تحظى أبواب معبد جوبيتر القديم والتي تضمها البوابة الكبرى في دمشق باهتمام كبير من الباحثين والمؤرخين والزوار حتى اليوم، لكونها نموذجاً تاريخياً وآثرياً يعود لآلاف السنين ، وتعد من بين أعظم ماشيد لمباني العبادة في سورية والمنطقة، بحيث تظهر فيها مراحل تشييد العمارة المقدسة والمتميزة وسط العاصمة.

حدود ومسار

كان لبوابة معبد جوبيتر الدمشقي الكبرى مدخلان رئيسيان أحدهما "باب جيرون" شرقي المعبد أو الباب الشرقي، و"جيرون" هو البنيان العظيم نظراً لضخامته وارتفاعه، وقد زال هذا الباب سنة 753 هجرية، كما يؤكد الأستاذ "إياد غانم" رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتاحف والمواقع الأثرية بدمشق في حديثه لموقع مدونة وطن، ويضيف: «قديماً كان للباب علمان من النحاس الأصفر بمسامير صفراء بارزة، وهو يعد من عجائب الدنيا ومحاسن دمشق ومعالمها، وزوال هذا الباب ورد في كتاب "قتيبة الشهابي" والذي يتناول تفاصيل هذا الموقع بحسب عدة مصادر تاريخية، والتي ذكرت إنه وفي ذات السنة الهجرية وقع حريق كبير عند باب جيرون، فاحترقت دكان "الفقاعي" الكبيرة وماحولها، واستمر الحريق واتصل بالباب الأصفر النحاسي، فتأسف الناس عليه كونه من محاسن ومعالم المدينة الجميلة، وعمره مايقارب أربعة آلاف سنة ولم يُر أوسع ولا أعلى منه باباً، وقد ذكره الشعراء في أشعارهم والعرب في أمثالها، ومازالت بقايا "باب جيرون" ماثلة للعيان عند النهاية الشرقية في حي النوفرة بينه وبين بداية سوق القيمرية».

قديماً كان للباب علمان من النحاس الأصفر بمسامير صفراء بارزة، وهو يعد من عجائب الدنيا ومحاسن دمشق ومعالمها، وزوال هذا الباب ورد في كتاب "قتيبة الشهابي" والذي يتناول تفاصيل هذا الموقع بحسب عدة مصادر تاريخية، والتي ذكرت إنه وفي ذات السنة الهجرية وقع حريق كبير عند باب جيرون، فاحترقت دكان "الفقاعي" الكبيرة وماحولها، واستمر الحريق واتصل بالباب الأصفر النحاسي، فتأسف الناس عليه كونه من محاسن ومعالم المدينة الجميلة، وعمره مايقارب أربعة آلاف سنة ولم يُر أوسع ولا أعلى منه باباً، وقد ذكره الشعراء في أشعارهم والعرب في أمثالها، ومازالت بقايا "باب جيرون" ماثلة للعيان عند النهاية الشرقية في حي النوفرة بينه وبين بداية سوق القيمرية

ويتابع "غانم" حديثه: «يتألف الباب من بوابتين واطئتين كانت بينهما بوابة رئيسية لاوجود لها اليوم، كما يتناظر هذا الباب مع بقايا القوس الرومانية الماثلة إلى اليوم في محلة باب البريد بين النهاية الشرقية لسوق الحميدية والمسكية، فيؤلفان حدود معبد جوبيتير الدمشقي من الجهتين الغربية والشرقية، أما عن اسم "جيرون" ومنشأه ومعناه، هناك عدة طروحات حيث يرجع المؤرخون العرب الاسم إلى الأسطورة فيقولون إنه ينسب إلى بانيه "جيرون بن سعد بن عاد" أحد ملوك اليمن، ويقال إن "جيرون وبريد" كانا أخوين وهما ابنا "سعد بن لقمان بن عاد"، ويذكر الكاتب أنه من المحتمل أن يكون الاسم تصغيراً من الكنعانية بمعنى الدخيل أو الغريب أو من السريانية، وبالنسبة للباب الغربي لمعبد جوبيتر "باب البريد" يتميز برواق معومد ولازالت بقاياه أيضاً ماثلة لليوم بين النهاية الشرقية لسوق الحميدية والمسكية».

