نحات ينتمي إلى مدرسة الواقع ويعتبر المجتمع أهم مغذٍ ومحفزٍ له على الإبداع، يهتم كثيراً بالتفاصيل الدقيقة للمنحوتة ويسعى من خلال الأعمال الرخامية لتقديم رسائل طويلة العمر.
موقع eSyria التقى النحات السوري "فراس علاء الدين" في 29/1/2012 وكان الحوار التالي:
فنان متفرد العطاء.. يستوطن الابداع بين يديه.. وترسم أصابعه قدسية الوطن، يشكل صلصاله الحس الواقعي الانساني في مجتمعنا يغترفها من واقع الحياة فتبدو أعماله قمة الروعة والجمال، يمارس طقوس الاحتفال مع كل ولادة جديدة لإحدى منحوتاته وما زال نهر كنوزه دائم الجريان
** عرفت الفن باكراً في منزلنا المتواضع حيث كان والدي من رواد الحركة الفنية في سورية، وبالتالي كان لدينا في المنزل حالة فنية معينة إضافة إلى احترام الموهبة والتشجيع على الإبداع والتميز.
في الطفولة كان الأمر عبارة عن حالة عبثية بأدوات أبي ثم تطور إلى الحصول على مساحة بجانبه للتجريب والرسم بعدها أصبح يعطيني الأدوات ويطلب مني أن أصنع شيئاً معيناً تحت إشرافه.
عندما وصلت إلى مرحلة الوعي كان هناك توجيه ومتابعة حقيقية منه علمني كيف يكون الحجم متناسباً وكيف تكون الألوان ومقاسات الجسم الطبيعي. بعد أن أصبحت راشداً اتجهت نحو فن النحت وفضلته على بقية الفنون التي تعلمتها من والدي (النحت، العزف، الرسم).
** النحت خلود إنه من أعظم الفنون وأكثرها صعوبة، إنه يمنح النحات إحساسا بالخلق ويمنحه شعوراً بأنه يبني جسداً في حجر، في خشبة، وفي كل منحوتة إنسان جديد أو ابن جديد، ولكي يكون هذا المخلوق قريباً من الواقع اخترت المدرسة الواقعية، وهي مدرسة صعبة على النحات تهتم بالتفاصيل الدقيقة للمنحوتة بحيث تكون معالمها واضحة تعابيرها متعددة قادرة على إقناع المتلقي وسهلة الفهم بالنسبة له، ولكي أكون ملماً بهذه التفاصيل قرأت كتب التشريح في الطب ودرست تفاصيل العضلات والجسد لكي أعطيها بعدها الصحيح في المنحوتة خصوصاً تلك التي تكون كبيرة الحجم.
** عملت في "الحجر، الخشب، والاسمنت" ولكل مادة خام ميزاتها وأنواعها أيضاً، فالحجر أنواع منه "البازلت، الرخام، والحجر الرملي"، لكن الأكثر قرباً مني "الرخام" لكونه يدوم كثيراً وأستطيع من خلاله أن أقدم رسائل طويلة العمر، أما "الخشب" فأعتمد على "الزيتون" وهو خشب سهل التعامل متوافر في المنطقة ويدوم أيضاً لفترة طويلة ويطاوعني في التجريد والواقعية، فيما يكون الاسمنت غالباً لأعمال الديكور المنزلي فهو أقل تكلفة ويتم تجهيزه بزمن قياسي.
** صحيح أن العمل قاسٍ لكن إنتاج العمل النحتي ككل يحتاج إلى حالة حسية إبداعية بعيدة كل البعد عن القسوة أي إنك تضرب أحيانا ًبشدة لكي تصل إلى شكل معين لكن اللمسات الأخيرة تحتاج إلى نفس جميل قلب إنساني، تحتاج تبدلات عاطفية أو تقمص للمنحوتة أي إنني عندما أقوم بنحت شخصية كلاسيكية أعبر بوجهي عن الشخصية أثناء نحتها أبتسم إذا كانت الحالة ابتسامة، وأتخذ تعبيراً يقابل كل منحوتة لكن عندما أصل إلى اللمسات الأخيرة استحضر كل عواطفي وهدوئي ومخزوني الإنساني وأضعهم في المنحوتة لدرجة أستطيع القول إن قسوة النحت انعكست إنسانية في داخلي.
