لا تزال المكتبة المركزية بجامعة دمشق حاضرة بقوة على الساحة الثقافية بما تملكه من ذخائر معرفية وثقافية وتعليمية هائلة، وهي تحاول أن تقف اليوم بعناد في مركز الصدارة بما تقدمه من خدمات متنوعة لطلبة جامعة دمشق تلبي احتياجاتهم العلمية والمعرفية، بما في ذلك الخدمات التي تعتمد على التقنيات الحديثة التي يبدو أن المستقبل قد يرجّح كفتها كشرط لازم للتحول الرقمي الذي تنتهجه سوريا.

الواقع الحالي ...

كثيرون قد لا يعرفون بأن المكتبات الفرعية في كليات جامعة دمشق تتبع للمكتبة المركزية بحسب مدير المكتبة أ. علي حمود الذي أوضح في حديثه لـeSyria" " أنّ أمانة المكتبة فيها مجموعة من الأقسام، أهمها قسم الإعارة الذي يضم مستودع الكتب العربية الذي يحوي 96 ألف كتاب، ومستودع الكتب الأجنبية الذي يضم حوالي 100 ألف كتاب عدا عن قاعة المراجع التي تحوي (4000) مرجع، وهي ذات رفوف مفتوحة تضم مجموعة من الكتب ذات القيمة العالية (أمهات الكتب) لكنها مخصصة فقط لأعضاء الهيئة التدريسية وطلاب الدراسات العليا والباحثين.

حمود ذكر بأن رفد المكتبة بكتب حديثة قليل جداً هذه الأيام ويقتصر أغلب الأحيان على الإصدارات المحلية لكن يبقى قسم الكتب النادرة هو الميزة التي تتفوق بها المكتبة والتي يقصد بها الكتب الذي يصل عمرها إلى مئات السنين إضافة إلى قسم الرسائل الذي يضم أكثر من 125 ألف رسالة دكتوراه وماجستير وهي متاحة للطلبة بيسر وسهولة، وأيضاً قسم التبادل والهدايا الذي لا يزال قائماً إلى اليوم رغم قلّة العمل به والمكتبة الفرنسية التي تضم مجموعة متنوعة من الكتب الثقافية والعلمية وقسم الأمم المتحدة الذي يضم منشورات صادرةً عن الأمم المتحدة، كما أنّ هناك أقساماً أخرى تعنى بالناحيتين الإدارية والفنية.

لا يزال الكتاب الورقي مرجعاً

قاعة المطالعة والحنين إلى الماضي

ارتبط اسم قاعة المطالعة في المكتبة المركزية التي تتسع لحوالي 300 شخص بأذهان خريجي جامعة دمشق في القرن الماضي وهي لا تزال ساكنة في وجدانهم وذكرياتهم الجامعية حتى وإن لم تكن بالأهمية ذاتها بالنسبة لطلاب الجامعة هذه الأيام كما يقول الأستاذ علي أسعد خازم خريج قسم الفلسفة بجامعة دمشق منذ حوالي 40 عاماً، مضيفاً بأن قاعة المطالعة كانت ملاذنا الأجمل للدراسة والتحضير للامتحانات حيث كان يعمها الهدوء رغم أنها كانت تمتلئ بالطلاب ويشرف عليها أشخاص لطيفون جداً لا يتساهلون مع أي وضع يتسبب بالإزعاج و في أوقات أخرى كنا نعتمد على ما تضمه المكتبة من كتب قيّمة لإعداد حلقات البحث التي كنا نكلف بها من قبل أساتذتنا.

نحو التحول الرقمي

في عصر التحول الرقمي

أمهات الكتب

ولا تنأى المكتبة بنفسها عن التطور التقني الذي يجتاح كل جوانب الحياة في العصر الحالي ولا سيّما بعد ظهور الكتاب الإلكتروني فهي تحاول جاهدةً -وفق ما قاله مديرها- الاستفادة من الإمكانات المتاحة لتحقيق هذا الغرض بداية من اتباع أسلوب الفهرسة الإلكترونية لتسهيل عمليات البحث واستخدام النظام الآلي لإدارة المكتبات (كوها) والحضور بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي وإحداث قسم الأتمتة، إضافة إلى مجموعة من الخطط والمقترحات الجديدة التي من شأنها إعطاء قيمة مضافة لعمل المكتبة والخدمات التي تقدمها.

مخاض التأسيس الطويل

في بداية القرن العشرين تأسس أول معهد للطب بمدينة دمشق في (دار زبور باشا) بحي الصالحية وألحقت به مكتبة خاصة تحوي كتباً ومراجعَ في علم الطب والصيدلة، وبعد عشرة أعوام وتحديداً عام 1913 انتقل مكان المعهد ومكتبته إلى جانب المشفى العام، في المكان الذي خصص لـ(التكية السليمانية)، وكانت الخطوة الثانية عام 1923حيث تم دمج مكتبتي معهد الطب العربي ومعهد الحقوق ضمن مكتبة واحدة اسمها (مكتبة الجامعة السورية)، وبعد إحداث المدرسة العليا للآداب أضيفت إلى مكتبة الجامعة كتب في الآداب والاجتماع والفلسفة، وفي عام 1946 بعد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي تأسست كليات جديدة في جامعة دمشق ما أدى إلى توسع المكتبة من حيث عدد الكتب والموضوعات وإلى انتقال مكانها من (التكية السليمانية) إلى بعض قاعات الثكنة العسكرية التي حولت إلى جامعة تعليمية، ومن ثم انتقلت المكتبة إلى المكان الحالي الذي تشغله حالياً عام 1956 م بالقرب من كلية الحقوق والشريعة.

وبعد تأسيس جامعة حلب عام 1958 أصبح اسمها (مكتبة جامعة دمشق) وتمّ إحداث مديرية للمكتبات في جامعة دمشق ومكتبات فرعية بعد التوسع في عدد الكليات وانتشار أبنيتها في مساحات ومناطق متباعدة وازدياد عدد الطلاب، وعدّت مكتبة جامعة دمشق هي (المكتبة المركزية) في عام 1970 م ومقرها في مبنى المكتبة المركزية في الجامعة.