على خشبة مسرح "دار الكتب الوطنية" بحلب تقدم أسرة "أحلام كبيرة المسرحية" العرض المسرحي "كاسك يا وطن" وذلك برؤية عصرية وبنفس شبابي في لفتة فنية مشكورة يهدف القائمون بها إلى إحياء الحياة المسرحية في المدينة.
بتاريخ 11/5/2011 حضر موقع eAleppo العرض والتقى الأستاذ "مضر رمضان" مخرج العمل بشكله الجديد والذي حدثنا بالقول: «بدأت فكرة العمل أساساً من قبل الفنان "عمر حجو" حيث كان بصدد تجهيز مشروع مسرح الهواة الدائم لتأمين عرض مسرحي يومي في مدينة "حلب" بهدف إعادة الحياة للمسرح وتعويد الناس على وجود عمل مسرحي يومي وبالتالي الارتقاء بالحركة المسرحية في "حلب" وتشجيع الناس على ارتياد خشبات المسارح في المدينة بعد القطيعة الطويلة مع المسرح.
حتى بالمدينة التجريدية الموجودة نلاحظ أن الفريمات في البيوت كلها مشغولة باللون الأبيض وهذا له مدلول آخر وهو أن كل بيت من هذه البيوت تجري فيها أحداث أخرى كالأحداث التي تجري في بيت "سعيد" و"رضية"
من هذا المبدأ اقترح الفنان "عمر حجو" أن نخرج المسرح بأبهى صورة له ونرتقي بالجمهور وذلك بالاعتماد على أعمال مسرحية مضمونة الجمهور مسبقاً وهي بمعظمها تعود إلى الفترة الذهبية في سورية كالتي قدمتها "أسرة تشرين" في سبعينيات القرن السالف مثل "ضيعة تشرين" و"غربة" و"كاسك يا وطن" وتم التواصل معي بهذا الخصوص لاعتماد أحد هذه الأعمال فوافقت بالعمل على "كاسك يا وطن" تأليف "محمد الماغوط" و"دريد لحام"».
وحول سبب اختياره لمسرحية "كاسك يا وطن" بالذات قال "مضر رمضان": «اخترت هذا العمل بالذات وهو من ضمن مسرح الشوك الذي قدمه الفنان الكبير "دريد لحام" و"أسرة تشرين" المسرحية لأنني لاحظت بأنه أكثر الأعمال مطاطيةً حيث نستطيع كفرقة العمل على تجديده واللعب به كما نريد وأهم من ذلك هو أنه بمقدرونا إعداده بما يواكب العصر الحالي، إن عمل "كاسك يا وطن" باعتماده على المشاهد القصيرة والمنفصلة عن بعضها /مع اتصالها ضمن عمل موحد طبعاً/ فتح لنا هامشاً كبيراً من الحرية كفريق عمل حتى نعالجه ليواكب مسرح 2011 والذي يعنينا كشباب وبالتالي خلق نوع من الموازنة بين "كاسك يا وطن" في سبعينيات القرن الماضي و"كاسك يا وطن" التي يقدمها اليوم مجموعة من الشباب المحكومين بالاندفاع والطاقة الشبابية.
طبعاً العمل ضمن هذا المشروع يعتبر مغامرة لأننا نتعامل مع عمل فني محفور في الذاكرة السورية وفي الضمير السوري وهو عمل أكبر من كونه عملاً فنياً باعتباره من الأعمال التأريخية لسورية، وملامسة الذاكرة السورية هي عملية تدخل في إطار المغامرة والخطورة ولذلك فإننا في خطوة من خطوات التجهيز لهذا العمل كنا حذرين جداً وكنا نحكم اندفاعنا بحنين للماضي».
وأضاف مخرج العمل: «الفكر الماغوطي والفكر الغواري والقضايا التي نادوا بها وعالجوها ضمن "كاسك يا وطن" ما زلنا ننادي بها ولكننا قمنا ببعض التغييرات على مستوى الشكل بما يواكب الواقع المعاصر بمختلف جوانبه.
"كاسك يا وطن"- الشبابي- ليس عملاً مسرحياً بقدر ما هو حب للوطن فهو عمل وطني وقومي بعيد عن الصبغة السياسية المباشرة يعمل فيه مجموعة من الشباب الذين دفعهم حب الوطن وحب المسرح لخلق موازنة بينهما فكان "كاسك يا وطن"، الذي هو بالنتيجة اندفاع مجموعة من الشباب وحنين بعض الفنانين مثل الفنان "عمر حجو" إلى ما قدمته "أسرة تشرين" في الفترة الذهبية للمسرح السوري.
الأستاذ "دريد لحام" حضر العرض والحمد لله كان رأيه إيجابياً جداً وأثنى على العمل ولهذا فأنا افتخر بكل ما قاله حول العمل واليوم اتصل بنا وطلب تدوين هذه التجربة لكوني مخرجها من خلال تأليف كتاب اسمه "تجربتي في كاسك يا وطن"».
وختم الأستاذ "مضر رمضان" حديثه بالقول: «اعتقد بأننا من خلال هذا العمل فتحنا الباب واسعاً في مدينة "حلب" أمام الآخرين من خلال تحميسهم وتشجيعهم للعمل ومن الممكن أن نشاهد أعمالاً خالدة أخرى في الذاكرة السورية مستقبلاً لتقدم بطريقة عصرية وبروح مغايرة وباندفاع شبابي».