** ما لدي من أفكار ومواضيع أحتاج إلى مئات السنين لكي أحولها إلى واقع، ناهيك عن حالات التأمل مع الحجر والحوار الصامت الذي يجري بيني وبينه وما يوصلني إليه من أفكار وتصورات لأشكال.
لكن معظم أعمالي النحتية هي عبارة عن وجوه وحالات انفعالية للوجه والشخصية، وما زلت أستخدم في تصميمها الأدوات البدائية التقليدية (الازميل، المطرقة ...إلخ) وأبتعد كل البعد عن الأدوات الكهربائية إلا إذا كانت المنحوتة ضخمة والعمل ضمن ملتقى نحتي معين وعليَّ الانتهاء ضمن وقت محدد، وسبب ذلك يعود إلى حبي للإغريق وتعلقي بأدواتهم حتى إنني لقبت نفسي "زيوس" من شدة ولعي بهم.
** المجتمع الحياة الواقعية الأحداث المحيطة هي من أهم المحفزات والمغذيات بالنسبة لي، لقد انتميت للمدرسة الواقعية وكان الواقع مصدر إلهامي وإبداعي.
** ليس في حال جيد.. هناك قلة اهتمام بالفن بشكل عام بدءاً من المدرسة التي هي المكان الأفضل للإبداع وانتهاءً بالحياة العامة. في المدارس حصة الفنون هي حصة فراغ هناك حالة من تسخيف الفن إن صح التعبير.
هناك قلة في الأنشطة وبالتالي تراجع للثقافة الفنية والحس البصري لدرجة أصبح الفن هامشياً، الفن هو مقياس حضارة الشعوب ونحن لا نوليه الاهتمام المطلوب.
** قالوا في النحات "فراس علاء الدين":
والدته السيدة "كوثر جديد": «منزلنا عبارة عن ورشة فنية عمرها أكثر من \5\ عقود تابعت خلالها تطور تجربة زوجي وأبنائي من بعده وأصبح لدي خلفية فنية ورؤية معينة حول مختلف الفنون لذلك فإنني أراقب "فراس" كثيراً وأنتقده وأقول له هذا العمل لا يعجبني وذاك جميل والآخر لم تعطه حقه وهكذا. ما يميز "فراس" أنه ينجز عمله بزمن قياسي ويبذل جهداً مضاعفاً من خلاله ويسعى دائماً لكي يكون مواكباً للواقع بحيث يقدم أعمالاً من وحي الحدث».
فيما يقول الفنان "باول صابور": «اختار "فراس" مدرسةً من أصعب المدارس وأكثرها دلالةً على قدرات الفنان ومواهبه الإبداعية وهي "الواقعية"، أعماله دقيقة جداً وتحتاج إلى صبر ورؤية فنية عالية المستوى، يبدو واضحاً من خلال المنحوتات الخاصة به أنه متمكن من فنه ولديه رسالة خاصة في فن نحت الوجوه والتماثيل العملاقة، كما أنه استطاع أن يكرس الحالة الإبداعية لديه في خدمة الديكور وصمم أعمالاً مميزة تسجل له في صفحة التاريخ الفني لعالم النحت».
جاره في الحي الصحفي "محسن عمران" قال عنه: «فنان متفرد العطاء.. يستوطن الابداع بين يديه.. وترسم أصابعه قدسية الوطن، يشكل صلصاله الحس الواقعي الانساني في مجتمعنا يغترفها من واقع الحياة فتبدو أعماله قمة الروعة والجمال، يمارس طقوس الاحتفال مع كل ولادة جديدة لإحدى منحوتاته وما زال نهر كنوزه دائم الجريان».
جدير بالذكر أن الفنان "فراس علاء الدين" شارك في معارض عدة منها: معرض جبلة، جامعة تشرين، ملتقى قصائد الفن التشكيلي، معرض دائم مقهى النوفرة، معرض دائم دمشق القديمة، مهرجان دبي 1999\2000 مشاركة مع مجموعة فنانين عرب في عمل نحتي بالشارقة.