تزخر محافظة القنيطرة بالعديد من المقومات السياحية، بدءاً بالمواقع الأثرية والتراثية مروراً بالمناطق الطبيعية المتنوعة، وليس انتهاء بالتراث اللامادي المتمثل بالموروث الفني والثقافي الشعبي المتنوع والغني، والتي ترسم مجملها صورة زاهية للمحافظة.

طبيعة جاذبة

لعبت مجموعة التراث الحضارية الثقافية منها والشعبية بالمحافظة، دوراً مهماً في الجذب السياحي، كونها تعد جزءاً لا يتجزأ من هوية وانتماء المنطقة بشكليها المادية واللامادية، خاصة أن سورية مهد الحضارات وشكلت سجلاً موسعاً لتوثيق ما أنجزته الحضارة الإنسانية منذ ظهور الإنسان، وبالتالي كانت عاملاً في الحفاظ على التنوع الثقافي.

هذه الموروثات حسب قول مدير سياحة القنيطرة "حمزة سليمان": "لا تنفصل عن الواقع السياحي فهي مكملة له، والزائر حين يأتي إلى هنا فهو يريد ما هو جديد ومختلف، يريد أن يرى الحضارات الأخرى وماذا يوجد فيها من مقتنيات وفلكلور ولغة وتحف وآثار ومشاهد حضارية وتاريخية وجغرافية تسر ناظره".

من أثار القنيطرة

ويضيف: "أما جغرافياً فالمحافظة غنية عن التعريف، فهي تعد من المحافظات المتميزة بموقعها وقربها من مدينة دمشق، ووقوعها بين ثلاثة أقطار عربية متجاورة تمتد من جبل الشيخ على ارتفاع 2814 متراً، إلى منطقة الحمة 200 متر تحت سطح البحر، إضافة إلى وجود مقومات سياحية مميزة عن باقي المحافظات، كتوفر المواقع الطبيعية والدينية والشعبية، بهدف الاستجمام والتمتع بالمناخ والمناظر والمواقع السياحية، كما تتنوع بالمحافظة، الطبيعة والعادات الاجتماعية، لتُعطي مزيجاً متنوعاً يمثل أطياف هذه المحافظة وطبيعتها وسياحتها وبيئتها الشعبية التي تمتد من الشمال الى الجنوب".

وحسب قول"سليمان" فإن السياحة تعاني من صعوبة وصول كل الزائرين من داخل المحافظات باتجاه المحافظة في هذه الظروف، لكن هناك تجاوباً كبيراً من الجهات المعنية لتسهيل مرور السياحة من خارج المحافظة، وهذا ما لوحظ بسياحة هذا العام من خلال حركة السياحة التي كانت قوية بعد افتتاح متنزه الجولان السياحي على سد "المنطرة".

طبيعة الجولان الجميلة

البازلت الدافئ

مدير السياحة ومدير الاثار

عن تميز المحافظة بتنوع تراثها الشعبي يتحدث الاستاذ "محمود الشعبان" من أبناء القنيطرة في "خان أرنبة" على أن المدينة تتميز بحجرها البازلتي الأسود الذي يطلي بيوتها ويملئ أركانها من كل حدب وصوب، ناهيك عن أهمية الفلكلور والموروثات الشعبية من العادات الاجتماعية واللهجات والغناء والشعر، كل ذلك ساهم في إغناء التراث الثقافي التي تلعب ككل دوراً في الاستقطاب السياحي، ولا ننسَ حلقات الرقصات الشركسية التي كانت تقدم في معارض دمشق الدولي وفي المسارح الأخرى بأرجاء القطر، إضافة للتي تقدمه المجموعات الشعبية الفلكلورية المزينة بلباس التراث والزي الشعبي لأهل الجولان على ربوع الوطن من شماله لجنوبه.

ويضيف: "لايزال متحف القنيطرة شاهداً حياً على ما تزخر به المحافظة من مقتنيات شعبية وأثرية تحاكي تاريخ الحضارات القديمة التي سكنت على هذه الأرض، خاصة بما يحتويه المتحف الأثري من المقتنيات والقطع الأثرية الفريدة واللوحات الفسيفسائية، إلى جانب الأواني والأباريق ذات الأحجام الصغيرة والألوان والأشكال المتعددة، والتي تعرض توثيقاً لمختلف العصور التاريخية حسب التسلسل التاريخي من آثار العصور النحاسية المؤرخة للألف الرابع قبل الميلاد، وآثار حضارة الشرق القديم في الألف الأول والثاني قبل الميلاد، وآثار العصر البرونزي القديم والوسط والحديث".

