لا تزال محافظة "الحسكة" على موعدٍ مع اللغة العربية صباح مساء في أسبوع عيدها، فهي التي كانت دائماً الحاضر الغائب في كل الأنشطة، إلا أن أهلها أبو إلا أن تكون الحاضر الحاضر في أسبوع عرسها، الذي يشارك فيه كل الوطن، فطالما كنا نتغنى بها على الغير، إلا إننا اليوم نتغنى بها عليها.
لقد كان المركز الثقافي على موعدٍ مع اللغة العربية ليغوص فقي هويتها ونسبها، موقع eHasakeh حضر الأمسيةالتي أقيمت بتاريخ 23/2/2011 والتقى بدايةً أستاذ اللغة العربية "محمد صالح العلي" فقال: «لا يمكن لي أن أبدأ الحديث إلا بما قاله أحد المفكرين "إن الهوية العربية هي لغة وثقافة ووعاء حضاري، عندما تتشكل هذه الهوية تتقاطع مع الجغرافيا والتاريخ لتشكل مفهوم القومية، واللغة العربية هي روح هذه الثقافة وحامل إبداعاتها"، لقد فاخر العرب بأن الوحي الإلهي جاء بلغتهم والقرآن الكريم كتب بذات اللغة، ويكفينا فخراً أن هذه اللغة قد حفظها الله تعالى بحفظه لكلامه، لقد شاب اللغة على مر الزمان بعض الأمور التي تمخض عنها لهجاتٌ مختلفة، لكن الأصل محفوظ وقابل للعودة متى استحضرناها، واليوم نرى العودة للغة أخذت تفرض نفسها بعدما توجهت "سورية" برمتها لهذا النهج».
أنا عضو في اللجنة لتمكين اللغة العربية، نحن نجتمع بشكلٍ شهري لنتدارس كل ما يمكن له أن ينهض بواقع اللغة، اليوم نحن نسعى لأن يكون التعامل بهذه اللغة في المجتمعات المحلية، مع علمي أن اللهجات الموجودة في المحافظة كثيرة والألوان مختلفة، ومع علمي أن تطبيق الفصحى أمر بعيد المنال، لكن مجرد المحاولة هو تقدم بالنسبة لنا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدلل على أن اللغة لا تزال تسكن في وجداننا كعرب، برأيي يمكن للتكثيف من الندوات التخصصية باللغة أن تُحدث شيئاً، وأضعف الإيمان أن تبقى منابر اللغة تصدح لمن يشتهي أن يُطرب آذانه بجمال رنتها
يتابع "العلي": «لقد أصبحت اللغة العربية اليوم بحاجةٍ إلى التمسك بها أكثر من أي وقتٍ مضى، فالصراعات التي تنشب اليوم هي صراع وجودٍ من عدمه، لقد درجت بعض المصطلحات الدخيلة على ألسنة الناس بشكل لم نستشعر به، وهذا برأيي هو أمرٌ خطير لأن هذا الأمر يمكن تشبيهه بالماء الجاري، على أن نشبه اللغة بالسد المنيع لكن متى وجد هذا الماء متنفساً له، أخذ يعبّد طريقة ليندفع بكمياتٍ أكبر، من هنا أنا أقول أن الحذر واجب للحفاظ على الهوية التي تُكسينا إياها اللغة العربية، على ألا يُفهم من كلامي شن حربٍ على اللغات الأخرى، فمن تعلم لغة قومٍ أمِن مكرهم، ولا أجد خيراً من الشعر لأختم كلامي حيث يقول الشاعر:
إني أحبك كي أبقى على صلةٍ/بالله بالأرض بالتاريخ والزمن
أنت البلادُ التي تُعطي هويتها/من لا يُحبك يبقى دونما وطنِ».
