عاشت الموسيقا الكنسية الشرقية لقرون طويلة حبيسة جدران الكنائس، ولم تخرج إلا في العقود الأخيرة لتتحرر وتأخذ مكانها في الاحتفالات والمهرجانات والأنشطة الثقافية التي يمكن أن تجد لنفسها مساحة فيه، وفي "مساحات شرقية" ضمن برنامجها أقيمت حفلة غنائية عن نماذج من الغناء الديني وهي عبارة عن ثلاثة تراتيل بيزنطية باللغتين اليونانية والعربية في "دار القباني" حيث يكون المركز الثقافي الدنماركي، في 26/5/2011 وقام بالأداء فيها "ليفون عبجيان" وحضرها عدد من المهتمين والمتخصصين من عرب وأجانب.

موقع eSyria كان هناك وسجل حولها مجموعة من الأحاديث كان أولها مع السيد المهندس "معين الحي"، مهندس تصميم طرق، ومهتم بالموسيقا السريانية واللغات القديمة، حيث قال: «ما رتله الشباب هو عبارة عن ألحان بيزنطية وعربية وسريانية، ثلاثة ألحان مختلفة، تبين الترابط بين الألحان الكنسية ومدى وحدتها، وأنا أذكر بأنه عندما جاء الرئيس اليوناني لزيارة إلى سورية، قال إن هذه الألحان أخذت من سورية، وسورية لها فضل على اليونان في تقديم الألحان الكنسية».

الحقيقة إن ما سمعناه اليوم من الشاب "ليفون عبجيان" كان رائعاً جداً، وكم تمنيت أن يطول الوقت للاستمتاع أكثر بما أدى من تراتيل بالعربي واليوناني

أما السيدة "نسرين حرب"، فقد قالت: «الحقيقة إن ما سمعناه اليوم من الشاب "ليفون عبجيان" كان رائعاً جداً، وكم تمنيت أن يطول الوقت للاستمتاع أكثر بما أدى من تراتيل بالعربي واليوناني».

جميل ديار بكرلي

بدوره تحدث الشاب "جميل دياربكرلي" طالب حقوق، كاتب وصحفي، ومهتم بالآداب والتراث السرياني، فقال: «"ليفون عبجيان"، أعرفه منذ سنوات واشتركت معه في "حلب" من خلال "فرقة النور" التي أسسها، وهي جوقة مسكونية، وأدينا فيها السرياني والبيزنطي، الجميل لديه أنه يحب أن يعمل حوار بين الثقافات الموجودة، طبعاً "ليفون" لو يتفرغ لموضوع الموسيقا، سيكون مشروعاً لإنسان أكاديمي موسيقي بيزنطي مهم جداً، ما أداه اليوم جميل جداً، هناك ملاحظة أن صوت الشباب وراءه لم يكن بموازاة أدائه، فأداؤه الكامل والمميز لم يتساوَ مع أداء الشباب، وكان هناك تفاوت بينهما، مما أدى لظهور الفجوة في المستوى».

وأخيراً ختم المؤدي الكنسي "ليفون عبجيان"، طالب آثار سنة أولى بجامعة حلب، مختص بالموسيقا البيزنطية المستوى الرابع، بالقول حول ما أداه في هذه الأمسية: «حاولت تقديم ثلاثة تراتيل بيزنطية باللغتين اليونانية والعربية، لثلاث مدارس مختلفة، مدرسة من اليونان، الترتيلة التي قدمتها تقال بآخر صلاة السحر، تكون بالعادة صباحاً قبل أن يبدأ القداس الإلهي، وهي من تلحين وتعريب "متري المر" وهو من الشخصيات المعروفة، عمل بأغلب الأعمال البيزنطية بالقرن الماضي، عاش بلبنان وهو متوفى حالياً، ثاني ترتيلة باللغة اليونانية (بواجب الاستئهال) ترجمتها للغة العربية، هي ترتيلة ترتل للسيدة "العذراء" تقال في القداس باللحن السادس، من المدرسة "القسطنطينية" للترتيل باللغة اليونانية، كتبها ملحن عالمي عاش في القرن الماضي اسمه "ستانيتساس"، الترتيلة الثالثة (أنتم الذين بالمسيح إعتمدتم) تقال أيضاً بالأعياد ضمن القداس الإلهي في اللحن الأول، وحاولت أن أمزج بين اللغة اليونانية ومحاولات التعريب المعاصرة للموسيقا البيزنطية، وهي من تعريب الأستاذ "جوزيف يزبك"، مدير مدرسة جبل لبنان للموسيقا الكنسية البيزنطية».

معين الحي

الجدير ذكره أن الحفلة تقام ضمن فعاليات الملتقى الدولي الثاني للموسيقا الشرقية في سورية "مساحات شرقية"، وبرعاية وزارة الثقافة.

جانب من الحضور