 1986، وسلم من الدولة الفرنسية وسام الشرف عام 2001.

وفي النهاية كان لزاماً علينا أن نختم بإحدى كلمات الفنان الكبير في تعبيره عن الفن والحرف العربي بقوله: "يظل الفن عندي بلورة تنعكس عبرها الحياة بما فيها من نبض يشكل المادة والروح، وبما فيها من تجليات تتصاعد سمواً فتبلغ أرفع القيم، وتتهافت هبوطاً فلا تتجاوز حدود ما أراد الله تعالى لنفسه الإنسان إن تبلغهن درجات التهافت، ويظل فني وهو الذي يستوحي الحياة في ثناياها التعبيرية والتجريدية، يتحرك بين القيم الإنسانية معتمداً جمالية الحرف العربي تعبيراً عن انتمائيته لحضارتنا وقوميتنا، وانطلاقاً على طريق زمننا المعاصر".