مصمم ومنفذ ديكور العمل المهندس "حسام سودة" تحدث حول التغييرات التي أحدثها في العمل الجديد من ناحية الديكور بالقول: «بالنسبة لي كمهندس ديكور فقد واجهت تحدياً كبيراً في العمل الجديد لأنه من المفروض أن يرى المشاهد ديكوراً جديداً ومختلفاً تماماً عن العمل القديم عندما تفتح الستارة وتشعل الإنارة عند بداية العرض، ولذلك أخذت النص وقرأته وكأني اقرؤه لأول مرة ونسيت تماماً العمل القديم وبدأت العمل على هذا الأساس.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى حاولت الاعتماد في الديكور الجديد على الرمزية والتجريد أكثر من الواقعية فالمشاهد التعبيرية هي واقعية إلى حد ما ولكن مجمل الأحداث التي تجري ضمن المسرحية هي أحداث شبه مبهمة وفوضوية ولذلك كان من واجبي كمهندس ديكور البحث في النص وتحليله وإخراج كل ما هو مخزون في داخله بأفكاري ورؤيتي أنا ومن هنا عملت على التجريد أكثر من الواقعي وحاولت أن ألمس فلسفة المكان أكثر من واقعيته.
مثلاً استخدمت الأسود والأبيض كمدلول على الخير والشر والنقاء وعدم النقاء أما التدرجات الموجودة بينهما فهي التدرجات الفضية واللون الفضي هو مجرد شيء موجود ومبهم فرض نفسه فرضاً على المدينة المبهمة والرمزية.
كما رأيتَ فإنّ منزل "سعيد" و"رضية" موجود على المستوى الثاني وهذا لغاية نفسية كي أحاكي خلالها اللا وعي عند المشاهد عبر رؤيته البصرية فهذا الارتفاع مدروس تماماً كمساحة ولكن المشاهد وهو جالس لا يرى المساحة التي يتحرك فيها وهي بيضاء تماماً ونقية، أما اللون السفلي فهو أسود وقاتم، وباللا وعي عند المشاهد يشعر بالضيق والتوتر وبالتالي ينشد لكل كلمة يقولها الممثلون».
وأخيراً قال: «حتى بالمدينة التجريدية الموجودة نلاحظ أن الفريمات في البيوت كلها مشغولة باللون الأبيض وهذا له مدلول آخر وهو أن كل بيت من هذه البيوت تجري فيها أحداث أخرى كالأحداث التي تجري في بيت "سعيد" و"رضية"».
وأخيراً التقينا ببعض الممثلين الشباب المشاركين في العمل الذي حدثونا حول هذه التجربة، الممثل "عبد الستار الحرك" قال: «أؤدي عدة شخصيات ورقصات في العرض المسرحي، إن تجربة "كاسك يا وطن" تجربة شبابية حلوة أفادتنا في محاولة إعادة عرض مسرحي قُدّم سابقاً من قبل كبار الفنانين السوريين، هذه العمل صعب وله جمهور كبير ولذلك فإن العمل فيه شكل تحدياً كبيراً لنا كي نستطيع أن نطوّر النص ليواكب المرحلة الحالية ويكون له نفس القوة والصدى».
الممثلة "زينة إسماعيل" قالت: «أقوم بأداء ادوار الفنانة الكبيرة "هالة شوكت"، هذه التجربة صعبة وذلك بأن تعمل على عمل كبير قُدّم في الماضي من قبل فنانين محترفين وعندما يأتي الجمهور ليحضروا "كاسك يا وطن" برؤية عصرية فهذا يفرض علينا مسؤولية كبيرة وبالتالي إن رضاهم يجعلنا نشعر بالسعادة».
الممثلة "ريم بيطار" قالت: «دوري في العمل هو "رضية" زوجة "سعيد"، والتجربة كبيرة وغنية وصعبة وقد استفدت كثيراً منها وكذلك من خلال عملي في الفرقة عموماً حيث ساهم ذلك في تطويري الفني وكذلك قدمت هذه التجربة لي المزيد من الخبرة بالنسبة لعمري الصغير كشخص تعمل في المسرح».
الممثل "الأمير عزت نعال": «أقوم في العمل بتأدية عدة أدوار، لقد عملت في هذه الأدوار والشخصيات بشكل مختلف عما اشتغله الفنانين الكبار وأتمنى أن أكون قد وُفقت في ذلك، والتجربة أفادتني في أن اسمي سوف يقترن بأسماء الفنانين الكبار من أمثال "دريد لحام" و"عمر حجو وغيرهم».
يُذكر أنّ العمل هو من تأليف "محمد الماغوط" و"دريد لحام" وإخراج الأستاذ "مضر رمضان" والإشراف الفني للفنان "عمر حجو" وإدارة الفرقة للفنان "غسان مكانسي" وتصميم الديكور وتنفيذه للمهندس "حسام سودة" و"رفعت شرباتي" ويستمر عرضه على خشبة دار الكتب الوطنية حتى 15/5/2011.