يؤكد العديد من الباحثين أن النهضة الموسيقية والمسرحية في "دمشق"، بدأت من خلال الأندية الموسيقية وكلها تأثرت بتجربة "أبو خليل القباني" وحذت حذوه، فجمعت بين الموسيقا والتمثيل، حيث عجت المدينة بالعديد من النوادي بدءاً من عام 1927، ثم توالى افتتاح نوادي الموسيقا والتمثيل التي درس فيها وانضم إليها نخبة من الفنانين الذين ذاع صيتهم في الموسيقا والطرب والتمثيل.

مقال مهم:

الملخص: يؤكد العديد من الباحثين أن النهضة الموسيقية والمسرحية في "دمشق"، بدأت من خلال الأندية الموسيقية وكلها تأثرت بتجربة "أبو خليل القباني" وحذت حذوه، فجمعت بين الموسيقا والتمثيل، حيث عجت المدينة بالعديد من النوادي بدءاً من عام 1927، ثم توالى افتتاح نوادي الموسيقا والتمثيل التي درس فيها وانضم إليها نخبة من الفنانين الذين ذاع صيتهم في الموسيقا والطرب والتمثيل.

إن نادي "الكشاف" كان أول تجمع تأسس في عام 1927، من أعضائه كان الممثل "توفيق العطري" والموسيقي "مصطفى هلال"، وقد نشط هذا النادي لعامين فقط، وظهر اهتمامه أكثر بالمسرح، حيث قدم عدة مسرحيات مقتبسة من روايات عالمية مثل "لولا المحامي" و"بولين" و"سقطة فتاة"، وشارك في هذه العروض، الموسيقي "مصطفى هلال" مؤدياً أغانيه بين الفواصل

عن البدايات

بدأت النوادي الموسيقية ونوادي التمثيل في "دمشق" بالظهور في عشرينيات القرن الماضي، ويقول "نزيه أسعد" المدرّس في معاهد "دمشق" والباحث في التراث الموسيقي السوري: «إن نادي "الكشاف" كان أول تجمع تأسس في عام 1927، من أعضائه كان الممثل "توفيق العطري" والموسيقي "مصطفى هلال"، وقد نشط هذا النادي لعامين فقط، وظهر اهتمامه أكثر بالمسرح، حيث قدم عدة مسرحيات مقتبسة من روايات عالمية مثل "لولا المحامي" و"بولين" و"سقطة فتاة"، وشارك في هذه العروض، الموسيقي "مصطفى هلال" مؤدياً أغانيه بين الفواصل».

من أنشطة الثلاثينيات

يتابع "أسعد" حديثه عن نشأة نوادٍ أخرى: «بعد هذا التاريخ بثلاث سنوات تأسست ثلاثة أندية، وهي نادي "الفنون الجميلة" في حي "الصالحية" خلف المستشفى الإيطالي، ومن أعضائه الأخوان "عبد الوهاب" و"رشاد أبو السعود"، و"وصفي المالح" و"مصطفى هلال" و"فؤاد رجائي".. أما نادي "الآداب والفنون" الذي اتخذ مركزاً له في "باب توما"، ضم كلاً من "توفيق العطري" وعازف الكمان "فريد صبري" وعازف القانون "رجب خلقي" والأديب "ممتاز الركابي" وعازف الكمان "فائز الأسطواني"، والنادي الثالث هو "دار الألحان" وضم "عدنان قريش" و"خضر جنيد" و"ممدوح زركلي" و"تيسير كركوتلي"، ودام هذا النادي ثلاث سنوات وأعيد اعتباره عام 1943 على يد الموسيقي "هشام الشمعة" مع "محمد كامل القدسي" و"خالد مردم بك" و"رياض العسلي" و"نديم زاهد باشا"، حيث تعاونت الأندية الثلاثة في تقديم أعمالها الموسيقية منها والمسرحية، واعتمدت أعمالاً عربية ومترجمة من آداب عالمية مثل "هاملت" و"البرج الهائل" و"صلاح الدين الأيوبي" وغيرها، وكانت تتخلل كل العروض مقاطع موسيقية وأغانٍ غالباً أداها "مصطفى هلال" الذي أمتلك موهبة الغناء والتمثيل معاً».