حضارات متعاقبة

مدير آثار القنيطرة "فارس الصفدي" بدوره يؤكد أن محافظة القنيطرة بما فيها الجولان السوري المحتل، تتوفر فيها مقومات حضارية وسياحية متنوعة، فينابيع الحمة وحمة وادي مسعود واستثمار الينابيع المعدنية بكل أنواعها بقصد الاستشفاء هي تدخل ضمن السياحة العلاجية، كما أن القلاع والقصور أو المتاحف التي تختزن فيها الإبداعات والحضارات المتعاقبة كقلعة النمرود (الصبيبة) في سفح جبل الشيخ المطل على منابع نهر الأردن، وقلعة الحصن وقلعة البردويل ودير فيق ومدرج الحمة وطواحين الماء ومعاصر الزيتون الحجرية في منطقة فيق، تأتي ضمن خانة السياحة الثقافية من خلال الاطلاع على معالم الحضارات الأخرى، في حين أن إحدى المظاهر الاجتماعية التي تتجسد فيها روح التآخي والتآلف على مر العصور، والتي تشمل زيارة الأماكن الدينية كمقام الصحابي أبي ذر الغفاري، ومقام سعد الدين الجباوي في قرية جبا، ولهما مكانة مهمة في السياحة الدينية بالنسبة للسائحين والزائرين، لتساهم كل تلك القيم التراثية والسياحية والمواقع الأثرية في استكمال واستنهاض الواقع والسياحي في المحافظة.

ويعتبر "الصفدي" أن قطاع السياحة والآثار إضافة إلى القيم التراثية الشعبية المادية واللامادية، وما وجد من مكتشفات على أرض المحافظة، تشكل جميعها خزاناً غنياً للمقومات السياحية في المحافظة.

ويشير "الصفدي" إلى اللقي الأثرية التي تم العثور عليها في أرض المحافظة ومنها أواني وأدوات زراعية وصناعية وآلات موسيقية، إضافة إلى الأدوات التراثية مثل المحراث والمنجل والمذراية وبعض الأدوات المستعملة في المنزل، أما التراث اللامادي فهو عبارة عن الفنون الشعبية كالرقصات والأهازيج والقصص والروايات والأغاني وغير ذلك، لذلك فإن التراث الثقافي بكل متغيراته وثوابته وفلسفته يعتمد على إحساس وفكر وثقافة وبيئة الشعوب التي تساهم في إنتاجه وإثرائه بمختلف التوجهات الفكرية والعلمية السائدة.

خانات أثرية

ويضيف "الصفدي" أن مديرية الآثار كانت قد أهلّت قبل الأزمة متحف القنيطرة الأثري في "خان أرنبة" لأن يكون متحفاً للتقاليد الشعبية، لكن توقف العمل بسبب الحرب وتم نقل المقتنيات الأثرية إلى المتحف الوطني بدمشق، ويتم توجيه الزوار الى هناك.

ويقول: "وكشاهد حي اليوم على التراث الحضاري والثقافي الموجودة بالمحافظة، يوجد لدينا الخانات الأثرية القديمة التي تم ترميم العديد منها وإعادة تأهيله، من "خان سويسة وخان القنيطرة وخان أرنبة"، والتي ستكون في المستقبل متحفاً فريداً للتقاليد الشعبية، حيث إن أغلب القطع الموجودة حالياً تعود إلى فترات زمنيه مختلفة من برونز وسيط من تل نبع الصخر الأثري الذي تم العمل به عام 1995، وغالبية القطع الموجودة هي أكواز فخارية متعددة الألوان منها اللون البني والأحمر والأبيض والأصفر، وهي من أجمل الفخار والصحون الفخارية، إضافة إلى بعض القطع كالصحون والجرار الفخارية وغير ذلك التي تعود إلى العصر الروماني المتأخر والقديم.