تتميز"التلبيسة الشامية" بطقوس خاصة تمارس من قبل العائلات الدمشقية في أعراسهم، ولا تزال هذه الطقوس تمارس حتى وقتنا الراهن لما فيها من متعة للعريس تتخللها فرحة الأصدقاء والأهل بتوديع الشاب لحياة "العزوبية" والانتقال لقفص الزوجية ومسؤولياتها.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 تشرين الثاني 2014، بالباحث الأستاذ "عمار الأيوبي" ليقول: «يمتلك أهل الشام عادات وتقاليد قديمة متوارثة خاصة بالأعراس والأفراح الشامية، ومازالت متبعة إلى يومنا هذا لما تتمتع به من أصالة وإرث حضاري خاص بالشام، ومازال أهل الشام وبالتحديد أهالي "دمشق القديمة" التي تضم سبعة أبواب منها: "ساروجة، والبزورية، وسوق مدحت باشا، والعمارة، والعيبة، والقيمرية، والقنوات، والشاغور"، وغيرها من المناطق، محافظين عليها إلى يومنا هذا مع بعض التغير الطفيف بمراحلها بمرور الزمن والظروف، ومن هذا الإرث "التلبيسة الشامية" التي تخص العريس يوم عرسه، وما أذكره عندما كنت طفلاً حضرت لبعض أصدقاء أبي رحمه الله عدة "تلبيسات"، حيث كانت تقام طقوسها في أحد حمامات دمشق القديمة، مثل: "حمام نور الدين الشهيد، حمام الورد، حمام البكري، حمام الملك الظاهر، حمام عز الدين"، حيث يذهب المدعوون لـ"التلبيسة" إلى الحمام المعين من قبل المتكلف بـ"التلبيسة"، مصطحبين معهم حلاق العريس للقيام بقص الشعر وحلاقة ذقنه ليظهر بمظهر لائق يميزه عن جميع المدعويين، ويسمى هذا الطقس "حلاقة العرس"، بعدها يقوم المدعوون بتحميم العريس واللعب بالماء مع الغناء الجماعي والأهازيج الخاصة بهذه المناسبة، بعد الاستحمام يقومون بتلبيسه الثياب الخاصة بعرسه ووخزه بالإبر والدبابيس وقرصه بالأيدي لكل قطعة يرتديها من الثياب معبرين عن فرحهم وسرورهم به مودعاً هو حياة العزوبية فيتحملها ولا يبدي حراكاً خجلاً وتأدباً، بعدها تتم زفة العريس من الحمام إلى مكان وجود العروس».
في الوقت الحالي وبعد انتشار صالات الأفراح في مدينة "دمشق" وما حولها أصبحت تقام "التلبيسة" في غرفة من غرف الصالة بعدما اتجه أهل "دمشق" القديمة لإقامة أعراسهم فيها
وأضاف: «مع مرور الزمن أصبحت تقام "التلبيسة" في أحد البيوت المجاورة لبيت أهل العريس، حيث يشترط أحد الأقرباء أو الجيران أو الأصدقاء المقربين للعريس بإقامة "التلبيسة" في منزله وذلك تعبيراً عن معزة العريس عند هذا الشخص وتقديره له، وذلك بعد حلاقة العريس في صالون الحلاقة واستحمامه في منزله».
وتابع: «في الوقت الحالي وبعد انتشار صالات الأفراح في مدينة "دمشق" وما حولها أصبحت تقام "التلبيسة" في غرفة من غرف الصالة بعدما اتجه أهل "دمشق" القديمة لإقامة أعراسهم فيها».
فيما يقول "محمد السيد" من سكان "القيمرية": «درجت العادة أن تقام للشاب الذي ينوي الزواج "تلبيسة عرسه" قبل زفة العرس، وهي بمنزلة توديعة لحياة العزوبية للشباب الذين هم بسنه، حيث تمزق ثيابه التي يرتديها قبل "التلبيسة" من شباب جيله لإلباسه طقم العرس الذي يدخله إلى حياة جديدة مختلفة عن حياته أيام العزوبية، يتحمل خلالها مسؤولية عائلة جديدة».
ويذكر الباحث التاريخي "عبد العزيز العظمة" في كتابه "مرآة الشام - تاريخ دمشق وأهلها" عن "التلبيسة الشامية"، قائلاً: «قضت العادة أن يرتدي العريس ثياب عرسه في دار أحد أقربائه أو أصدقاء أبيه، ويدعى لـ"التلبيسة" الأهل والأصدقاء والخلان، ويجلب إليها المغنون إلى أن يرتدي العريس ثيابه في غرفة خاصة بين أقرانه الشباب الذين كلما يرتدي قطعة منها يهزجون له بأهازيج موضوعها المداعبة، ثم يأتي العريس إلى قاعة الجلوس، فيتقدم ويقبل أيدي أبيه والشيوخ الحاضرين، وحينئذ يحيط بالعريس اثنان أو أكثر من شيوخ العائلة والحي، ومن حولهم لفيف الرجال والشباب، وتحمل أمامه المصابيح والمشاعل، ويلعب شباب العراضة الشامية بالسيف والترس وبالعصا احتفاء به».