«هو "منصور بن سرجون بن منصور" ابن عائلة دمشقية حافظت على إيمانها وتقواها، أصبح راهباً ومعلماً ثم قديساً من "دمشق" للعالم». وهو ما يقوله الأب "سامر الصايغ" عن "يوحنا الدمشقي".
موقع "eDamascus" التقى السيد "جورج خوري" أحد سكان منطقة "حنانيا" فيقول: «إن شخصية مثل "يوحنا الدمشقي" أعطى المنطقة الكثير من العلم في مجالات مختلفة، وإن إنجازاته مازالت تؤثر في ثقافتنا وحياتنا، ولعل تسمية الكنائس والشوارع والأماكن الثقافية باسمه كانت من الأمور الهامة للحفاظ على شخصية دمشقية عريقة كهذه».
توفي القديس "يوحنا الدمشقي" سنة 749 م على الارجح في ديره المذكور بعد أن أمضى حياة طويلة في النسك والتأليف، دفن هناك وبقي قبره مزاراً حتى القرن الثاني عشر ومن ثم نقلت عظامه إلى القسطنطينية وبقيت هناك
زار الأب "سامر الصايغ" ليروي لنا سيرة هذا القديس ويطلعنا على أهم مؤلفاته، فيقول: «"يوحنا الدمشقي" هو "منصور بن سرجون" ابن عائلة دمشقية عريقة حافظت على إيمانها المسيحي وتقواها، عرفت بفضيلتها ومكانتها السياسية والاجتماعية ومحبتها للعلم، ولد عام 675 م كان أبوه "سرجون" يعمل في بلاط الخليفة الأموي "يزيد" وظيفة إدارة أموال الدولة التي تعادل وزير المالية في أيامنا هذه، درس "يوحنا الدمشقي" اللغة فأتقن اليونانية لغة الطبقة المثقفة والسريانية لغة الكنيسة وقتها وبرع أيضاً بالخطابة، الهندسة، الفلسفة والموسيقا».
تفتخر الكنيسة الانطاكية بخروج عدد كبير من قديسيها وشهدائها وآبائها المعلمين والطوباويين بامتدادها الواسع ومسيرتها الروحية بتاريخها العميق، ومن "دمشق" عاصمة الحضارات والثقافات ظهر العديد من هؤلاء القديسين المباركين نعتز بهم ونقيم لهم التذكار لما أضافوا من تعاليم وتوجيهات ومعرفة على مختلف الصعد والأشكال، ومن هؤلاء الأبرار القديس "يوحنا الدمشقي" الذي ولد وعاش في "دمشق" كما رأينا، وألّف أهم الكتابات الكنسية مع وضع أجمل الألحان البيزنطية.
هنا يتابع السيد "سامر": «بعد وفاة والده "سرجون" خلفه بالعمل ذاته في إدارة أموال الدولة، وكان يخدم بلاده بكل تقوى وحكمة ولكن هذا المنصب لم يمنعه من الزهد والاهتمام بالشؤون الدينية فكان متقشفاً مصلياً، وعندما أصبح في الثلاثين من عمره في أيام الخليفة "عبد الملك بن مروان" ترك عمله ووظيفته وقرر أن يبدأ حياة جديدة في خدمة الكنيسة، ذهب الى دير القديس "سابا" في "فلسطين" ودخله راهباً مبتدئاً صارفاً كل وقته في تعاليم الكتاب المقدس متعمقاً في اللاهوت الكنسي والمعرفة الروحية وتتلمذ على يد البطرك "يوحنا الأورشليمي الرابع" متخذاً يوحنا اسماً له بدلاً من منصور وهذا من أحد التقاليد والقوانين الرهبانية».
ويضيف الأب "سامر" متطرقاً إلى ناحية ثانية في حياة القديس "يوحنا" فيقول: «انصرف "يوحنا الدمشقي" في دير القديس "سابا" إلى تأليف القوانين والتراتيل الكنسية فهو من وضع الألحان البيزنطية المستخدمة في الكنيسة إلى هذا اليوم ومن أهم التراتيل التي أضافها إلى الخدم الكنسية هي "خدمة مديح السيدة العذراء" تقال في الكنيسة إلى يومنا هذا في كل يوم جمعة خلال صوم الفصح».
يتابع الأب "الصايغ" قائلاً: «توفي القديس "يوحنا الدمشقي" سنة 749 م على الارجح في ديره المذكور بعد أن أمضى حياة طويلة في النسك والتأليف، دفن هناك وبقي قبره مزاراً حتى القرن الثاني عشر ومن ثم نقلت عظامه إلى القسطنطينية وبقيت هناك».
ثم يضيف الأب "سامر": «من أهم مؤلفات القديس "يوحنا الدمشقي" كتاب من ثلاثة أقسام عنوانه "ينبوع المعرفة" يتكلم فيه عن الإيمان المستقيم وتاريخ البدع والهرطقات، استحق "يوحنا الدمشقي" فيما بعد لقب "مجرى الذهب" لجمال ما وضعه من تراتيل وكلمات مع الألحان التي تترنم بها الكنيسة إلى يومنا هذا».
كما التقينا السيد "معن حتويك" أحد سكان منطقة "دمشق القديمة" الذي حدثنا قائلاً: «في عام 1864 تم بناء كنيسة في "دمشق القديمة" اتخذت اسم القديس "يوحنا الدمشقي" شفيعاً لها وبجانب هذه الكنيسة يوجد مدرسة قديمة اسمها مدرسة "الآسية" يدخل طلابها إلى الكنيسة كل يوم لنيل بركتها وشفاعة القديس "يوحنا الدمشقي" ثم يدخلون إلى صفوفهم ويوجد حارة صغيرة على اسمه أيضاً وهناك مدرسة في "دمشق" بمنطقة "القصاع" على اسم القديس».
يتابع الأب "الصايغ": «تعيد الكنيسة في الرابع من كانون الأول في كل عام تذكار هذا القديس المجيد ونحن نعتز أن كافة البطركيات الأرثوذكسية في العالم تحتفل بقديسنا وشفيعنا "يوحنا الدمشقي" ويردد فيها بعض الترنيمات عن القديس "يوحنا"».
ومن هذه الترانيم للقديس "يوحنا الدمشقي": «ظهرت أيها اللاهج بالله "يوحنا"، مرشداً إلى الإيمان المستقيم، ومعلماً لحسن العبادة والنقاوة، يا كوكب المسكونة وجمال رؤساء الكهنة الحكيم، وبتعاليمك أنرت الكل يا معرفة الروح، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.
هلموا نمدح البلبل الغرّيد الشجي النغم، الذي أطرب كنيسة المسيح وأبهجها بأناشيده الحسنة الإيقاع، أعني به "يوحنا الدمشقي" الكلي الحكمة، زعيم ناظمي التسابيح الذي كان مملوءاً حكمة إلهية وعالمية».