على مسرح الحمراء بدمشق قدمت فرقة "كون" عرضها المسرحي، "حكاية علاء الدين" الذي يتناول مقلوب البطل الأسطوري في حكاية "علاء الدين"، من خلال تكسير مدلولات مفهوم البطولات الخارقة، التي تنسب لـ"علاء الدين"، وفق رؤية تجريبية إخراجية ونصية تحاول انتزاع مفهوم البطل الأسطوري من الحكايا الشعبية في التراث العربي القديم، لترمي به في أحضان الواقع المعيش من حيث البحث عن مفهوم وقيمة جديدة لمعنى البطل في الوقت الحاضر، وذلك في مشاهد منفصلة بعضها عن بعض، يربطها نص الحكاية والموسيقا والغناء الذي اقترب كثيراً ولاسيما من الغناء الشعبي المحلي، وفق أسلوب يمزج بين المسرح والموسيقا.
موقع eSyria حضر العرض في 5/10/2010، ورصد ردود أفعال والمواقف التالية:
يمكن اعتبار ما شاهدناه نوعا من أنواع المسرح لأنه يوالف بين الصوت والحركة والجسد والتمثيل
السيد "عمار أحمد حامد" رأى أن: «العرض وفق من حيث الأداء، وقد بدت الرؤية الإخراجية واضحة على حركات الممثلين، ويبدو أن المخرج أولى عناية للعمل على قدرات الممثل، وكذلك النص وأخص الموسيقا الحية المرافقة، إنه عرض جيد يستحقون الثناء عليه، وهذا نمط جديد من الإخراج نراه لأول مرة في سورية».
الآنسة "مي محرز" سنة رابعة هندسة زراعة، علقت بأنها: «لا أستطيع التعليق على المحتوى الذي لم يصلني بشكل كاف، على صعيد تكسير مفهوم البطولة الخارقة لم يستطع العرض أن يقدم لي ما يريدون بشكل واضح، لكن أحسست أن النص تم التعامل معه على نمط متكرر واحد، قافية واحدة، لكن لا شيء في النهاية، أقصد ليس هناك فكرة يدور حولها العرض عامة، ربما حاولوا أن يوصلوا عبرة لكنها قطعت في منتصفها، لا شيء واضح لديهم، فما معنى لا وجود لرجل؟، وما معنى أننا نبحث في كل حياتنا عن "علاء الدين" والآن لا نجده، فهل مقولتهم هي أن محور حياتنا البحث عن "علاء الدين"؟ ربما برأيهم أن "علاء الدين" هو الرجل الذي قاتل كرمى لمن يحب، ما معنى ذلك اليوم؟».
الفنان "محمد خير الجراح" عبر عن إعجابه بالعرض بقوله: «إن العرض كان لطيفاً، وأنا أعلق من وجهة نظر أنني واحد من الجمهور الذي حضر العرض واستمتع به، والفرقة قدمت عرضاً جميلاً يحرضك على البحث والسؤال في المقولات والرؤية المقدمة، ويكفي أنهم يعملون لأجل الناس وهذا شيء غاية في الأهمية».
الآنسة "جيانا عنيد" طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، أشارت إلى أن: «يمكن اعتبار ما شاهدناه نوعا من أنواع المسرح لأنه يوالف بين الصوت والحركة والجسد والتمثيل».
واعتبرت أن الحدث في النص المسرحي كان «هو العنصر الأضعف في العرض، أحببت نوعاً ما التغريب الذي حاولوا ملامسته بين الشخصيات والتبديل، فقد لاحظنا أن شخصية "علاء الدين" بين الفترة والأخرى كانت تتبدل بين الممثلين، القصص بحد ذاتها من مصدرها التراثي هي بالأصل جميلة، وفي العرض بدت بسلاسة في بعض الأحيان، أما على مستوى النص فكانت المقولة: أنهم يريدون رجلاً في هذا الزمن، هو مفقود غير موجود».
الفنان "فايز قزق" أشاد بالعرض دون الدخول في تفاصيل العمل لأنه حسب رأيه أن أي شيء يجمع الناس هو شيء هام وفوق العادي.
