"فادي مرجان" اسم لامع في سماء الشعر الغنائي السوري، أغانيه تردد على كل لسان، يغنيها الكبير والصغير دون أن يعرفوا أنه كاتبها، تجاوزت كلماته حدود المحلية ووصلت إلى العربية حيث غنى له فنانون كثر لهم وزنهم وقيمتهم على خارطة الغناء العربي.

وللحديث بشكل موسع عن الشعر الغنائي عند "فادي مرجان"، التقته مدونة وطن eSyria بتاريخ 27/11/2012 حيث بدأ حديثه بالقول: «كنت أعبر في صغري عن مكنوناتي بكتابة الخواطر، ومن ثم تمكنت من تحويل هذا الكلام غير الموزون أو المقفى إلى شعر قابل للتلحين، وبدافع التجربة كتبت كلاماً للحن جميل أعجبني وقام بغنائه شاب مغمور، ومن حسن حظي لعبت المصادفة دورها وحصدت الأغنية نجاحاً كبيراً وكانت تلك أولى خطواتي التي أسيرها في طريق الكتابة الغنائية».

"فادي" من أهم كتاب الأغنية السورية وكلامه يسبق اسمه وهذا ما دفعني إلى تكرار التعامل معه لأنني أجد ضالتي في كل قصيدة يقدمها لي وأتمـنى له التوفيق لأنه يستحق الأفضل دائماً

وأضاف "مرجان": «عشقت الفن منذ زمن بعيد وملكت أذناً موسيقية نظيفة بالإضافة إلى مخزون شعري لا يستهان به، وصبت كل هذه الأمور في بوتقة واحدة مكونة قدرتي على كتابة الشعر الغنائي الذي ينطوي على قدر من الصعوبة في انتقاء كلمات ضمن السياق المطلوب للأغنية وعلى قافية ووزن ملائم للجملة الموسيقية».

"فادي مرجان"

شمولية المحاور التي تبناها "فادي" ميزته من غيرة فهو شاعر قادر على استحضار الموضوع الذي يرغب به حتى لو لم يكن يعيشه حسب قوله: «استطيع أن اكتب كلاماً يناسب أي حالة حتى لو لم أكن أعيشها، وأستطيع توصيفها بطريقة صادقة لأنها ناتجة عن قصص واقعية عششت في ثنايا الذاكرة لتبصر النور في عملية عصف ذهني أقوم بها عند طلب المطرب لأي موضوع يرغب به، فكتبت للحب والصدق والوفاء والهجر بالإضافة إلى الكثير من الأغاني الشعبية والوطنية».

وتابع: «حاولت من خلال قصائدي طرح موضوع بوجهتي نظر مختلفتين، لذا قمت بكتابة الفكرة ونقيضها في نفس الأغنية حيث يقوم الكورال بطرح فكرة في مقطع غنائي ومن ثم يعمل المغني على الرد عليها في مقطع غنائي آخر مقدماً في هذه الحالة قصيدتي الغنائية على شكل قصة تمتلك مقدمة وعرضاً وخاتمة فأستعرض بالتالي فكرة كاملة في نفس الأغنية».

أدخل "مرجان" إلى الأغاني العربية مصطلحات جديدة قريبة من الواقع ومستقاة من مفردات الشارع المتعارف عليها، ووظفها في كتابة كلمات قصائده، وقد تحدث عن هذه التجربة قائلا: «حاولت أن ادخل كلمات جديدة إلى الأغاني العربية الحديثة كنوع من التفرد كما فعلت في أغنية "يا صمت صرخ دقيقة"، وأغنية "أنتي اللي خسرتي" والتي كانت من أهم الأسباب التي أوصلت كلماتي بسرعة للمتلقي نتيجة ملامستها للناس، فالكلمة البسيطة تصل إليهم بطريقة أصدق لأنها مستوحاة من تفاصيل حياتهم اليومية المعيشة، وقد تمكنت من تحقيق نقلة نوعية في مجال الأغاني الشعبية بإعطائها معنى حقيقياً عندما استطعت نقل كلامها من الابتذال إلى الرقي».

