أنهى المخرج "علاء الدين كوكش" مؤخراً تصوير مسلسل "القربان" لكاتبه "رامي كوسا"، يرصد العمل آلية تحول البشر إلى قرابين متخذاً من سنة 2010 زمناً افتراضياً لأحداثه.

تدور أحداث "القربان" ضمن مدينة "دمشق"، إذ يلتقط الكاتب أنفاس الحارة العشوائية عبر ناسها؛ شغفهم وألمهم.. حبهم للحياة واحتيالهم عليها.. إلى جانب ما تفرزه قصور وفلل أصحاب النفوذ من انعكاسات على الطبقة الأولى.

يحكي المسلسل عن التضحيات التي بدأها سيّدنا "إبراهيم الخليل" ومازالت شعوب الأرض تواصلها في كلّ وقت وكلّ حين، حتّى غدا القربان عقيدةً وسنّةً تقبض على مفاصل عدّة ونهاياتٍ كثيرة في مشوار الحياة

يقول المخرج "كوكش" في تصريح لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 آذار 2014: «نص "القربان" مميز وفيه التصاق وطيد بالبيئة فهو نابع من أعماق المجتمع السوري، وهذا ما شدني لإخراجه ولا سيما أنه مكتوب بطريقة صادقة نتلمس من خلالها روح الحارة ببيوتها وناسها، ومنها ننطلق لنتعرف الطرف النقيض من أناس الهامش، أولئك الذين يعيشون في أبراج عاجية».

مشهد من المسلسل

لا يرصد "القربان" الذي تنتجه المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي يوميات السوريين في الأزمة، إنما يركز على الأرضية التي نبتت عليها، يوضح المخرج "كوكش": «انشغلنا بالأزمة أكثر من تسليط الضوء على ما قبلها، فما يميز هذا العمل أنه يحكي عن طبيعة المجتمع السوري والمستجدات الطارئة عليه منذ بداية عام 2010 وانتهاء بما قبل الأزمة، بكل التناقضات الصارخة التي يضمها مجتمعنا، بمعنى أن هذا العمل لا يطرح القيم الثابتة في المجتمع السوري بل المتغيرات التي كانت سبباً فيما نعيشه الآن».

يؤكد ذلك السيناريست "كوسا" فنصه يتناول مفهوم تحوّل بعض شخوصه بفعل تراكم الضغوط والإنهاكات إلى حالةٍ تبعية، كما يرصد آلية تحوّل البشر إلى قرابين تُسفح على مذبح السلطة والفقر والقهر والحب والمال، ويصف عمله بقوله: «يحكي المسلسل عن التضحيات التي بدأها سيّدنا "إبراهيم الخليل" ومازالت شعوب الأرض تواصلها في كلّ وقت وكلّ حين، حتّى غدا القربان عقيدةً وسنّةً تقبض على مفاصل عدّة ونهاياتٍ كثيرة في مشوار الحياة».

السيناريست "رامي كوسا"

تجسد شخصيات هذا العمل نخبة من نجوم الدراما السورية منهم الفنان "فايز قزق" بشخصية "هيثم" المتشدد لدينه والسادي في تعامله مع زوجته "رغدة" التي تجسدها الفنانة "وفاء موصللي"، لديه ولدان "طوني" و"مي" الأول مختل عقلياً ويعاني من حاجاته الجنسية ويؤثر ذلك في أخته التي تضطر لمغادرة البيت إلى منزل عمتها "يارا.. أمل عرفة" المتحررة اجتماعياً ما يثير حفيظة أخيها ولا سيما بعد الفضيحة التي يسببها لها الشاب "ماهر" بتصميم صور عارية لها ونشرها.

أما منطلق أحداث العمل فهو شخصية "رشيد" التي يؤديها الفنان "سامر إسماعيل" السائق على خط (دمشق - بيروت)، ومهرب الآثار الذي يقوده ذكاؤه وحسن تدبيره إلى أن يعمل تحت وصاية رجل الأعمال "سالم العابد.. رشيد عساف" رغم تحذيرات "أمل" أخت "رشيد" التي تجسدها الفنانة "علا باشا" من عواقب انقلاب حياته رأساً على عقب.

الفنانة علا باشا مع الدكتور سامر عمران في مشهد من العمل

الدكتور "سامر عمران" يشارك أيضاً في شخصية "عمر" السجين السابق وأستاذ اللغة العربية الذي يمتلك أفكاراً تقدمية، إذ عاش ضمن جيل حالم حاول أن يغير الكثير على المستوى النظري، لكنه بقي كأقرانه من أفراد تلك المرحلة يمتلك نظرة وردية عن الدنيا من دون أي فعالية، يقول "عمران" عن شخصيته: «كان "عمر" قرباناً سفح على مذبح مرحلته وأفكاره نفسها، فكان جزءاً من ضريبة دفعت من قبل الكثيرين. بدأ يتحرك ضمن فضاء ذهني أكثر منه واقعياً، وتالياً فهو متألم أكثر منه فعالاً، لكنه في الوقت ذاته يمتلك الرغبة في الفعالية، ويرى في الشباب تجسيداً لأحلام كان يفكر فيها».

يضيف "عمران": «اختار "عُمر" أن يسكن في منطقة يكون فيها قريباً من الناس، إذ إنه يمتلك تلك النزعة ليقوم بشكل من أشكال الإصلاح، وأن يقارب بين الناس، فـ "عمر" يعرف تماماً طبيعة جيله وأفكارهم وأمله لا يزال في الشباب، وهو تائه ما بين إحساسه بما فعله لإيمانه به، وأثر أفعاله في حياته الشخصية، إذ إنه بات متقوقعاً على نفسه، وقضى عشر سنوات في السجن، ولم يتزوج، بل يعيش في منزله مع طلابه وأصدقائه».