يحتفظ الكثير من أبناء مدينة "القامشلي" وريفها "بالبابور" الذي كان من أهم أدوات التسخين قديماً، ويحافظون عليه حتّى الآن، وذلك ليس لحاجتهم إليه ولكن لأنهم يعتبرونه جزءاً من تراثهم وفلكلورهم الجميل.

موقع eHasakeh وبتاريخ 28/4/2012 رصد آراء عدد من أبناء منطقة "القامشلي" وريفها للحديث عن "البابور" وتاريخه وأهميته قديماً وكانت البداية مع أحد كبار السن في المدينة السيّد "خالد محمود الشهاب" حيث قال: «"البابور" هو مادة حديدية صغيرة الحجم وبمثابة الغاز في وقتنا الحاضر، وكانت مخصصة ومصنعة لتسخين كل ما يلزم للدار السكنيّة، سواء كانت المادة المطلوب تسخينها كبيرة أو صغيرة، وعلى الرغم من أننا ومنذ عشرات السنين كان قدومنا للمدينة ولكننا لانزال نحافظ على تواجدها معنا، ورفضنا بيعها أو تنسيقها من بين المهملات، على الرغم من أنّ العمل عليها بات شبه معدوم، وأحياناً كثيرة نعيد ذكريات الماضي من خلالها».

تلك القطعة قديمة جداً، فأجدادنا هم الذين كانوا يستخدمونها ونحن حافظنا على إرثهم وتراثهم، وطالما نحن في الريف فهي معنا حتّى تاريخه، وعندما نؤمن لها الكاز نستخدمها وتمارس الأسرة عليها أعمالها، على الرغم من دخول التقنية الحديثة لأدوات التسخين حتّى إلى الريف، ولكننا معنيون بالحفاظ عليها وعلى غيرها لنعرّف الأجيال الحاضرة بها

أمّا السّيد "علي محمّد حاجي" فقد تحدّث عنها بالقول التالي: «تلك القطعة قديمة جداً، فأجدادنا هم الذين كانوا يستخدمونها ونحن حافظنا على إرثهم وتراثهم، وطالما نحن في الريف فهي معنا حتّى تاريخه، وعندما نؤمن لها الكاز نستخدمها وتمارس الأسرة عليها أعمالها، على الرغم من دخول التقنية الحديثة لأدوات التسخين حتّى إلى الريف، ولكننا معنيون بالحفاظ عليها وعلى غيرها لنعرّف الأجيال الحاضرة بها».

بالدرجة الأولى لطبخ الأكل

والسيّدة "حمدية وليد نزار" تحدّثت عنها بالقول التالي: «أنا عمري أكثر من سبعين عاماً، وفي الزمن القديم وعندما كنّا نتزوج كان "البابور" يشترى ضمن مستلزمات الأدوات الضرورية التي تشترى، ومنذ ذلك الوقت ونحن نحافظ عليها ففي القرية وبالتحديد في الزمن القديم كانت الوسيلة الوحيدة للتسخين مخصصة لغسل الملابس، وتجهيز الطعام، وتسخين الشاي، حتى قهوة الصباح من خلالها، حتّى ولائم الطعام الكثيرة التي كانت تقام في الماضي وبكثرة كانت من خلالها، وعلى الرغم من أننا كنّا نبدأ بالعمل عليها منذ الصباح الباكر حتّى ساعات متأخرة من الظهيرة، ولكننا كنّا نجد المتعة بجانبها، فصوتها عند التشغيل ممتع».

وتابعت السيّدة "حمدية نزار" حديثها عن "البابور" عندما قالت: «حتى العام الماضي ومع مجيئنا للمدينة كنت أشعله أحياناً مع توافر مادة الكاز، فهو خفيف جداً ويسهل حمله بدرجة كبيرة، وقادر الشخص أن يأخذهمن مكان إلى مكان بسهولة، ولذلك وعند قلي الزيت أو مواد تخرج روائح ضمن المنزل كنّا نذهب إلى ساحة الدار ونستخدم "البابور"، وحتّى قبل أيام قليلة كنت ابحث عن مادة الكاز، وفي حال حصولي عليها سأنفذ بعضاً من مستلزماتي المنزلية على البابور، وأجمل ما فيه أنه كان ألذ فاكهة في الشتاء عندما كان يشعل في الدار ويسخن عليه الشاي ويلتف حوله الجميع، ونحن الآن نسرد تلك الحكايات الجميلة لأحفادنا وصغارنا، والسمة البارزة له أيضاً أنه نادراً ما كان يتعرض لخلل أو عطل، والعطل كان معروفاً سببه انسداد الفوهة الرئيسية له لكثرة العمل عليه، ويبقى القول الختامي أنه مازال ضمن عفشي ومستلزمات داري».

تراث يعتز به ابناء الجزيرة

أحد صانعي "البابور" السيد "احمد محمد" تحدّث عنه وعن عملية تصنيعه بالقول التالي: «قلّ عدد زبائننا لتصليح تلك القطعة الحديدية، فالعمل عليها قلّ جداً، أمّا بداياتها ومنذ عشرات السنين فكان سعرها 25 ليرة سورية، والنوعية الممتازة بحدود 50 ليرة سورية، وهذا الكلام في بداية الأربعينيات، وهي عبارة عن عدد من الزوايا الحديدية كقاعدة له وفوهة مدورة تشتعل فيها النيران فوق الزوايا، وعلبة مدورة ملتصقة فيه يوضع فيها الكاز، وتستوعب ما يقارب اللترين، وفي وسطها فوهة صغيرة من خلال دافع يضغط بقوة عليها أكثر من مرّة لسكب الكاز على فوهة الرأس ثم تشعل بالنار، وبين الحين والآخر يضغط بالمدفع لزيادة النيران في الفوهة، وكانت هناك إبرة حديدية ينظف من خلالها ثقب النار عند الانتهاء من "البابور"».