أما الفنان "جهاد عبدو" من الفنانين المشاركين بالعرض يقول عن دوره: «في المسرحية نحن نلعب مجموعة أدوار وأنتقل في دوري بين صديق "علاء الدين" و"العراف" و"علاء الدين" نفسه، ففي البداية لعبت دور "العراف" الذي يهول الأمور والمخاطر لـ"علاء الدين" ويضع في طريقه المعيقات والعراقيل، وهذا يعود بي إلى حالة تربوية مغروسة فينا وهي أننا نهول الأمور ونخشى المجهول مما يحد أحياناً من طموحاتنا وأحلامنا، فغالباً ما يكون عندنا خوف، تردد، رعب، من فشل افتراضي، والجزء الآخر من الدور هو صديق "علاء الدين"، الرجل الصادق المحترم والذي يساعده بكل إخلاص وفجأة يكتشف أنه يساعد شخصاً انتهازياً وصولياً، فهو كان مؤمناً بهدف صديقه الذي يحاول أن يصل إليه، لكن "علاء الدين كما طرحناه لم يكن البطل الإيجابي الذي نعرفه بالقصص الشعبية، وأنا إلى حد ما استفدت من هذه التجربة لأنها قدمت بلغة بصرية وجنس مسرحي جديد على المناخ المسرحي السوري، وأنا أحب المغامرة وأتمنى للمخرج السوري "أسامة حلال" مزيداً من النجاحات، وللمسرح السوري مزيداً من التألق».
السيد "أسامة حلال" مخرج العمل عبر عن سعادته لنجاح العمل والذي تلمسه مباشرة من إقبال الجمهور على مشاهدة العمل ومن الانطباعات والآراء المباشرة التي تلقاها ممن شاهدوا العرض، وعن حكاية العمل قال: «في هذا العرض حاولنا أن نقدم "علاء الدين" البطل في مقارنة بين الحكايا المتوارثة وبين مواصفات بطلنا الحديث المنسجمة مع مفرداتنا والتي هي مفردات العصر الحديث».
وعن الالتباسات التي ظهرت من آراء بعض الجمهور ومن عدم وصول الفكرة بشكلها الواضح يتابع: «لا أستطيع أن أبرر شيئاً ولكننا حاولنا تقديم مقارنة بين البطل الأسطوري والبطل الحديث، واعتمدنا على الموسيقا كأسلوب عرض والذي له علاقة باللعب والموسيقا، فتراثنا هو تراث غنائي ومحكي، أكثر منه علاقة بالبناء والقضايا الأخرى».
الفنان "جمال سليمان" كتب على بروشور العرض: «الإنسان ابتكر الحكاية كي يحافظ على تراكم الخبرة والمعرفة ويعزز ضمانات مستقبله. الحكاية للتسلية. ولكنها وعاء للمعرفة والقيم التي يرغب الأسلاف أن يمرروها للأحفاد. كما نرغب نحن اليوم أن نحتفظ باستخلاصات حياتنا كي نمررها لأبنائنا.
الحكاية كلمات وصور تصنع حكمة ما، لكنها أيضاً أنفاس ونبضات قلوب ولحظات فرح وتعاسة، لحظات خوف ولحظات شجاعة، لحظات ذل، ولحظات كرامة، وقفات مروءة ووقفات خسة.. كلها تصنع وجدان. إننا نحب الحكايات ونصبح أغنى وأكثر جاذبية عندما نحفظها ونرويها. ولكن. .هل من حقنا أن نعيد النظر بتلك الحكايات التي عاشت مئات السنين دون أن تتغير؟.
هل من حقنا أن نشكك في مواقف أبطال الحكاية وأن نتفحص قيمها وحقيقة صفاتها؟ من حق الفن أن يفعل ذلك لأن من واجبه أن يرمي الحجر في المياه الساكنة».
والجدير ذكره أن عرض حكاية علاء الدين كان بمشاركة كل من الموسيقيين "نزار عمران- ترومبيت"، "صلاح نامق- تشيلو"، "إياد عثمان- بزق"، "عامر دهبر- ايقاع"، "جورج أورو- ايقاع"، بالاشتراك مع "ميزا بقدلية"، مساعد مخرج "إياس عويشق"، مدير تقني" سامر حمادة"، إلقاء وتنسيق موسيقي "شادي علي"، تصميم ديكور "زهير العربي"، تصميم أزياء "حكمت داوود"، تصميم إضاءة "نصر الله سفر".
والعرض من إنتاج "مديرية المسارح والموسيقا" وبالتعاون مع إذاعة "أرابيسك".