الأستاذ "عبد الرحمن الأحمد" يقول: «أنا مدرس لغة عربية ولا أرى ما يراه زملائي من التخوف على اللغة، هذه اللغة التي أمضت ما ينوف عن 2000عام، ولم يتمكن أحد من المساس بدقتها أو فصاحتها، ستبقى عصيةً حتى على الزمن القادم، هذه اللغة علاوةً على تميزها عن اللغات في الإحاطة بكل الأمور، فهي قد ضربت في أرحام العديد من اللغات، وعلى سبيل المثال اللغة الأجنبية التي هي الأكثر دخولاً علينا، يوجد فيها الآلاف من الكلمات العربية، بينما قامت العربية بتعريب الكثير من الكلمات الغريبة الداخلة عليها، من خلال أل التعريف أو إضافة حروف الجمع والتثنية، أنا برأيي أن اللغة العربية بخير وأن اللهجات التي انشقت عنها لا تؤثر عليها، بدليل أن أي شخصٍ متعلم يستطيع أن يتحدث الفصحى بطلاقة، وحتى غير المتعلم إذا سمعها سيفهمها وسيرددها، أي بمعنى أن اللغة العربية لا تزال تسكن في عروق كل من يلفظ الضاد».
السيدة "غادة السعيد" رئيسة الاتحاد النسائي قالت: «أنا عضو في اللجنة لتمكين اللغة العربية، نحن نجتمع بشكلٍ شهري لنتدارس كل ما يمكن له أن ينهض بواقع اللغة، اليوم نحن نسعى لأن يكون التعامل بهذه اللغة في المجتمعات المحلية، مع علمي أن اللهجات الموجودة في المحافظة كثيرة والألوان مختلفة، ومع علمي أن تطبيق الفصحى أمر بعيد المنال، لكن مجرد المحاولة هو تقدم بالنسبة لنا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدلل على أن اللغة لا تزال تسكن في وجداننا كعرب، برأيي يمكن للتكثيف من الندوات التخصصية باللغة أن تُحدث شيئاً، وأضعف الإيمان أن تبقى منابر اللغة تصدح لمن يشتهي أن يُطرب آذانه بجمال رنتها».
رئيس دائرة تعليم الكبار الأستاذ "محمد الهجيج" قال: «يوجد لدينا نشاط واسع ومكثف على امتداد مساحة المحافظة، لتفعيل حضور اللغة العربية في كل الميادين، واللغة العربية عصية على أن يتمكن منها أحد، لأنها ولهذا التاريخ تحافظ على قوتها وصلابتها وبناءها، فاللغة تستند إلى قواعد بناء متينة ومستمرة منذ القدم، والجميل في اللغة العربية أنها تتجدد باستمرار، ولا أعني أن يدخل عليها ما يحرِّفها، بل ما أعنيه أن ألقها يُبعث في كل فترةٍ من الزمن على أيدي جهابذةٍ من أبناءها، فلهذا التاريخ كل التغيرات التي حصلت وما تمخض عنها من لهجات، كانت قد حصلت على الأفراد لا على اللغة فنحن من تغير وبقيت اللغة على ما هي عليه، درجت في الآونة الأخيرة بعض المصطلحات والتسميات الدخيلة علينا، لكن لجان التمكين للغة تتصدى لها دون تقاعس، ويمكنني أن ـسوق مثالاً على هذا، فاليوم لا يمكن منح أي ترخيص لمزاولة الأعمال ضمن المحلات التجارية، إلا أن يكون اسم المحل قد عرض على لجنة للغة العربية، ما أود قوله أننا نفتخر بهذه اللغة وبفصاحة التعبير والبيان الذي تمتلكه، أتمنى أن نتحول من مستقبلين لبعض الكلمات إلى مصدِّرين للغة، فاللغة مصدر قوة ومن سادت لغته كانت له الغلبة في كل الميادين».
بقي أن نذكر أنه قد أقيمت محاضرة بهذا الخصوص حملت عنوان "اللغة العربية هوية ونسب"، وقد سبق المحاضرة إلقاء قصيدة شعرية للشبيبية "فايزة السالم"، والتي كانت تدور في فلك المحاضرة