تصدّر مشهد إضاءة شجرة الزيتون المعمرة في ساحة مشتى الحلو، الإعلان عن بدء فعاليات مهرجان دلبة مشتى الحلو الثالث عشر للثقافة والفنون 2025 السنوي، وقد تميز المهرجان بتنوع نشاطاته، إلى جانب الرسم والنحت، كانت الأمسيات الموسيقية والنشاطات الرياضة، كما برزت المواهب الشابة في شتى المجالات.

رمزية الزيتون

ما يميز هذا الحدث هو طرحه لموضوع خاص ينسجم مع أحداث سوريا، عبر رمزية جذور الزيتون كإسقاط على السلم الأهلي، كما قال الفنان التشكيلي "إدوار شهدا" لمدونة وطن: ليست أولى مشاركات، في دلبة مشتى الحلو وبرأيه ومن وجهة نظره وأرى أن الفن التشكيلي قادر على تعزيز الهوية الثقافية المحلية، وخاصة في مشتى الحلو ، فالفنون بشكل عام، لها دور أساسي في إرساء الذوق العام وتطوير الذائقة الجمالية لدى الناس، وفي منطقة ذات مستوى متقدم ثقافياً مثل مشتى الحلو، يكون للفن احترامه، ناهيك عن تعزيزه للحالة الفكرية والجمالية.

وأضاف: أوحى لي عنوان الفعالية وجذر الزيتون العتيق، ما تمر به البلد من مناخ عالق بالسواد، سواد اقترن باحتراق غابات الوطن، والسواد الاجتماعي والسياسي الذي يغلف الجو العام، فاستخدم في لوحته شجرة زيتون محروقة بالكامل، فيها يخرج برعم الزيتون من أحد الأغصان المحروقة، يعيد للشجرة الحياة والألق كما سوريا التي ستخرج حتماً من هذا الظلام، واعتبر المهرجان فكرة ملهمة ومقدمة لأعمال لاحقة.

الفنان "محمد بعجانو" خلال المهرجان

نشاطات فنية متنوعة

الفنانة التشكيلية "ندى عقل" في ورشة تدريب الاوريغاني

تنوعت النشاطات الفنية بمشاركة فئات عمرية متفاوتة أن الملتقى ضم نشاط "النحت على صابون الغار"، بمشاركة واسعة للأطفال واليافعين.

ضم ملتقى النحت باقة من النحاتين السوريين، وكان لمدونة وطن لقاء خاص مع الفنان "محمد بعجانو" الذي كانت أول مشاركة له بالنحت على الحجر في مشتى الحلو عام 1986 ،حيث وضع حجره المنحوت بجانب نبعة الماء في القرية، ثم تتالت نشاطاته الدورية في المهرجان المشتاوي، ولديه الكثير من الذكريات في هذا المكان الهادئ والاجتماعي المفعم بالمحبة، يتابع "بعجانو" حديثه عن النحت على خشب الزيتون الذي يمتلك خصوصية تختلف عن الأخشاب الأخرى، فلكل مادة خشبية شخصية خاصة يتفاعل النحات معها وبها، ليقدم عملاً نموذجياً، وبرأيه، قد تفتح هذه المهرجانات المجال أمام النحاتين الجدد والشباب لتقديم أعمال ترتبط بالبيئة وبالأرض.

من فعاليات المهرجان

الفن الأوريغامي

تنوعت النشاطات الفنية بمشاركة فئات عمرية متفاوتة شاركت في عدة ورشات فنية منها فن الإبرو(الرسم على الماء) وورشة الأوريغامي التي كانت بإشراف الفنانة التشكيلية "ندى عقل" التي قدمت أول معرض خاص بالأوريغامي في الوطن العربي، تقول: فن الأوريغامي يعتمد على الورق كمادة رئيسية ووحيدة لصنع أشكال ثنائية وثلاثية الأبعاد، وكلمة أوريغامي -فن طي الورق الياباني- وهو فن إبداعي شامل لجميع الأعمار وله مراحل من الأبسط للأصعب، متجذر منذ القدم وقابل للتطوير والابتكار، ويمكن أن يكون بسيطاً، مثل طي ورقة لعمل طائرة، أو معقدا مثل تشكيل مجسمات كبيرة كأنها منحوتة عملاقة، وهناك مساحة للإبداع، عبر تصميم أشكال جديدة ومبتكرة بمهارة تحريك الأصابع والتعامل مع الورق بدقة، ما يساعد على تطوير المهارات الحركية الدقيقة وتحسين القدرة على التركيز لجميع الأعمار.

وخلال الورشة التي أقيمت تحت شجرة الدلبة، جذب نشاط "عقل" الأهالي والأطفال والفنانين المشاركين الذين شاركوها تنفيذ شكل الزيتون، وتطوير نظرتهم لهذا الفن، وتتابع بقولها: "بقناعتي أعتبر جذر الزيتون رمزا أصيلا، وجميلا بالنسبة لي كفنانة وسورية، ومن هنا بدأ الموضوع، عبر التصميم الذي صنعته، وهو ورقة الزيتون بالأوريغامي باللون الأخضر ودرجاته، وتشكيل غصن مكتمل للزيتون، يجسد جمالية فكرة الملتقى لهذه السنة، كل شخص متدرب يصنع تصميماً (ورقة الزيتون الثلاثية) وأقوم بضمه ليصبح غصناً كاملاً، إسقاطاً على ترابطنا نحن كسوريين في أرضنا لنصنع معا شجرة زيتون كاملة ومهرجان المشتى لهذا العام جسّد هذه الرسالة وهذا المفهوم.

إبراز المواهب الشابة في شتى المجالات

نجاح المهرجان ارتبط بعدة عوامل كونت نسيجاً واحداً من الألفة والتعاون بحسب المنسقة الإعلامية لمؤسسة الملتقى الثقافي الخيري في مشتى الحلو "رانيا عنتر" والتي بينت أنه مع وجود نخبة من الفنانين والمبدعين السوريين، مثل "يوسف عبدلكي، إدوار شهدا، غسان نعنع، سامر إسماعيل، محمد بعجانو" وغيرهم، كانت بصمة جديدة في سماء المهرجان المشتاوي، وتصدّر المشهد شجرة الزيتون المباركة التي افتتح بها المهرجان، بإضاءة شجرة زيتون معمرة في ساحة مشتى الحلو، وقد تميز المهرجان بنشاطاته المتنوعة ، فإلى جانب الرسم والنحت، كانت الأمسيات الموسيقية والنشاطات الرياضة، كما هدف المهرجان إلى إبراز المواهب الشابة في شتى المجالات، والجدير ذكره هو الحضور اللافت لمختلف الفئات العمرية والتفاعل الايجابي للجميع، وبالتالي النجاح بإيصال الرسالة على أكمل وجه في نشر الفرح والثقافة.

وانطلقت في السابع من الشهر الجاري فعاليات مهرجان دلبة مشتى الحلو الثالث عشر للثقافة والفنون 2025، برمزية شجرة الزيتون وبرعاية وزارة الثقافة السورية عبر عدّة نشاطات مستوحاة من شجرة الزيتون كالنحت، والرسم، إضافة إلى نشاطات بيئية، ورياضة، وعروض مسرحية وموسيقية، وذلك في أجواء احتفالية تعكس روح الإبداع والانتماء.