السيران في يوم الجمعة يعدُّ تقليداً هاماً لدى معظم الدمشقيّين، يلتجئون فيه إلى أحضان الطبيعة هرباً من ضجة المدينة وضغوطات الحياة.
موقع eDamascus جال في بساتين "غوطة دمشق" وكان لنا اللقاءات التالية.
من خلال اطلاعي على الطقوس الشعبية لبعض الشعوب، لاحظت أن السيران الدمشقي يتميز من غيره في المناطق الأخرى، وذلك نظراً لتعلقه بقضايا التراث التي رافقته منذ البداية، من عادات وتقاليد ومناسبات اجتماعية، في "دمشق" بالتحديد ليس بالضرورة أن يكون السيران مع العائلة، فهنالك سيران الأصدقاء والجيران وأيضاً نزهات ترتبط بمناسبات اجتماعية معينة، كالاحتفال بنجاح أحد الأبناء أو العودة من الحج
السيد "محمد غسان محمد" من "ركن الدين" البالغ من العمر 48 سنة يقول: «ننتظر سيران الجمعة بفارغ الصبر، لأنه يعتبر سيراناً للتواصل مع الأهل والأقارب على مائدة واحدة، ففي كل يوم جمعة نقصد بساتين "الغوطة" للتمتع بنعم الطبيعة التي منحنا إياها الخالق، والأجواء مريحة وهادئة جداً، لقد اعتدنا على سيران الجمعة منذ طفولتنا، كما أنه ضرورة حياتية ملحة لكل إنسان يعيش في المدن، للتخفيف من ضغط العمل وضجة الحياة في المدينة التي نفتقد فيها إلى الهواء النقي، نلجأ دائماً إلى بساتين "الغوطة" لنقضي سيران العائلة بين هذه المساحات الخضراء، وأجمل شيء في السيران هو ضحكات الأطفال التي تملأ الأجواء فرحاً وسعادة، وما أسعدني هو التطور الذي طرأ على هذه المنطقة، حيث زودت بملاعب للأطفال ومطاعم شعبية تلبي حاجات الزوار كافة».
السيدة "نادين عبد الحي" تشاركنا الحديث بالقول: «السيران الدمشقي عادة متوارثة من جيل الأجداد، ولهذا اليوم طقوسه الخاصة لدى جميع المتنزّهين، واكتسبنا عادة قضاء السيران في الغوطة من آبائنا ونفضل الجلوس في الأماكن الشعبية، لأننا من أصحاب الدخل المحدود، بصراحة الأسعار رمزية جداً هنا، العائلة كبيرة وكل فرد يتولى مهمته في السيران، فنحن النسوة نقوم بتحضير التبولة والفتوش والسلطات بينما يقوم الرجال بمهمة الشواء، ونحضر الغذاء بينما نسمع لأحاديث الجدة "أم محمد" وهؤلاء الشباب والشابات يقضون وقتهم باللعب والرقص والغناء، نستمتع جداً في يوم الجمعة بقضاء السيران بين أحضان طبيعة "الغوطة" الخلابة، وسنبقى نحافظ على عاداتنا التي اكتسبناها من الذاكرة الشعبية الدمشقية».
السيد "عبد العزيز حسن أصلان" من مدينة "يلدا" البالغ من العمر 54 سنة، يحدثنا عن العادات في سيران الجمعة بالقول: «هذا اليوم مقدس عند العائلة ونعتبره يوماً ترفيهياً، نرتاح فيه من متاعب الأسبوع بأكمله، والغوطة هي المكان المفضل لدينا لقضاء السيران، نشعر هنا براحة كبيرة، نتأمل جمال الطبيعة ونتمتع بأوقاتنا بالحزازير والأمثلة الشعبية والرقصات، كما نردد الأغاني الدمشقية القديمة، وبالنسة لأهم الأكلات المتوارثة في السيران الدمشقي، هي الفول المدمس والمكدوس والزيتون واللبنة والجبنة والكشكة الخضراء هذا بالنسبة لوجبة الفطور، أما وجبة الغداء فتتميز بالمشاوي نظراً لسهولة طهوها، بالإضافة للمجدرة والفول المقلي والكبة النية والسلطات بأنواعها، ولا يخلو السيران من المشروبات الدمشقية المعروفة مثل شراب التوت والورد والتمر هندي».
السيد "أبو علاء تلجة" أراد أن يتحدث لنا عن أجواء التنزه بالقول: «نأتي للتنزه في كل فرصة ممكنة، وغالباً في يوم الجمعة، نفضل الجلوس في بساتين "الغوطة"، فهي نقطة لاجتذاب محبي الطبيعة، نشعر بارتياح نفسي كبير، وفي كل مرة نتنزه فيها نصبح أكثر إيماناً أن التنزه في الطبيعة يحسن من الصحة النفسية، كما أن الأطفال يلعبون بحرية أكثر بعيداً عن التقيد الرسمي الموجود في المطاعم، والجميل بالسيران في الغوطة هو الجلوس على الأرض، الجو العائلي يسعدنا جداً، فيعتبر السيران فرصة لقائنا العائلي بيوم العطلة، والاجتماع على المائدة التي يساهم بتحضيرها كل أفراد العائلة، فالسيران معروفٌ منذ القدم باحتوائه لأجمل الأكلات التقليدية، والقيام بنشاطات مسلية تبعث السرور في نفوسنا جميعاً، ويبقى يوم الجمعة يحتفظ بأجمل ذكريات العائلة».
الشابة "مريم حاج عيسى" الطالبة في قسم علم الاجتماع، شاركتنا الحديث بالقول: «من خلال اطلاعي على الطقوس الشعبية لبعض الشعوب، لاحظت أن السيران الدمشقي يتميز من غيره في المناطق الأخرى، وذلك نظراً لتعلقه بقضايا التراث التي رافقته منذ البداية، من عادات وتقاليد ومناسبات اجتماعية، في "دمشق" بالتحديد ليس بالضرورة أن يكون السيران مع العائلة، فهنالك سيران الأصدقاء والجيران وأيضاً نزهات ترتبط بمناسبات اجتماعية معينة، كالاحتفال بنجاح أحد الأبناء أو العودة من الحج».