ثم أضاف: «اعمل مع عدد من أصدقائي على صنع أغنية كاملة من كلام ولحن وتوزيع، وتسجل ضمن استديو في دمشق حيث بتنا قادرين من خلاله على تقديم أغنية بصناعة سورية متكاملة، وإعطاء هذه الأغاني إلى فنانين سوريين ولبنانيين, وهذا يشكل سابقة على صعيد التعاون الفني بين البلدين، وقد كانت انطلاقتي في لبنان من خلال أغنية "عينك بعيني"، وأغنية "بدي غازل سورية"، وقد شكل هذا التعاون نقلة نوعية جديدة وجيدة لأن اللبنانيين لم يعتادوا على التعامل مع السوريين سواء من حيث الكلمة أو حتى اللحن، وهذا يثبت قدراتنا المميزة وما نستطيع أن نبدعه في هذا المجال».

ويضيف "مرجان": «سورية لديها الكثير من المواهب الجميلة على صعيد الفن غناء وشعراً، ولكن المشكلة تكمن بعدم وجود أي دعم مادي أو معنوي للشباب المغمورين، فلا بد من وجود من يهتم ويعمل على إيصال هذه المواهب وصقلها ورعايتها عن طريق وجود أكاديميات وإعلام وبرامج هواة وقنوات تهتم بالقدرات والخامات المتميزة للسوريين، فأنا على ثقة بأن الفن السوري سيرتقي إذا حصل على الدعم المناسب على صعيد الكتابة والغناء والتلحين إلى مكانة تناسب الإمكانيات المبدعة الموجودة لتحذو حذو الدراما السورية».

لكل أغنية مكانتها في قلب "فادي" الذي عبر عن ذلك بالقول: «كل الأغاني هي من روحي ونفسي، ولكن الأغنية الأقرب إلى قلبي هي أغنية "شيلوها في عيونكم" التي كتبتها مودعاً فيها أختي في ليلة زفافها، وهي أغنية مؤثرة جداً وجميلة حققت نجاحاً منقطع النظير، وأغنية "أضمك"، و"طلبني ع الموت" التي كتبتها لابنتي الصغيرة "سيدرا"».

الملحن "فضل سليمان" قال عنه: «هو شاعر مبدع قادر على اختلاق حالة مؤقتة من الخيال والعيش فيها بكل تفاصيلها، والإحساس بسعادتها وآلامها وبساطتها، وتقمص الحالة ليستخرج منها نص أغنية أو قصيدة شعرية, وما يفصل بين الأغنية والقصيدة هي الصياغة الأدبية والقالب الشعري الموزون ورسم حالة النص التي أبدع فيها بالحالتين، ولطالما شعرت بأن جني الشعر هو من يلقنه كلمات الأغاني لأنه يكتب بحرفية عالية وغالباً ما تفتقد الحرفية أو العمل الأكاديمي للإحساس لأنه يعتمد على منهجية معينة، إلا أن "فادي" استطاع التغلب والتفوق على نفسه ومفاجأتي في كل مرة بعمل يبرز حرفيته العالية وصدق إحساسه ودفء روحه في نفس الوقت».

أما المخرج "مؤيد الأطرش" فعبر عن رأيه "بفادي" قائلا: «هو شاعر سوري أضاف بكلامه المميز للأغنية السورية الكثير، وقد اقترن اسمه نتيجة حرفيته العالية وحسه المرهف بأسماء العديد من النجوم المعروفين، فكلامه واقعي وقريب من الناس، وينتقي مواضيع تهم شريحة كبيرة من الشباب، وبنفس الوقت يكتب بأسلوب جديد لم يسبق لأحد أن كتبه، ونحن بأمسّ الحاجة لشعراء مثل "فادي" للنهضة بالأغنية السورية إلى ما تستحق أن تكون عليه».

أما المطرب "ناصيف زيتون" فقال: «"فادي" من أهم كتاب الأغنية السورية وكلامه يسبق اسمه وهذا ما دفعني إلى تكرار التعامل معه لأنني أجد ضالتي في كل قصيدة يقدمها لي وأتمـنى له التوفيق لأنه يستحق الأفضل دائماً».

والجدير بالذكر أن "فادي" من مواليد محافظة اللاذقية وهو شاعر غنائي سوري مشهور تعامل مع مجموعة من الفنانين منهم "ملحم زين، ناصيف زيتون، وفيق حبيب، علي الديك، سارية السواس".