للموسيقا فقط

استمر هذا النشاط في فترة الثلاثينيات وظهرت بعض النوادي المختصة بالموسيقا فقط، إضافة إلى محاولة لتشكيل ما يشبه نقابة للموسيقيين والدفاع عن حقوقهم، وفي هذا السياق يقول "سمكو مراد" خريج كلية الموسيقا في "حمص" قسم النظريات: «في الثلاثينات من القرن الماضي تم تأسيس "النادي الموسيقي الشرقي" و"الرابطة الموسيقية" و"المعهد الموسيقي" لتعليم الموسيقا دون الفنون الأخرى، ونستطيع القول إن الرابطة الموسيقية التي أسسها "توفيق الصباغ" كانت بمثابة نقابة، الهدف منها هو الدفاع عن حقوق الموسيقيين، ولكنها فشلت بسبب قلة المنتسبين وعدم قدرتها على تأمين شيء من حقوقهم».

تجمع موسيقي من القرن الماضي

ويضيف "مراد": «فيما بعد وتحديداً عام 1936 تأسس نادي "الفارابي" وضم كلاً من "الأخوين نصوح" و"مطيع الكيلاني" وعازف العود "إسماعيل حقي" وعازف الكمان "فيصل المالكي" وعازف القانون "عثمان قطرية" و"عدنان قريش" و"خضر جنيد"، ومقره كان في حارة الشرف إحدى فروع شارع العابد، وقبلها وتحديداً في عام 1928، عاد الموسيقي "مصطفى الصواف" من أوروبا بعد أن درس الموسيقا في "فرنسا وألمانيا"، وفي البداية انضم إلى "النادي الموسيقي الشرقي"، ولكنه اصطدم مع الإدارة حول منهجية التعليم، فانسحب وأسس النادي "الموسيقي العربي" عام 1932 في بوابة "الصالحية"، ليكون أول مكان تدّرس فيه الموسيقا بشكل جدي ومنهجي، والتحق بالنادي أمير آلة البزق "محمد عبد الكريم" الذي درس فيه التدوين الموسيقي وكان مشاركاً نشيطاً في كل فعالياته، وبمرور خمس سنوات تطور هذا النادي ليتحول اسمه إلى "دار الموسيقا الوطنية للموسيقا والتمثيل والرسم"، وضم العديد من هواة التمثيل وفنانين تشكيليين أمثال "نصير شورى" و"صلاح الناشف" و"عبد العزيز النشواتي" واستمر نشاطه عشرون عاماً، ليؤسس بعده "الصواف" معهداً آخر هو معهد "الصواف للفنون الجميلة" في جادة "العفيف"، واستمر في نشاطه حتى وفاته عام 1987، ومن المعاهد الجادة التي تم تأسيسها بدمشق أيضاً في بداية الأربعينيات معهد "أصدقاء الفنون" واهتم بتدريس الموسيقا الشرقية والغربية حيث جمع عدداً من خيرة الموسيقيين أمثال "هشام الشمعة" و"حسني حريري" و"وهيب سكر" و"فيلكس خوري" وغيرهم، وفي الفترة ذاتها تأسس نادي "دمشق الموسيقي" الذي أصبح فيما بعد نقابة لموسيقيي دمشق، والنشاط الأبرز في تلك الحقبة الزمنية كان نشوء "اتحاد الفنانين" من جميع أندية دمشق».

المعاهد الرسمية

يقول الباحث" صميم الشريف" في كتابه "الموسيقا في سورية- أعلام وتاريخ": «استطاع الوطني المعروف "فخري البارودي" المحب للموسيقا والأدب بعد انتخابه نائباً عن "دمشق"، أن ينتزع موافقة المجلس النيابي على تأسيس أول معهد موسيقي يتبع لوزارة المعارف عام 1947 باسم المعهد "الموسيقي الشرقي" وأشرف عليه لمدة عامين، ثم أغلق لأن المجلس النيابي ألغى مخصصاته، وفي عام 1950 وبجهود من "فخري البارودي"، أصدر رئيس الجمهورية "شكري القوتلي" المرسوم الجمهوري القاضي بتأسيس المعهد الموسيقي الشرقي وافتتح رسمياً عام 1951، واستمر لمدة ثماني سنوات قبل إغلاقه في أعقاب قرار الوحدة بين "سورية ومصر"، وإلحاق جمع المعاهد الموسيقية والفنون التشكيلية والمسرحية بوزارة الثقافة، حيث خرّج العديد من المواهب أمثال "أمين الخياط" و"عدنان أبو الشامات" و"عدنان قريش" و"صباح فخري" و"عبد السلام سفر" و"عمر العقاد"».

فرقة دمشقية قديمة