استعادت مدينة الحفّة في محافظة اللاذقية حضورها الثقافي والاقتصادي من خلال مهرجان "تراث وأثر"، الذي أعاد الألق إلى المدينة بجهود شبابها الطامحين لغدٍ أفضل، تسوده روح العمل والأمل بمشاركة الجميع.

رؤية تطوير وإبداع

«جمعنا كوادر الحفّة من خرّيجين جامعيين ومثقفين ومهنيين في محاولة للنهوض بالمدينة مجددا بحسب عبد الله طيبا ، مدير مهرجان "تراث وأثر"، الذي أضاف في حديثه لمدوّنة وطن قائلا: كان الهدف هو الاستماع إلى الأفكار التي تتناول مختلف المجالات، لإحداث نقلة نوعية تخدم أهل المدينة وريفها الواسع. وبعد عدة لقاءات، تم تشكيل فريق محلي باسم "فريق التطوير والإبداع" ومن أبرز الأفكار التي خرجنا بها إنشاء هوية بصرية خاصة بالمدينة من خلال مجسمات تجسّد تاريخ الحفة عبر العصور، منذ أيام صلاح الدين الأيوبي وصولاً إلى الحاضر، إلى جانب إقامة فعاليات ثقافية واقتصادية متنوعة، منها تنظيم مهرجان يستقطب أبناء المدينة وريفها».

بعد نهاية المهرجان سنجري عملية تقييم شاملة، يليها العمل على إيجاد سوق دائم لعرض هذه المنتجات لتأمين مورد رزق للمشاركين. كما نسعى لاستقطاب المستثمرين إلى المدينة في مجالات الصناعة والتجارة والبناء، بما ينسجم مع جماليتها وخصوصيتها

وأضاف: «أعلنا عن إقامة المهرجان، فكان التجاوب كبيرًا من الأهالي من مختلف الأعمار،افتتحنا الفعالية في ساحة السراية، التي تحمل رمزية خاصة لأبناء الحفّة، إذ انطلقت منها شرارة التحرير من الاستعمار الفرنسي، وكانت دومًا نقطة تجمع لأحرار المدينة وشارك في المهرجان خمسون مشاركًا ومشاركة، واعتذرنا من آخرين لضيق مساحة المكان، ولا أُبالغ إن قلت إن عددًا مضاعفًا كان يتمنى المشاركة».

المشاركة هند رستم

وتابع طيبا موضحًا: «قدّم المشاركون أعمالهم في مجالات متعددة، من الصناعات اليدوية التقليدية والغذائية، إلى صناعة المنظفات ومستحضرات التجميل والعطورات والألبسة الصوفية والتطريز والخرز واللوحات الفنية، إضافة إلى منتجات من القصب التي يشتهر بها ريف الحفّة».

وختم حديثه قائلاً: «بعد نهاية المهرجان سنجري عملية تقييم شاملة، يليها العمل على إيجاد سوق دائم لعرض هذه المنتجات لتأمين مورد رزق للمشاركين. كما نسعى لاستقطاب المستثمرين إلى المدينة في مجالات الصناعة والتجارة والبناء، بما ينسجم مع جماليتها وخصوصيتها».

من المهرجان

مشاركات تعبّر عن روح التراث

"سبق لي المشاركة في عدة مهرجانات بمناسبات مختلفة، كعيد المرأة العالمي وحملات مناهضة العنف ضد المرأة أشارك اليوم بمنتجات بيتوتية خاصة بالمونة، من دبس فليفلة ورمان وزيتون وكشك وعصائر فواكه وصباريات وصابون، الإقبال جيد ومشجع، والمهرجان فرصة لنا لتقديم منتجاتنا مباشرة للمستهلك» بحسب حديث المشاركة "هند عبد المجيد رستم " لمدونة وطن

عبد الله طيبا مدير المهرجان

فيما قالت المشاركة عتاب دعبول: «أشارك في المعارض منذ ست سنوات، خاصة تلك التي تخص المرأة الريفية. اليوم أقدّم منتجات غذائية لمونة الأسرة، إضافة إلى الإكسسوارات واللوحات الفنية والمجسمات المصنوعة من النحاس والخشب والأحجار والصدف البحري والسيراميك والطحالب البرية، التي أشكّل منها لوحات فنية منوعة كالأشجار والبيوت. وتابعت حديثها.. "المشاركة تزيد من ثقتي بنفسي كامرأة منتجة، وتساعد في الترويج لمنتجاتي بشكل مباشر، وتوصل رسالة للمجتمع بأن المرأة عنصر فاعل ومنتج. أتمنى من بلدية الحفّة توفير سوق دائم لتسويق منتجاتنا».

أما إبراهيم عارف سكيف، فشارك بمنتجات من القصب يشتهر بها ريف الحفّة، وقال: «أصنع العديد من السلل بأنواع مختلفة تناسب احتياجات المجتمع؛ منها ما يستخدم في الزراعة وجني المحاصيل كـ(القرطال)، وأخرى للمحال التجارية لعرض الخضار والفواكه، إضافة إلى أشكال للزينة والضيافة، جميع المنتجات مصنوعة من القصب الذي نجلبه من خارج قريتنا "شريفا"، المعروفة بهذه الحرفة، أبيع منتجاتي عادة لتاجر يسوّقها، أما اليوم فأقدّمها للمستهلك مباشرة، ما يحقق فائدة للطرفين ويشجعنا على المشاركة المستمرة».

كما تحدّثت سوزان مصطفى، خريجة كلية العلوم، عن مشاركتها الفنية: «أحببت الرسم منذ الصغر، وبعد التخرج استغليت أوقات الفراغ لرسم لوحات ماندالا ملونة، ومع الوقت تطورت واقتربت من الاحتراف، شاركت سابقًا في ثلاثة معارض بجامعة اللاذقية، ومشاركتي اليوم مميزة لأنها في مدينتي التي أعشقها، إلى جانب اللوحات الفنية، قدمت مرايا مزينة بالفوم تشكل إضافة لي ولزوار المهرجان».

دعم رسمي وتوجّه للتطوير

وقال السيد علي العاصي، مدير الإدارة المحلية والبيئة في محافظة اللاذقية: «يأتي مهرجان تراث وأثر لتشجيع الصناعات اليدوية والحرف البسيطة، ولإتاحة فرص العمل أمام ذوي الدخل المحدود. المهرجان بادرة جيدة تُقام للمرة الأولى في الحفّة، وسنعمل لاحقًا على تطوير هذه الفعاليات بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي».

يُذكر أن مهرجان"تراث وأثر" في الحفّة أُقيم على مدار ثلاثة أيام (27 و28 و29 تشرين الأول) برعاية مديرية منطقة الحفّة ، وشكّل خطوة أولى نحو إحياء الحراك الثقافي والاجتماعي في المدينة، وفتح آفاق جديدة أمام أبنائها ليكونوا شركاء فعليين في نهضتها القادمة.