تعدُّ دمى الماريونيت أو (الخيوط) عنصراً أساسياً في مسرح الدمى وتستخدم لإيصال رسالةٍ تربويّةٍ وفكريّةٍ وثقافيّةٍ للطفل، ويحتاج تحريكها إلى جهدٍ مضاعفٍ لإيصال الفكرة بصدق وعفويّة.

كواليس الماريونيت

للتعرّف أكثر على هذه الدمى وكيفية تحريكها تواصلنا مع "إيمان عمر" مصممة ومحركة دمى التي تقول: «الدمى المتحركة أو الماريونيت هي عبارة عن مجسّمات اصطناعية يتم تحريكها إما باليد أو بخيوط أو أسلاك أو عصي، وتمثل شخصاً أو حيواناً أو نباتاً أو شيئاً من الأشياء، وتتقمص هذه الدمى أدواراً في مسرحيات تعرف باسم عروض العرائس، ويسمى الشخص الذي يقوم بتحريكها بمحرك الدمى الذي يمكنه العمل من وراء غطاء أو (شرشف)، يشده بعرض الجزء السفلي من فتحة باب، ويتوارى خلفه فلا يرى المشاهدون غير الدمى المتحركة التي تظهر في الجزء الأعلى من فتحة الباب».

يتم تنفيذ صوت الدمى من خلال المؤدي وبعدها يتم العرض على خشبة المسرح من خلال حركة الدمية وسياق النص وصوت المؤدي مع الموسيقا والديكور لشدّ انتباه الطفل من خلال تشكيل ألوان يحبها وبذلك يتقبل الفكرة المطروحة سواء أكانت عن الأمانة، الكذب، السرقة، احترام الكبير المسن ومساعدته، وغيرها من الأمور التربوية

وتوضح "إيمان" أن الأطفال قد يصنعون الدمى من مواد رخيصة كالقماش والخشب، أو من أشياء كعلب الألبان الفارغة أو الخرق البالية، ويقومون بتأليف عروض العرائس ثم يحركونها، ويعملون على تغيير أصواتهم مع تغيير الشخصيات باستخدام منضدة أو رف كتب كمنصة لعرض العرائس.

مصممة ومحركة الدمى "إيمان عمر"

أبطالُ العرض

محرك الدمى "أيهم شيشكلي"

تختلف عرائس الماريونيت عن الدمى الخشبية وحول ذلك تقول مصممة ومحركة الدمى "إيمان عمر": «يقوم الفنان بتحريكها من أعلى المسرح عن طريق خيوطها المتصلة بأعضاء أجسادها المختلفة، ويتم إلباسها ملابس تليق بشخصيتها في القصة، كما تملك وجها معبراً وشعراً أو منديل رأس وفق سيناريو القصة، وهذا النوع من العرائس يحتاج إلي تدريب وجهد كبير لتظهر على المسرح وكأنها تجسّد شخصيةً حيّةً، والبطل الأساسي في هذه العروض المسرحية العرائس وليست شخصيات بشرية بل عبارة عن مجسّمات اصطناعية يتحكم بحركاتها شخص، وتتقمص أدواراً في مسرحيات تعرف باسم "عروض العرائس" على اختلاف أدوارها».

وتبين أن مسرح الدمى هو مسرح أساسي في مسرح الطفل لأن الدمية أساسية في حياة أي طفل وعن طريقها يتم طرح رسائل للأطفال تحمل أشياءً كثيرة منها العلم والأخلاق وإمكانية التعليم الحديث عن طريق الدمية، وحل مشاكل كثيرة تخص الطفولة عن طريق مسرح الدمى.

من أحد العروض

عوامل متكاملة

يتم اختيار نص موجّه لمرحلة عمرية للأطفال وبعدها تصنع الدمى وفق شخصيات العرض وحول ذلك تقول "إيمان": «يتم تنفيذ صوت الدمى من خلال المؤدي وبعدها يتم العرض على خشبة المسرح من خلال حركة الدمية وسياق النص وصوت المؤدي مع الموسيقا والديكور لشدّ انتباه الطفل من خلال تشكيل ألوان يحبها وبذلك يتقبل الفكرة المطروحة سواء أكانت عن الأمانة، الكذب، السرقة، احترام الكبير المسن ومساعدته، وغيرها من الأمور التربوية».

