عن ظاهرة الوشم في منطقة الفرات، تحدث الباحث علي السويحة لموقع eraqqa قائلاً: يعرف الوشم بأنه علامات أو رموز أو رسومات، ترسم على منطقة مختارة من الجسد ذات اسم معين، ثم ترش بمادة «النيلج» وأهل الفرات أطلقوا على الوشم اسم «الدك»، واسموا المادة التي تذر على مكان الوشم لإظهار الرسوم «الغنج»، والوشم في مجتمعنا لأسباب متنوعة.
السويحة تابع قائلاً: الذكور سابقاً كانوا يوشمون لكي يعيشوا، أو من أجل العلاج من مرض ما، أو لإبعاد العين الشريرة الحاسدة، لذا فإن هذه الظاهرة عند الذكور قليلة، بينما الإناث يوشمن من أجل الزينة والتجميل، وأماكن الوشم عند المرأة الفراتية تتركز في «الساقين، والرسغين، والصدر، وظاهر الكفين، والساعدين، والجبهة، والأنف...الخ»، وألوان الوشم في منطقتنا الفراتية هي: «الأزرق، والأخضر، والأسود»، واللون الأسود نادر نوعاً ما، وذلك بسبب حاجته إلى تقنية عالية، وكل الواشمات من «القرباطيات»، ويستخدمن أساليب ومواد بسيطة للوشم.
الساقين، والرسغين، والصدر، وظاهر الكفين، والساعدين، والجبهة، والأنف...الخ
والوشم - كما يوضح السويحة - توارثه أهل الرقة من بوادي الجزيرة والفرات، ومن الحثيين واليونان أيضاً، وذلك حين أقاموا مستعمرات لهم على الفرات «كدورا أوربس، وكالينكوس «الرقة البيضاء» فاليونان اجتهدوا بنشر ثقافتهم في المدن التي يحتلونها أو يقيمون بها، فنشروا ثقافتهم وتقاليدهم، في الأماكن التي قاموا باستعمارها، ومن هذه التقاليد: الوشم الذي كان له رواج بين الأوساط الاجتماعية، وخصوصاً «الوسط الأنثوي» فالجدات وشمن الوجوه، وأكثر الأماكن في أجسادهن، بينما ندر الوشم عند بناتهن، أما الحسيبات فقد رفضن الوشم كلياً، لاعتقادهن أنه زينة بدائية مشوهة لجمال الوجه بشكل خاص، أو براءتهن من المجتمعات الريفية، وذلك لارتباط الوشم بذلك المجتمع، ولربما كي لا ينسبن إليه، وقد تراجع هذا التقليد منذ أكثر من نصف قرن، حتى أنه يكاد أن يندثر، أكان في المدينة أو في الوسط الريفي، وذلك بفضل انتشار الوعي، وارتفاع نسبة المتعلمين وقلة الواشمات، أو اعتباره موروثاً لا يتماش مع العصر الحالي.
ختاماً بيّن الباحث السويحة أن ميل المرأة الرقية أو الفراتية للظهور بمظهر لائق وجميل هو ميل فطري، فكان الدافع من أجل أن توشم نفسها، فبدت بالوشم مضرباً للمثل بالجمال والكياسة.