اقترنت مناسبتا الخطبة والزواج في العالم بتقاليد وطرق الاحتفال به من بلد لآخر ومن طوائف وأثينيات وأعراق لأخرى كلّ حسب عاداته، وهذه الطقوس والعادات الموروثة تأثرت بالمعتقدات الاجتماعية في كل منطقة على حدة، إلا أنها ما تزال موجودة، ويعود تشبث البعض بعادات الخطبة القديمة إلى كونها تعكس ثقافة عريقة توارثها الأجيال، و"الشيشان" في مدينة "رأس العين" مازالوا متمسكين بعاداتهم وثقافتهم.
للحديث حول طقوس الخطبة لدى "الشيشان" التقى موقع eHasakeh بتاريخ 18/12/2010 الأستاذ "داود عزت سليم بك" ليتحدث عنها قائلاً: «هاجر أجدادنا من "القوقاز" متنقلين إلى سورية منذ القرن الثامن عشر، وكان آخر الهجرات عام 1864، حيث حاول "الشيشان" اصطحاب عاداتهم معهم ليحافظوا عليها كإرث عبر الأجيال المتعاقبة، وبالفعل استطاعوا الحفاظ على كل مورثوهم بإهمال قليل من اللغة الأم، وأحد أهم المورثات هو حفاظهم على نقاء نسلهم بالتزاوج فيما بينهم، والسبب هنا يكمن في أننا كـ"شيشان" نملك عادات لا يستطيع كل إنسان غير "الشيشاني" التأقلم معها».
هاجر أجدادنا من "القوقاز" متنقلين إلى سورية منذ القرن الثامن عشر، وكان آخر الهجرات عام 1864، حيث حاول "الشيشان" اصطحاب عاداتهم معهم ليحافظوا عليها كإرث عبر الأجيال المتعاقبة، وبالفعل استطاعوا الحفاظ على كل مورثوهم بإهمال قليل من اللغة الأم، وأحد أهم المورثات هو حفاظهم على نقاء نسلهم بالتزاوج فيما بينهم، والسبب هنا يكمن في أننا كـ"شيشان" نملك عادات لا يستطيع كل إنسان غير "الشيشاني" التأقلم معها
وعن عادات الخطبة في المجتمع "الشيشاني" تابع "داود": «الفتاة "الشيشانية" في العادة لا تخرج من بيتها كثيراً، لذا فالخطبة لدينا تقوم على أسس تقليدية فربما يصادف الشاب الفتاة في إحدى المناسبات، أو قيام الأم أو الأخت باختيار الزوجة للشاب، وعند الاختيار يقوم أهل الشاب بإرسال فتاة مقربة من عائلة الشاب إلى الفتاة التي يرغبون بها، وتقوم هذه المرسلة بأخذ رأي العروس بالموضوع، وهنا اخذ مشورة الفتاة هو إذا كان هناك شخص أخر في حياتها أم لا، فإذا وجد انها تحب شخص آخر ينسحب الشاب المتقدم ويتغاضى عن الفتاة، لأن العرف "الشيشاني" يمنع منافسة شخصين على فتاة واحدة، أما إذا وافقت الفتاة على الشاب المتقدم فتطلب أن تأخذ مشورة أهلها "وهذا يدل على احترام الفتاة لرأي أهلها".
وعندها يرسل والد الشاب نساء من أقربائه لزيارة أهل الفتاة أي كما يقال بالعرف العام "طلبة نساء" يتشاورون فيما بينهم حول الموافقة على الخطبة، وهكذا تخبر الوالدتان زوجيهما ما حصل، وفي حال عدم موافقة والد الفتاة على زواج ابنته لا يستطيع أحد التدخل والفرض عليه ويبقى الشاب ينتظر ويتقدم مرة واثنين، وفي حال تكرار الرفض فالشاب يغض النظر عن الموضوع أو يترك فكرة الزواج نهائياً، أما في حال الموافقة فيحدد يوم معين للخطبة، وأيضاً تكون عن طريق النساء وعند تحديد يوم الخطبة يأتي الرجال ويطلبون الفتاة من والدها بشكل رسمي».