التصنيعُ على مراحل

فيما يتعلق بالمواد التي تصنّع منها دمى الماريونيت تقول: «تصنّع من الخشب ويتم رسم المجسّم المراد نحته سواء أكان إنساناً أم حيواناً، يتم في البداية نحت الرأس وتجسيم الوجه وأخذ الملامح المرادة من ضمن النص، بعد ذلك ينحت الجذع العلوي (الكتفان) للخصر ونحت الأيدي والأرجل ثم تجميع القطع التي تم نحتها بوصل المفاصل المتحركة من الجسم، ومن ثم ترتدي الدمية الملابس التي تناسب الشخصية سواء أكانت (أنثى، رجلاً، شخصية عصرية تاريخية، فلاحاً، حداداً، مهندساً، طبيباً) نقوم بعمل صليب لحركة الدمية ثم نصل المفاصل بخيوط شفافة بالصليب الذي تم صنعه، وهناك حركة إفرادية هي حركة القدمين ونضع لوصل الخيطان حلقات معدنية لتحمل الخشب حيث تعدُّ دمى الماريونيت من الدمى الثقيلة لأنها تشد للأسفل بوزنها وثباتها على الأرض».

استمراريةُ التجربةِ

بحسب مصممة ومحركة الدمى "عمر" تأسس مسرح العرائس في "سورية" في أواخر الخمسينيات وكان "عبد اللطيف فتحي" من مديري هذا المسرح وتستمر حالياً عروض مسرح العرائس برعاية وزارة الثقافة وتتنوع باستخدام كل أنواع الدمى وآخر عروضها كان باستخدام دمى ماريونيت التي حركت بالخيطان، وكانت نتاج ورشة عمل بدأت من التصميم وانتهت بالتحريك لاستقطاب محبين جدد لهذا المسرح وتدريبهم على الصناعة والتحريك.

وترى "عمر" أن مسرح الدمى يختلف عن مسرح الكبار للصغار الذي فيه أشخاص يمثلون الأدوار بينما في مسرح الدمى الأبطال هم الدمى وبالتالي يحتاج إلى جهد مضاعف لأنه يتوجب على المحرك ربط كل أحاسيسه وحواسه بالدمية التي يحركها حتى يصدقها المشاهد ويقتنع الطفل بهذه المشاهد المعبرة.

أهميتُها التربويّة

من جهته "أيهم شيشكلي" محرك دمى يقول: «دمى الماريونيت هي الدمى التي تتحرك بواسطة الخيوط وهي أساسية في مسرح العرائس وهي تحتاج إلى حسٍّ عالٍ من المحرك وقدرة على فصل الحواس، حيث تعدُّ الدمية صديقة الطفل تلازمه أينما ذهب، على مائدة الطعام، معه عند النوم فهي صديقته المقرّبة جداً ويتقبل منها كل شيء سواء أكانت نصيحة أم مساعدة على التمييز بين الخير والشر، الصح والخطأ، ولمسرح العرائس أهمية ثقافية وفكرية وتربوية للطفل».

ويكمل "شيشكلي" بقوله: «شاركت في جميع العروض المسرحية وبمختلف أنواعها؛ دمى الماريونيت (الخيوط)، الجاوية، القفازية والدمى الملبوسة، ومن أبرز المسرحيات: "حياة من ورق" للمخرجة "هنادة الصباغ"، "موزاييك"، "حارس الغابة يا صديقي" للمخرجة "سلوى الحابري"، "القبطان والقرش الجوعان" للمخرج "مأمون الفرح"، "الأفعى والنسر" للمخرج "بسام ناصر" ومؤخراً مسرحية "القبطان والفئران" للمخرجة "هنادة الصباغ"».

نشير إلى أنّ اللقاءات جرت بتاريخ 25 كانون الأول 2021.