إياد غانم

باب البريد

باب جيرون

ويشير "غانم" في حديثه الى أن بناء باب البريد الأصلي للمعبد، بقي قائماً حتى العهد الأيوبي حينما قام الملك العادل "سيف الدين أبي بكر محمد" بنقل حجارته وعمده إلى قلعة دمشق لإعادة بنائها حسب بعض المصادر التاريخية "مسالك الأبصار"، أما بخصوص الانشقاق اللغوي لتسمية باب البريد، فإن لفظ بريد بالسريانية يعني الرسل أو الرسائل وخيل البريد وكذلك الخيل شديدة الركض، ولم يستطع الكاتب إيجاد علاقة بين اسم الباب وبين هذه المعاني، ويرجح كون مصدر الاسم من السريانية "بريتا" وتعني الساحة والشارع، وبالآرامية "بريت" بمعنى التحالف أو العهد وعليه يصبح المعنى كالتالي: "الساحة والشارع" وحول ماذكره "ياقوت الحموي" من اتساع المنطقة وكونها من أنزه المواضع قد يرجح هذا الرأي، بينما هناك احتمال ثان وهو الأقرب أن يكون بمعنى الخليقة، وعليه يصبح المعنى العام للباب "باب الخليقة" والجدير بالذكر أن الناس مازالوا حتى اليوم يلفظون اسم "البريد" بتسكين الباء لا بفتحها».

تصميم كلاسيكي

بدورها تقول المهندسة المعمارية والمتخصصة في دراسة وترميم المباني التاريخية "إباء الشيخ" : «بوابة معبد جوبيتير تعود إلى العصور الرومانية وتعتبر أحد أهم المعالم الأثرية في العاصمة دمشق، ويعتقد أن المعبد بُني في القرن الثاني الميلادي، وكان يكرس لـ"جوبيتر" إله الرعد والسماء في الأساطير الرومانية، كما يتميز موقع البوابة بالتصميم الروماني الكلاسيكي الجميل وتعتبر البوابة بمثابة مدخل رئيسي للمعبد الذي تعرض للكثير من التدمير المتلاحق والتآكل على مر العصور، واليوم يمكن للزوار رؤية بوابة معبد جوبيتر والتجول حولها كهيكلية تاريخية رائعة تروي قصة دمشق وتاريخها العريق، لأنها تعد جزءاً من هيكل أكبر يعرف بمعبد جوبيتر الروماني، ويعكس وجود هذه البوابة وجود الرومان في دمشق، حيث كان المعبد مركزاً دينياً وثقافياً يستخدم في الطقوس الدينية والاحتفالات الترفيهية، وكان يمر عبر هذه البوابة الكثير من الوفود والشخصيات المهمة لعقد الاجتماعات الدينية والسياسية، وحالياً أصبحت البوابة بمثابة موقع شهير يجذب الناس من كل مكان في العالم، ويمكن من خلالها استكشاف الآثار الرومانية ومعرفة تفاصيل قديمة للتعرف على حضارات التي مرت بها دمشق

منطقة المسكية

تراث عريق

وتتابع الشيخ حديثها: «توفر البوابة جانباً توثيقياً لمعرفة الكثير من المعلومات والأحداث، ولالتقاط الصور والتعرف على الأسواق المحيطة والمعالم الأخرى المرتبطة بها، كما أنها بمثابة موقع يربط بين الماضي البعيد جداً والحاضر لتواجدها في موقع إستراتيجي حيوي مهم يربط بين سوق الحميدية الدمشقي الشهير وساحة المسكية وبعدها حي القيمرية، وبذلك تربط بين مراحل متتالية مرت على المدينة القديمة، وتدل هذه الروابط التي تتمتع بها بوابة جوبيتر، على العمق التاريخي والمتجذر بين الماضي والحاضر والتراث المستمر لدمشق عبر الأزمنة، وباختصار هي معلم تاريخي وثقافي مهم وموقع سياحي جذاب يؤكد التراث الغني للمدينة ويعزز الفهم والتقدير لتطورها وغناها عبر العصور».