وعن بداية مراسيم الخطبة يقول الأستاذ "أيمن تمرخان" قائلاً: «المهر لدينا هو رمزي ومحدد وكذلك المؤخر أيضاً، والمهر سابقاً كان قرابة ألفي ليرة يحدد بمواد عينية كـالقمح مثلاً، أما الآن فهو عشرة آلاف ليرة، وعند قدوم الرجال يوم الخطبة تقام الولائم لدى أهل الشاب وأهل الفتاة، وهذا من باب إعلان وإشهار الزواج الذي هو شرط شرعي في ديننا، عند الاتفاق يتحفظ الشاب عن رؤية خطيبته وأهلها، فلا يشارك الرجال في الخطبة، حتى إنه يتوارى عن رؤية عمه والد خطيبته ووالدتها كما أنه يمنع من الدخول في الحي الذي تسكن فيه طالما لم يتزوجا».
يتابع "تمرخان" حديثه عن عادات الخطبة قائلاً: «أما إذا صادف والد أو والدة الفتاة في أي مكان فيقوم بتغير اتجاه سيره، وهذا التصرف يدل على الاحترام الشديد لأهل الفتاة، وهذا الاحترام أكتسبه أجدادنا منذ بداية اعتناقهم الدين الإسلامي واحترام شرعيته وسنته عن قناعة، لأنه الدين الذي ناسب أفكارهم، أما بعد الإعلان عن الخطبة فتبقى الأمور كما هي، الشاب لا يزور أهل عروسته ولا يراها ولا أهل الفتاة والفتاة يزورون منزل الشاب لفترة غير محددة حتى يحدد يوم يسمى في العرف "الشيشاني" مواجهة العروس التي تعني التلبيسة وهو للنساء فقط، يجتمع فيه أقرباء العريس وضيوفهم الذين يمثلونه من النساء باستثناء والدته، يقوم الشاب فيها بإرسال هدية ومبلغ نقدي للعروس، كما يقوم الأقرباء بإهداء عينات إما نقدية أو مجوهرات للفتاة، وهذه العادة تفرض حتى على الأقرباء.
في السابق لم يكن يحق للشاب أن يتزوج ابنة عمه وعمته وابنة خاله وخالته، لأنهم من دم واحد ويربطهم رابط قوي وكأنهم أخوة، ولكن منذ ستينات القرن الماضي اختلف الأمر قليلاً وكسرت هذه القاعدة وأصبح الزواج ممكناً بين الأقارب، وبعد المواجهة من الممكن أن يحصل النكاح طبقاً للشريعة الإسلامية، ولكن هنا أيضاً بعدم وجود العريس بل يتوكل عنه احد ما، كما يتوكل آخر عن والد الفتاة».
وعن سبب الحفاظ على النسل وعدم المزاوجة مع الأطياف الأخرى يقول الأستاذ "عماد حطاطا" قائلاً: «هنا نظرة مأخوذة ومغالطة عنا كشيشان، والسبب الأساسي في الحفاظ على نسلنا وعدم المزاوجة يعود لعدم قدرة كل الناس في التأقلم مع عاداتنا الموروثة، رغم أن القاعدة تغيرت الآن قليلاً وأصبح هناك تزاوج مع أطياف أخرى، فنحن لدينا عادات خاصة نلتزم بها الصغير ويحترم الكبير فإذا دخل الكبير لمجلس يقوم الصغير من أمامه، وإذا كان لدينا ضيوف مثلاً نبقى واقفين ننتظر أن يطلب كبيرنا أي شيء ونحن مستعدين، وأتوقع أن هذه العادات لا يتأقلم أي إنسان آخر معها بسهولة».